رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

المؤلف الموسيقي البحريني وحيد الخان: البعض في الخليج يتعامل مع دور الأوبرا كمسرح للإيجار

فيتو

  • منطقة الخليج تفتقر للأوركسترات المحترفة والمتفرغة
  • عالم "البيزنس" أخذني لفترة بعيدا عن معشوقتي الأولى الموسيقى
  • الشعوب العربية لديها من الوعي والحس الفني ما يجعلها تفرق بين الغث والثمين
  • أعتبر نفسي موسيقيا صاحب هوية قومية خاصة
  • أنا ابن مصر.. عشت فيها ١٢ عاما وأنتمي للجيل الذهبي لـ"الكونسيرفتوار"
  • الوطن العربي ما زال يتلمس الطريق لموسيقى الأوركسترا الراقية
  • تقليعة الإعداد وليس الكتابة التي انتشرت بين ملحني الخليج شيء مؤسف وغير صحي
  • ألبوم (العودة – روح البحرين) هدفه إيصال رسائل المحبة والسلام إلى العالم
  • العالم العربي ظلم فن الموسيقى بحصرها في الأغاني فقط
  • البحرين تستقطب الفنون وتستقبل الآخر... وشعبها متذوق للفن
  • مصر تربعت على عرش الفن العربي.. وسبقت الجميع إلى الأوركسترا
  • دور أوبرا الخليج "مسارح للإيجار" ولا تمتلك محتوى فنيا

لا حدود قد تقف أمام الموسيقى، فهي تأشيرة وجواز سفر غير محدود المدة، يعبر جميع الحواجز بلا تفتيش ومطارات، وهي خير بطاقة تعريف قد تستخدمها الأوطان للتعريف عن نفسها، خاصة لو أنها أول بطاقة تعريف تصل من وطن إلى العالمية.

موسيقى المؤلف البحريني وحيد الخان، هي أول بطاقة تعريف تخرج من البحرين لتعرف عن نفسها أمام العالم أجمع من خلال مؤلفاته الموسيقية التي تحمل روح وطنه في طياتها.. وخلال مشاركته في مهرجان الموسيقى العربية، قابلته "فيتو" على هامشه، ليدور الحوار على النحو التالي:

*هي المرة الأولى التي تشارك فيها بمهرجان الموسيقى العربية.. فما الأهمية التي تجدها في هذا المهرجان عن غيره؟
لقد عدت مؤخرا من أوروبا وتحديدا من جمهورية المجر بعد أن أحييت حفلا موسيقيا على خشبة المسرح الكبير "Kodaly Center" وحاليا لدي عروض لحفلات عدة في عواصم أوروبية أخرى، ولقد باشرت مع فريق العمل التحضير لهذه الحفلات التي ستقام بعد حفل القاهرة، إلا أن المشاركة في مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة وعلى مسرح دار الأوبرا المصرية له طعم مختلف، فهو يضم كل الفنانين العرب والجميل في الأمر أنه يحوي صنوفا شتى من الموسيقى.. فأنا أقدم أعمالا أوركسترالية مع الأوركسترا السيمفوني وآخر يقدم الطرب الأصيل وهكذا، مما يخلق التنوع الجميل، وذلك يدفع الفنان لتقديم أفضل ما لديه لأنه يقف أمام جمهور لا يقبل بغير الأفضل، علاوة على ذلك فإن مصر قريبة إلى قلبي، فأنا أعتبر نفسي ابن مصر، عشت فيها ما يقارب الاثنى عشر عاما، ودرست في المعهد العالي للموسيقى "الكونسيرفتوار"، وزملائي الآن من كبار الفنانين في مصر منهم نادر العباسي، مجدي بغدادي والوزيرة الدكتورة إيناس عبد الدايم والدكتورة جيهان مرسي والكثير من الفنانين فأنا من الجيل الذهبي للكونسرفتوار، لذلك كان دائما ما يصاحبني الحنين لمصر والرغبة لتقديم حفل على خشبة دار الأوبرا المصرية.

