رئيس التحرير
عصام كامل

الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي


أكد تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أن العقد المقبل سيشهد تقهقر البنوك الأوروبية أمام هيمنة الشبكات الاقتصادية الأمريكية في وول ستريت على الحصة الأكبر في النظام المالي العالمي، مع نشاط زائد للبنوك الصينية المملوكة للدولة، لكن تحد تقدمها مقوماتها وسياساتها المتأخرة عن مثيلاتها الأمريكية.


ووفقا للإحصائيات فإن أكبر خمسة بنوك أوروبية (إنش إس بي سي -آر بي إس - بي إن بي باريبا- باركليز- دويتش بنك) حققت أرباحًا صافية بقيمة ٦٠ مليار دولار في ٢٠٠٧ لتزيد على منافسيها الأمريكيين الكبار (جي بي مورجان- بنك أوف أمريكا- سيتي جروب- مورجان ستانلي- جولدستين ساكس)، أما في ٢٠١٧ فقد تقلصت الأرباح إلى ١٧.٥ مليارا، رغم أن "جي بي مورجان" وحدها حققت ٢٤.٤ مليارا.

كل هذا تحقق بسبب سياسات تقشفية احترافية تهدف إلى تقوية القطاع المصرفي الأمريكي نحو الهيمنة العالمية.. إلى جانب تنسيق وتسهيلات ملموسة تقدمها البنوك الأمريكية للشركات متعددة الجنسيات، ويبرز في الأفق ملمح تضارب المصالح الأوروبية الأمريكية إلى جانب تخوف من تصدر ترامب بسياساته الأكثر حدة في مشهد الرئاسة لتتحول أمريكا من حليف إلى منافس.

وفي مقال سابق لي بعنوان "من يحكم العالم" نشر منذ عام، أجابت أبحاث المعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا على سؤال من يحكم العالم بعقلانية، بدراسة التأثير الدولي للشركات عابرة القارات، فقدم الباحثون "ستيفاني فياللي" و"جيمس جلاتفيلدر" و"ستيفانو باتيسون" شرح لما يسمى بشبكة الشركات العالمية الكبرى..

وهي الشركات متعددة الجنسيات وعلاقتها بالتحكم في الأوضاع الاقتصادية حول العالم، ويشرح كيف أصبحت هذه الشبكة أشبه برابطة العنق على حد تعبيرهم، أي إن الجزء الأكبر من الشركات يمثل الجزء الأدنى من الرابطة في حين أن مسارات التحكم في توجهاتها يأتي من أعلاها في العقدة الصغيرة، مما يجعل هذه الشركات المتمثّلة في هذه العقدة هي القوى العظمى الحقيقية في النظام العالمي.

المهم في البحث هو الأسانيد والدلائل الموضوعية من خلال دراسة ٤٣٠٦٠ شركة متعددة الجنسيات ومرتبطة ومتداخلة في ملكياتها طبقا لتقرير منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي، والسؤال الذي طرح نفسه الآن: من يمكن أن يتحكم في سياسات الشبكة؟

فكانت الإجابة الصادمة أن ٨٠٪‏ من إمكانية التحكم تتركز في أيدي ٧٣٧ شركة، وبشكل آخر تمتلك هذه الشركات قدرة على التحكم توازي عشرة أضعاف ثروتها، وبالتالي يتحكم في قرارات هذه الشركات حاملي النسب الأكبر من الأسهم، وتصل قدرة الشركة ذاتها إذا وجدت في الجزء الأكثر تعقيدا في ربطة العنق إلى ٥٠٪‏ من التحكم، مقارنة بنسبة ٦٪‏ إذا كانت خارج العقدة، وبالثروة نفسها..

كما أثبت الدراسة أن ٤٠٪‏ من التحكم في يد ١٤٧ شركة كبرى في قلب العقدة، وبالتالي يمثلون قوة عظمى تحكم العالم، والمفاجأة الكبرى أن ٧٥٪‏ من الشركات داخل قلب العقدة هم وسطاء ماليون كالبنوك وشركات الاستشارات المالية والبورصة.

لذا تحقق الشبكات الأمريكية المالية قسطًا من الهيمنة المتزايدة لتشكل أحد ملامح القوة العالمية في النظام العالمي الجديد.
الجريدة الرسمية
عاجل