رئيس التحرير
عصام كامل

أيهما أهم المصالح أم الأخلاق في لعبة السياسة؟


قرأت مقالًا للزميل عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق، يؤكد فيه "حقيقة" أن المصالح دائما تسبق الأخلاق في لعبة السياسة، وأن بعض الناس، ومنهم العبد لله، وبحسن نية شديدة يعتقدون أن الحياة مثالية، وأن السياسة وألاعيبها لا تخضع للقواعد الأخلاقية والمثاليات، وصدق رئيس تحرير جريدة الشروق أن من سوء حظ من هم من أمثالي أننا نصطدم بالحقيقة المرة، وهي أن المصالح تغلب الأخلاقيات.


وقارن في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي بين موقف الدول العربية وعلاقتها مع السعودية، وموقف الرئيس الأمريكي الذي دائما ما يؤكد على حجم مبيعات السلاح للسعودية وحجم الاستثمارات السعودية، لأن مصالح الولايات المتحدة أهم من جمال خاشقجي، وعرج رئيس تحرير الشروق إلى موقف بعض الدول الأوروبية التي قال عنها أنها انحازت للجانب الإنساني للقضية، لأن هذه البلدان ليس لها مصالح مع السعودية.

ولا أقول هنا أن رئيس تحرير جريدة الشروق يرى أنه من المهم تغليب وتقديم المصالح على الأخلاق، بل على العكس من ذلك، فما يراه أننا يمكن أن نحلم بألا تتصادم المصالح مع المبادئ، وأن يكون الانحياز للمصالح بطريقة رشيدة وعاقلة وليست فجة، لأن المصالح ستستمر في التغلب على الأخلاق.

أعدت تلخيص مقال الزميل عماد الدين حسين لأهمية القضية التي يطرحها، وهي في الحقيقة تصلح لموضوع بحث متخصص، ما أختلف فيه هو أنه ما لم تتغير قواعد مجلس الأمن والأمم المتحدة لتجبر جميع الدول، ودعوني أقول بأني أحلم كما قال الزميل العزيز، فإننا سنستمر في فقدان إنسانيتنا بشكل سريع، لأننا فقدنا الكثير منها، ولم تكن قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي دخل قنصلية بلاده، وهو آمن، إلا حلقة في سلسلة من حوادث في بلاد عربية مختلفة، ربما لم تلق الوهج الإعلامي الذي تحظى به قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي.

ولفقدان الإنسانية مظاهر كثيرة، من بينها أن يتحول غضبك من النقد إلى دافع لسلوك ينهي حياة إنسان، أو حتى يقلل من حريته، الفرق بيننا وبين بعض الدول الغربية أنها تقدم الأخلاقيات على المصالح.

الرئيس الأمريكي السابق بارك أوباما غلب الأخلاقيات على المصالح، عندما أعلن أمام الجميع في وجود بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن دولة فلسطين يجب أن تقوم على حدود ما قبل حرب 67، وأوقف إرسال وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، ومن بعدها جون كيري للأراضي المحتلة، لأنه كان يعرف أن إسرائيل غير جادة، دعونا نتخيل أن جميع الرؤساء الأمريكيين غلّبوا الأخلاقيات على المصالح، فهل كانت فلسطين ستصبح قضية.

ما لم نطالب بأن يكون هناك تطبيق لمبدأ أن الأخلاقيات تسمو وتعلو على المصالح السياسية، بل ونعاقب من يخالف هذا الدستور سنستمر في السقوط والانحدار، وقتها قولوا على الدنيا السلام، أعرف أني أؤذن في مالطة، وأني أحلم كما قال الزميل العزيز عماد الدين حسين.

الجريدة الرسمية