رئيس التحرير
عصام كامل

ضحايا مدارس «بير السلم».. يارا: اكتشفنا أن المدرسة غير معتمدة صدفة.. والدتها: مستقبل أولادنا «ضاع هدر».. مريم: مش هضيع 3 سنين من عمري لو هقعد في البيت.. والوزارة تشكل لجنة للتحقيق

فيتو

الساعة تقترب من الثانية بعد منتصف الليل، ولا زال طالب الثانوية العامة يذاكر، فليس هناك وقت ليضيع، فالآن هو في الصف الثالث الثانوي، العام الذي ينتظره كل طالب للوصول إلى كليته المفضلة، والعمل لتحقيق حلمه الذي لن يصل إليه إلا بالجد والاجتهاد، ويكافئ والده الذي يواصل الليل بالنهار لتوفير تكاليف الدراسة ومصاريف الدروس الخصوصية.


يتكرر نفس السيناريو كل يوم في منازل معظم طلاب الثانوية العامة سواء كانوا تعليما خاصا أو حكوميا، ولكن يوم الخميس الماضي شهد واقعة نزلت كالصاعقة على عشرات الأسر ممن يبنون حلمهم على أبنائهم ليصلوا إلى مبتغاهم وبناء مستقبل أفضل لهم، فبعد أن وصل أبناؤهم للصف الثالث الثانوي العام في مدرسة نور الخطيب الخاصة التابعة لمؤسسة «الوزير التعليمية» بإدارة السلام التعليمية  اكتشفوا صدفة أن المدرسة ليست معتمدة.

اكتشاف الواقعة 
تقول يارا محمد، إحدى ضحايا مدارس «بير السلم»: "لم نشك للحظة أن مدرسة الوزير غير معتمدة لأن الطلاب الأكبر مننا التحقوا بكليات في جامعات حكومية".

وتابعت: "اكتشفنا أن هذه المدرسة غير مُعتمدة عن طريق الصدفة.. فبعد أن قدمنا أوراقنا لشئون المدرسة لنتمكن من استخراج بطاقة الرقم القومي لم نجد من إدارة المدرسة إلا المراوغة والتأجيل لحين أن ذهب أحدنا إلى الإدارة التعليمية وجاء رد الإدارة صادما لنا جميعًا.. مافيش مدرسة عندنا في الإدارة بالاسم ده".
تداول الطلاب هذا الخبر على صفحاتهم بموقع "فيس بوك": "صعقنا جميعًا لهذا الخبر وقررنا تجميع كل الطلاب والذهاب إلى المدرسة يوم السبت للتأكد من صحة ما تم تداوله على جروبات فيس بوك التي تجمعنا".

إغلاق المدرسة 
أضافت "يارا": "ما إن ذهبنا إلى المدرسة لم نجد أي شيء بها، هرب مالكها وتم إغلاقها وتغيير اسمها لتكون سنترا وليس مدرسة، ذهبنا مع أهالينا إلى إدارة دار السلام التعليمية التي من المفترض أن تكون تابعة لها المدرسة ولكنهم أكدوا عدم وجود المدرسة ضمن مدارس الإدارة ولا يعلموا عنها شيئا، وعندما سألناهم عن كيفية دخول بعض طلابها جامعات حكومية العام الماضي لم نجد ردا، فقررنا الذهاب إلى نيابة دار السلام وحررنا محضر جماعيا رقم 6625".

لم تستطع والدة "يارا" إلا ترديد «حسبي الله ونعم الوكيل في من ضيع مستقبل أولادنا.. مستقبلهم ضاع هدرا وإحنا مش عارفين نعمل إيه.. إحنا سمعنا عن نصب في شركات في فلوس في أي حاجة، إنما أول مرة نسمع عن نصب في التعليم حد يعملنا حاجة عمر ولادنا ضاع هدر».

وكان حال محمود أيمن، كحال جميع ضحايا مدارس «بير السلم»، يستعد ليوم دراسي جديد لتحقيق حلمه بدخول كلية مناسبة، في انتظار اتصال صديقه في المدرسة لكي يذهبوا إلى الدرس بعد أن جهز ملزمته وأخذ ثمن الدرس من والده، ما هي إلا دقائق قليلة حتى جاء اتصال صديقه: «المدرسة اتقفلت، ومالكها أُلقي القبض عليه لأنها غير مُعترف بها، وإحنا كلنا موجودين أمام الإدارة».

يقول "محمود": "طبعًا أنا مقعدتش 3 سنين بذاكر عشان أحقق حلمي أنا وأهلي زي أي حد عادي في الثانوية العامة وفي الآخر يقولولي دي كانت الكاميرة الخفية وأنت لسه في تالتة إعدادي وما دخلتش ثانوي أصلا".
أسرع "محمود" إلى الإدارة مع زملائه ووجدهم جميعا في حالة ذهول وانهيار، ومنهم من وقع على الأرض مغشيا عليه بعد ضياع حلمه.

تذكر "محمود" البطاقة التي استخرجها هو و9 من زملائه فقط من أصل 100 طالب لم يحصل الباقي عليها فيقول:"أنا ماعرفش عملولي البطاقة إزاي وختمهم مزور وهما المفروض ما حدش معترف بيهم وهي مختومة من نفس المدرسة ونفس المدير وأنا عن نفسي مش هعيد تاني من أولى ثانوي ومش هضيع 3 سنين من عمري لو هشتغل صبي قهوجي، وإحنا دلوقت مش عارفين إحنا 3 ثانوي ولا 3 إعدادي".

مبنى تحت الأرض
وعن بناية المدرسة، أوضحت مريم محمد، طالبة بالصف الثالث الثانوي، أن مدرسة الوزير الخاصة عبارة عن مبنى تحت الأرض "بير سلم" في إحدى العمارات بدار السلام.

وتابعت "مريم": "عندما ألقت قوات الشرطة القبض على مالك المدرسة ورأيناه في النيابة قلنا لهم حسبي الله ونعم الوكيل.. فضحكوا لنا باستفزاز".
حال "مريم" كحال معظم زملائها بأنها لو لم تكمل تعليمها من الصف الثالث الثانوي ستترك التعليم نهائيًا، لأنها لن تقبل بضياع 3 سنوات من عمرها.

موقف الوزارة
وأصدرت وزارة التربية والتعليم بيانا، أمس الأول الإثنين، أكدت فيه تشكيل لجنة مكونة من «قطاع التعليم الخاص وتوجيه مالي وإداري وشئون قانونية»، لبحث الواقعة وإعداد تقرير مفصل بالرأي القانوني.
الجريدة الرسمية