رئيس التحرير
عصام كامل

أنا أعرف كل شيء!


لم يخلق بعد من يعلم كل شيء.. وفوق كل ذي علم عليم.. وعندما يتصور إنسان أنه يعرف كل شىء فهو وصل إلى مرحلة يحرم نفسه فيها من أن يعرف ما ليس له به علم أو معرفة.. أما إذا كان هذا الإنسان صاحب مسئولية ما فهو لا يضر بنفسه فقط وإنما يضر بآخرين يزيد عددهم بالطبع كلما زاد حجم مسئوليته.


والتاريخ حافل بالكثير من نماذج مسئولين تصوروا أنهم يعرفون كل شىء، ويحيطون علما بكل الأمور، خاصة التي تتعلق بنطاق مسئوليتهم، وهؤلاء أصابهم في نهاية المطاف الإخفاق، حتى وإن كانوا حققوا نجاحا بعض الوقت.

والتاريخ أيضا حافل بنماذج مسئولين كانوا يتصورون أنهم يعرفون كل شىء، ثم اكتشفوا في أعقاب صدمات كبيرة لهم ولغيرهم أن هناك الكثير الذي كانوا لا يعرفونه لأنهم حرموا أنفسهم من معرفته، حينما تصوروا خطأ أنهم يعرفون كل شىء، ولم يكترثوا بما يعرفه الآخرون.

ولدينا في مصر نموذج ينطق بمثل هذه الحقيقة يمكن الإلمام بها بمراجعة محاضر مجلس الوزراء في الحكومة التي شكلها ورأسها الزعيم جمال عبدالناصر بنفسه، بعد هزيمة يونيو.. ففى هذه المحاضر اعترافات واضحة بما وقعنا فيه من أخطاء فادحة، ومراجعات لكثير مما كان يعتبر من الحقائق المسلم بها التي لا تقبل الجدل.. ومطالبات من ناصر نفسه لتصحيح سياسات كان ينتهجها ويدافع عنها بقوة قبل ذلك، وكان يعتبر من ينتقدها من أعداء الشعب. 

لذلك فإن المسئول الذكى هو من يجيد الاستماع إلى الآخرين، وليس فقط من يجيد الحديث اليهم.
الجريدة الرسمية