*منظومة الأوركسترا في العالم العربي كيف تقيمها وهل أصبحت الأعمال الأوركسترالية ذات رواج عند الجمهور العربي؟
إلى الآن نحن في الوطن العربي في البدايات حيث نتلمس الطريق لهذه النوعية من الموسيقى الراقية، فالموسيقى الأوركسترالية تحتاج إلى مهارات معينة بجانب علم ودراية، علاوة على أن الكتابة الأوركسترالية تحوي صعوبة وتحتاج إلى جهد كبير، بالإضافة إلى أنها غير مجزية ماليا.. وبشكل عام فإن القاعدة الجماهيرية لهذا الفن الموسيقي في الوطن العربي ضئيل فهي تستهوي شغف النخب من الجمهور، لذلك نجد أن الكثير من الموسيقيين العرب لديهم القدرة والكفاءة للتأليف الأوركسترالي لكنهم لا يتجهون إليها لأنها مضنية ومرهقة إلى أبعد الحدود، وفي النهاية مردودها يكاد يكون لا شيء.
مؤخرا انتشرت لدينا في الخليج تقليعة جديدة (موضة) بين الملحنين البسطاء يعتقدون أن حين يقوم بإعداد (وليس كتابة) لحن إلكتروني ثم يعطيه لأحدهم ليقوم بالتوزيع الموسيقي ثم يذهب لتسجيله لينعم أنه قد كتب الأوركسترا، وهذا شيء مؤسف وغير صحي، فالمؤلف الموسيقي يجب أن يؤلف من الألف إلى الياء وليس بطريقة الألحان الغنائية.. الأمور لا تسير بهذه الطريقة وليس هذا المعنى الحقيقي للفن الأوركسترالي، أقولها وليس من باب التعالي – معاذ الله- لقد بدأت الكتابة الأوركسترالية والحمد لله نجحت من خلال ألبوم العودة الذي لاقي نجاحا وصدى كبيرين وردود أفعال غير عادية فاق التوقع من الجمهور سواء كان من البحرين أو الشرق الأوسط خاصة في أوروبا.

* مصر ولبنان كانت من أوائل الدول التي دخلت فيها الأوركسترا.. فلماذا تأخر دخولها إلى الخليج العربي؟
التعليم هو الأساس في صقل المواهب والمهارات بتقنية في عالم المعرفة لتنمية المواهب الخلاقة والفنون لدى النشء، مصر قبل لبنان أو أي دولة عربية كانت سباقة في هذا الأمر، فقد كانت المعاهد الموسيقية النواة الأولى لصقل المواهب لذلك تربعت مصر على الفن العربي بكل أنواعه، وفي الخليج بدأ انتشار دور الأوبرا في عدة عواصم، وبالتالي وجدت دور العرض المجهزة لكن المحتوى غير موجود، فلا يوجد مؤلفات موسيقية ولا مؤلفين مؤهلين في الأوركسترالية، لذلك أصبحت تلك الدور تستورد فرقا من الخارج للتقديم على مسارحها، وهذا يجعل الحلقة غير مكتملة، فلا بد من القائمين على الثقافة والموسيقى والمسئولين في الخليج تشجيع المؤلفين الموسيقيين ودعمهم وتحفيزهم لإيجاد المحتوى وهي المؤلفات ذات القيمة، وكذلك توسيع قاعدة الكوادر الموسيقية المتخصصة في التأليف الأوركسترالي ومن ثم تشكيل الأوركسترا لكل بلد عربي حتى يستوطن هذا النوع من الفن الراقي منطقة الخليج.. البعض في الخليج يتعامل مع دور الأوبرا، كمسرح للإيجار، فتقدم عروضا هزيلة لا ترقى أبدا إلى مستوى دور الأوبرا، وهذا الأمر لا ينطبق على الجميع، غير مدركين أن خشبة مسرح دور الأوبرا لها اعتبارها وقيمتها.

