رئيس التحرير
عصام كامل

عاطف فاروق يكتب: فضيحة في وزاراة التعليم.. طارق شوقي يجدد تعيين أرباب الجزاءات والمحالين للمحاكمات

فيتو

فضيحة من العيار الثقيل، كشفت عنها مجموعة كبيرة من القرارات، وصلت إلى 28 قرارًا، أصدرها مؤخرًا الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، دفعة واحدة بأرقام متسلسلة، عن فساد إداري صارخ شاب هذه القرارات، إذ جاء بعضها بمثابة مكافأة لعدد من الفاسدين، المُدانين تأديبيا، بتوقيع جزاءات عليهم، فيما البعض الآخر محال للمحاكمات متهما بارتكاب مخالفات مالية وإدارية جسيمة.


القرارات المتتالية التي أصدرها الوزير الصادرة بأرقام من 442 لسنة 2018 حتى 469 لسنة 2018، هي بشأن تجديد تعيين 28 مديرًا عامًا بديوان عام الوزارة، بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، كونها شملت تجديدا للثقة بعدد ممن تحتوي صحائفهم الوظيفية سوابق من الجزاءات التأديبية، وعدد آخر من المحالين للمحاكمات بالمخالفة لأحكام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، وأصابت تلك القرارات غالبية العاملين بديوان عام الوزارة والعارفين بهذه القيادات، بالصدمة والذهول.

تضمنت قرارات "شوقي" تجديد تعيين وليد المناخلي، مديرًا عامًا للإدارة العامة لشئون المديريات والديوان العام بالوزارة، وهو أمين سر لجنة القيادات بالوزارة، رغم إحالته للمحاكمة في القضية رقم 93 لسنة 60 قضائية عليا بعد ثبوت عرضه مذكرة على رئيس قطاع مكتب الوزير، تضمنت بالمخالفة للحقيقة عدم اختيار أحد المتقدمين لوظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير لعدم حصولهم على نسبة النجاح، رغم علمه بعدم حسم أمر تلك الوظيفة لوجود تلاعب بشأنها بمحضر لجنة الوظائف القيادية، وكذا حصول الشاكية على 70% في المقابلة الشخصية، ووجود كشط وتعديل داخل محضر اللجنة بالخانة المحددة أمام هذه الوظيفة ــ وانتهى في مذكرته إلى طلب إحالة الموضوع للمستشار القانوني، دون توضيح أن الأخير انتهى برأيه السابق المعتمد من الوزير إلى إحالة جميع التظلمات للإدارة العامة لشئون المديريات لتتولى عرضها على اللجنة الدائمة للوظائف القيادية.

وأعد «المناخلي» مذكرة أخرى للعرض على الوزير وتضمينها رأيين، أولهما يطلب فيه عرض جميع التظلمات للمتقدمين على لجنة الوظائف القيادية، والرأي الثاني إحالة الموضوع للمستشار القانوني لمعرفة مدى جواز إحالة الموضوع للنيابة من عدمه في ظل إقامة الشاكية دعوى قضائية، رغم سابقة انتهاء المستشار القانوني للوزير في مذكرتيه المعتمدتين من الوزير إلى إحالة جميع التظلمات للإدارة التي يترأسها «المتهم» ليتولى عرضها على اللجنة الدائمة للقيادات، وبصفة خاصة أمر المتظلمة وإحالة ما ورد من مخالفات شابت أعمال اللجنة من وجود كشط وتعديل بمحضر أعمال اللجنة الدائمة للقيادات وكشوف التفريغ المرفقة بها للتحقيق بمعرفة النيابة الإدارية متجاهلًا ما ورد بهاتين المذكرتين بقصد التسويف والمماطلة ومحاولة التغاضي عن إحالة الموضوع للتحقيق.

وعرض «المناخلي» مذكرة أخرى على رئيس قطاع مكتب الوزير، ضمنها أيضًا أن المستشار القانوني لم يبد الرأي في البند أولًا بمذكرته فيما يتعلق بعرض جميع التظلمات على جميع الوظائف للمتقدمين عليها على اللجنة الدائمة للقيادات، حيث سبق الرد من المستشار القانوني في هذا الشأن بمذكرته المعتمدة من الوزير، وكذا بمذكرتيه المعتمدتين من الوزير أيضًا، مما دفع المستشار القانوني للرد مرة أخرى على ذلك بمذكرته المعتمدة من الوزير بالالتزام بما جاء بالرأي السابق الانتهاء إليه في ذات الشأن المعتمد من الوزير بالمذكرتين، ولم يتخذ «المناخلي» بالإجراءات القانونية حيال الموافقات الصادرة من الوزير على ما انتهى إليه مستشاره من رأي بمذكراته بعرض أمر الشاكية بشأن عدم تعيينها على الوظيفة على اللجنة الدائمة للوظائف القيادية للنظر في صلاحيتها لشغلها.

كما شمل القرارات تجديد تعيين إيمان محمد حسن، في وظيفة مدير عام الإدارة العامة للتربية الرياضية، وتجديد ندبها رئيسًا للإدارة المركزية للأنشطة الطلابية، وكيل وزارة، رغم كونها المتهمة الثانية في القضية رقم 187 لسنة 58 قضائية.

