رئيس التحرير
عصام كامل

عندما تواجه الشرطة البلطجة بحسم


عندما تناولت منذ أسابيع قصة عمود كهرباء متهالك في قرية المطلب - شبلنجة - مركز بنها، وكيف حصل مواطنون مصريون على حكم قضائي بإصلاح العمود على نفقتهم، وكيف تقاعست الأجهزة الأمنية عن تنفيذ الحكم، كنت على يقين أن الأمر لن يمر مرور الكرام، وأن وزارة الداخلية متمثلة في وزيرها اللواء محمود توفيق، لا بدَّ وأن تتدارس ما كتبت، وبالفعل كان ما توقعت، وحدث ما يمكن لكل مواطن أن يفخر به من استجابة أجهزة الدولة عندما يكون الطرح موضوعيًّا.


في الأسبوع الماضي قامت قوة من مديرية أمن القليوبية تعززها قوة أخرى من مركز شرطة بنها، وبعدد من بواسل وزارة الكهرباء وواجهوا كل محاولات البلطجية؛ لوقف التنفيذ، واستمرت المقاومة لعدة ساعات مع إغراق موقع تركيب العمود بالمياه؛ للحيلولة دون التنفيذ.. رفض رجال الشرطة مغادرة المكان قبل تنفيذ الحكم، ولم تمنع المياه الكثيفة رجال ومهندسي وزارة الكهرباء من النزول بملابسهم في هذا المستنقع حتى انتهوا من توصيل الكهرباء بعد التاسعة ليلًا.

ورغم أن القصة هي مجرد عمود إنارة، فإن نتائج تنفيذ هذا الحكم على المجتمع الذي عاش القضية منذ شهور طويلة، كان إيجابيًّا، إذ تصور البعض أن غمر الموقع بالمياه سيمنع رجال الشرطة والكهرباء من التنفيذ، غير أن أمرًا من هذا لم يحدث ونُفذ القانون رغم كل الصعاب والظروف المحيطة، التي أراد بعض البلطجية فرضها على ممثل السلطة التنفيذية، وقام ضباط وجنود وزارة الداخلية مع فريق وزارة الكهرباء بعمل رائع تحت إشراف مأمور المركز وقادة من مديرية أمن القليوبية.

القضية عندما تناولناها لم يكن المقصود فكرة عمود كهرباء أدى سقوطه إلى تهديد زراعات بالموت عطشا فحسب، وإنما قصدنا أن القضاء طريق الراغبين في الحصول على حقوقهم بعيدًا عن البلطجة، وأن عدم تنفيذ الأحكام قد يؤدي إلى فوضى ولجوء الناس إلى البلطجة، باعتبارها الطريق الأسرع للحصول على الحق أحيانًا.

ما أقوله للأسف واقع الآن، لدرجة أن هناك شركات تشتري منك الشيكات، وتلجأ إلى الحصول على قيمتها باستخدام التهديد والعنف إن لزم الأمر وكثيرًا ممن لديهم شكاوى ضد أفراد قد لا يلجئون إلى القضاء، وإنما يلجئون إلى أفراد معروفين بسطوتهم واستخدامهم للعنف والتهديد، وللأسف نتائجهم على الأرض أسرع وأقدر من اللجوء إلى القضاء وطرقه الطويلة المملة، وفي النهاية قد تحصل على حكم قضائي ولا ينفذ.

ولأننا كتبنا منتقدين مأمور المركز وبعض رجال الشرطة عندما تأخر تنفيذ الحكم، فإنه يصبح لزامًا علينا أن نحيي من قاموا بهذا العمل من مهندسي وزارة الكهرباء ورجال الشرطة، وقبل هذا وذاك تحية للوزير النشط اللواء محمود توفيق، وأمنيات باستمرار النجاحات الأمنية في ملف الأمن الجنائي.
الجريدة الرسمية