*أنت من أوائل الموسيقيين الذين عملوا على التأليف الأوركسترالي.. فما النقاط التي استندت عليها للدمج بين روح البحرين وموسيقى الأوركسترا؟
في الواقع إن مشواري مع التأليف الموسيقي بدأ منذ الثمانينيات وكتبت العديد من الأعمال الموسيقي الناجحة لكن عالم "البيزنس" أخذني بعيدا عن معشوقتي الأولى الموسيقى، ورغم النجاحات التي حققتها في عالم "البيزنس" فإن هناك حنينا وشوقا وكما تقول الست: "أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ" للعودة إلى معشوقتي.. وحين عدت بدأت في مشروعي الفني (العودة – روح البحرين) ولقد بذلت جهدا كبيرا في كتابته حتى خرج بهذا المستوى.. ويصنف هذا النوع من الموسيقى من فئة (World Music) وهذا الصنف هي الموسيقى التي تصلح لكل الأذواق في العالم.

ويضم ألبوم العودة - الجزء الأول- عشرة مؤلفات موسيقية وأغنية واحدة، تمتاز المؤلفات بأنها كتبت لأوركسترا غربي عالمي وبروح عربية بحرينية، ولم تكن المعادلة سهلة لذلك استغرق هذا المشروع وقتا كبيرا للصياغة والقوالب ثم تقنيات التأليف.

في هذا الألبوم أستخدم نمطا مختلفا، فقد بنيت كل عمل على حكاية نسجتها لإيصال رسائل إنسانية معينة، وقد تكون الحكاية مبنية على تجارب شخصية في مراحل معينة من حياتي قد تركت أثرا كبيرا في وجداني، ثم بعد ذلك، أبني على هذه الحكاية المؤلف الموسيقي، ولا أدري إذا ما كان هناك من سبقني في هذه التوليفة، لذلك يلاحظ المستمع وجود صور ومشاهد مختلفة في كل عمل من أعمالي وتكون نسبة بالموسيقى التصويرية. فمع كل مشهد يتغير النمط والمقام الموسيقي.
والصعوبة تكمن في كيفية إدخال الآلات المحلية بمصاحبة الآلات الشرقية، فنحن في الخليج موسيقانا تمتاز بالآلات الإيقاعية والنسيج الإيقاعي الدسم لكني راعيت عدم الزج بالإيقاع الخليجي بالشكل التقليدي المستمر، وقد استخدمتها لأداء أغراضها فقط إنما ليس لخلق الأجواء الراقصة وبذلك أسبغت عليها بعض الخصوصية.
وفي بعض الأعمال كنت ألامس وأمر مرورا على بعض الألحان الشعبية، بغية الدلالة على زمن معين ومكان معين، فهناك مناطق في البحرين تمتاز بإيقاعات خاصة بها تختلف عن بعض المناطق، تماما كما في مصر، فحين تعزفون "السمسمية" فهي تدل على مكان معين وهو السويس.. وهكذا.
وهناك مقطوعة موسيقية باسم "محبوبتي المحرق " وهي أم المدن البحرينية وهناك عمل آخر باسم "النخلة" وهكذا، وكل عمل مبني على حكاية لها زمان ومكان وبالتالي تكون بموسيقى وأرقام مختلف.

*ما رأيك في الدمج بين الموسيقى التراثية للبلاد العربية والأوركسترا والموسيقى الجديدة.. هل ضيعت أصالتها أم حافظت عليها مع تجديدها؟
الموسيقى إبداع، بمعنى أنه لا يوجد دمج بين هذه وذاك فهي مجرد تعبير على أحاسيس وأجواء مختلفة، والفنان الحاذق يستطيع أن يعمل أي شيء بالموسيقى، أنماط من أي مكان وبأي آلات موسيقية.
وأعتبر نفسي موسيقيا قوميا صاحب هوية قومية خاصة، في ألبومي الحالي (العودة) قدمت موسيقى بروح بحرينية وفي الألبوم المقبل سيكون شيئا آخر وربما لدولة عربية أخرى.