وبعد ثبوت ارتكابها المخالفات المنسوبة إليها أصدرت المحكمة التأديبية العليا في 21 فبراير 2018 الماضي بإدانتها، لضم الطالبتين نانسى الألفى حسن وملك محمد فاروق في بطولة السباحة التوقيعية دون وجود اسميهما ضمن الكشف المجمع بأسماء الطالبات المشتركات ودون وجود استمارات خاصة بهما، وحررت كشف فردى واستمارات لهما بعد إجراء البطولة، ما ترتب عليه اشتراك الطالبتين في البطولة بالمخالفة للتعليمات والقواعد المنظمة للاشتراك ودون أن يكون لهما الحق في الاشتراك وحصولهما على درجات التفوق الرياضي دون وجه حق، وتراخت في إرسال الكشف المجمع بأسماء الطالبات المشتركات في البطولة والاستمارات الخاصة بهن وفقًا للجدول الزمني للألعاب والصادر عن الوزارة والمبين به آخر موعد لاستلام البطاقات والكشوف لهذه البطولة.

الغريب أنه رغم علم وزير التربية والتعليم بإحالة المتهمة الثانية إيمان محمد حسن، مدير عام الإدارة العامة للتربية الرياضية بوزارة التربية والتعليم، فإنه أمر بترقيتها عن طريق ندبها للوظيفة الأعلى وهى رئيس الإدارة المركزية للأنشطة الطلابية، ومؤخرًا جدد الوزير ندبها إلى وظيفة بدرجة “وكيل وزارة”!

ومن ضمن القيادات «أرباب الجزاءات» الذين شملت القرارات تجديد تعيينهم جمال السيد سليمان، في وظيفة مدير عام الإدارة العامة للشئون المالية، رغم كونه متهما في القضية 157 لسنة 59 قضائية، وأصدرت المحكمة التأديبية العليا حكمها بإدانته ومن معه في 15 نوفمبر 2017 بعد ثبوت ارتكابهم مخالفات مالية وإدارية جسيمة ترتب عليها إلغاء المناقصة العامة لخامات الطباعة وأحبار الكمبيوتر وإهدار المال العام، بوصفهم رئيسا وأعضاء لجنة البت في المناقصة بأن قبلوا العروض المقدمة من الشركات في المناقصة العامة لخامات الطباعة وأحبار الكمبيوتر رغم عدم استيفاء تلك الشركات للمستندات المطلوبة بكراسة الشروط والمواصفات المتمثلة في تقديم شهادة موزع معتمد للأصناف المستوردة، بما يفيد أنها وكيل تجارى للأصناف المستوردة بالمخالفة لما ورد بكراسة الشروط بما ترتب عليه إلغاء المناقصة.

ويؤكد صحة المخالفة المنسوبة للجنة القيادات بوزارة التربية والتعليم بشأن ترقية المحالين للمحاكمات وأصحاب الجزاءات، حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في القضية رقم 151 لسنة 58 قضائية عليا بمجازاة 4 من وكلاء أول الوزارة في ماسبيرو وهم إسماعيل الششتاوي، رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهالة حشيش، رئيس قطاع القنوات المتخصصة ونهال كمال، المستشار برئاسة الاتحاد وإبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار، بوصفهم أعضاء اللجنة الدائمة للوظائف القيادية باتحاد الإذاعة والتليفزيون، لموافقتهم على تجديد تعيين حنان صدقي بوظيفة رئيس الإدارة المركزية للشئون القانونية بقطاع التليفزيون، رغم إحالتها للمحاكمة التأديبية.

ومن ناحية أخرى فإن قرارات وزير التربية والتعليم التي أصدرها في نهاية أكتوبر الماضي بتجديد تعيين 28 من قيادات الوزارة الذين تم تعيينهم في تلك الوظائف في أول أغسطس 2015 لمدة ثلاث سنوات تنتهي في أول أغسطس الماضي، خالفت المادة 20 من قانون الخدمة المدنية التي تنص على أن «تنتهي مدة شغل الوظائف القيادية ووظائف الإدارة الإشرافية بانقضاء المدة المحددة في قرار شغلها ما لم يصدر قرار بتجديدها، حيث يجوز للموظف خلال الثلاثين يومًا التالية لانتهاء مدة شغله لإحدى الوظائف القيادية طلب إنهاء خدمته».

وفي هذا الشأن انتهت الجمعية العمومية للفتوى والتشريع في الفتوى رقم 86 / 6 / 587 إلى أن المشرع اعتنق فلسفة التوقيت في شغل الوظائف المدنية القيادية وجعل شغلها للمدة التي يحددها القرار الصادر بالتعيين، وأنه لا وجه للقول بجواز إصدار قرار بالتجديد بأثر رجعي اعتبارًا من تاريخ انتهاء المدة السابقة لأن عدم صدور قرار بالتجديد قبل الموعد الذي حدده القانون يسقط حق السلطة المختصة في التجديد بعد ذلك لأن التجديد بوصفه أداة قانونية لشغل الوظيفة القيادية يجب أن يكون صريحًا ومكتوبًا وفي الموعد الذي حدده القانون، لأن النص جاء صريحًا في انتهاء الخدمة في الوظيفة القيادية بانتهاء مدتها دون تجديد.

ويضاف إلى ذلك أن عدم صدور قرار التجديد لشاغل الوظيفة القيادية يجب أن يفسر وفقًا لما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه قرار ضمني بعدم التجديد لاتفاق ذلك مع قصد المشرع الذي اعتبر أن شاغل تلك الوظيفة منقولًا بقوة القانون إلى وظيفة غير قيادية اعتبارًا من تاريخ انتهاء مدة شغل الوظيفة القيادية، كما أنه يتعين محاسبة المسئولين عن هذا الإهمال والتراخي في تطبيق أحكام القانون والإخلال بمقتضيات المشروعية التي يتعين على الجهة الإدارية الالتزام بها وعدم الخروج عليها فيما تجريه من أعمال وتصرفات.

"نقلا عن العدد الورقي..."...
الجريدة الرسمية