*ما التحديات التي تواجهك خلال رحلتك لحمل الموسيقى البحرينية للعالمية؟
كتابة الموسيقى للأوركسترا يحتاج إلى جهد مضني ومشقة ووقت طويل، علاوة على ذلك، ضعف المردود والمقابل المادي هو تحد آخر حين تقارن هذا بتلحين الأغاني مثلا.
ثاني تحدي، افتقار منطقة الخليج للأوركسترات المحترفة والمتفرغة، وبالتالي عندما تستقدم أوركسترا من الخارج فهذا الأمر مكلف جدا، أما الجمهور فذلك أمر آخر مع أني مؤمن أن الشعوب العربية لديها من الوعي والحس الفني ما يجعلها تفرق بين الغث والثمين، فالبعض يقدم أعمالا لا تناسب الذوق العام لجماهير الدول العربية وليس لها هوية ولا روح وهذا ما يقع فيه الكثير من المؤلفين.

أود أن أذكر أن الأستاذ والمؤلف الكبير جمال عبد الرحيم رحمه الله، أعطاني درسا في حياتي لن أنساه، ففي سنة رابعة من معهد "الكونسيرفتوار" طلب من الطلبة كتابة مؤلفات موسيقية، وحينها بذلت جهدا كبيرا لاستعراض مهاراتي وعضلاتي وقمت بتعليق قطة على أسلوب الموسيقي الألماني "باخ"، انتهيت منه وقدمته ليستمع إليه، وبعد أن فرغ من الاستماع صعقني وقال لي: (إيه ده..؟ ده باخ، طب أنت فين).. كلمات صدمتني لكن علمتني.

*هل العالم العربي ظلم الموسيقى الأوركسترالية بحصرها في مفهوم الموسيقى الغربية؟
العالم العربي ظلم فن الموسيقى بحصرها في الأغاني فقط، الموسيقى تحرك المشاعر الدفينة أما الأغاني فتدغدغ المشاعر وبشكل سطحي، فتجد المستمع يدندن بكلمات الأغنية التي هي من تأليف شاعر وليس مطرب، وليس بالضرورة الملحن ولا الموزع ولا العازفين، وفي جميع الحياة يستحوذ المغني فقط على الثناء ولربما يكون ذلك المغني هو الأضعف ما بين الكاتب والملحن والموضوع والعازفين.

*ما الجديد الذي تحضر له خلال الفترة المقبلة؟
نحن حاليا في طور التجهيز والإعداد لعدة حفلات في الدول العربية والأوروبية بتشجيع ودعم من شخصيات واعية جدا في مملكة البحرين وهذا ما يميز البحرين، الرقي والمشاعر الفياضة تجاه الموسيقى من قبل المسئولين، وذلك مرده كون البحرين من أوائل الدول التي عرفت التعليم النظامي في منطقة الخليج، والبحرين كونها جزيرة تستقطب الفنون وتستقبل الآخر، وذلك مما جعل هذا الشعب في مصاف دول المنطقة تميزا في الإبداع وتذوق الفن.

*ما حلم وحيد الخان للموسيقى البحرينية؟
أن يرى العالم البحرين الذي يراه بالوجه الحضاري والمتميز من خلال مؤلفاتي الموسيقية، هذا هو الهدف الرئيسي من ألبوم (العودة – روح البحرين) إيصال رسائل المحبة والسلام إلى العالم.. ولدي إيمان عميق في داخلي أن بالموسيقى يمكنها أن تنشر رسالة التسامح والحب لكل العالم ويمكننا من خلالها الوصول إلى قلوب جميع البشر ونعبر بها كل الحدود والحواجز.
Advertisements
الجريدة الرسمية