رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«دعوة بنتي قوتني».. حكاية «أم» انتصرت على المرض اللعين في 365 يوما

فيتو

"في أحد الأيام عند عودتي إلى المنزل بعد إحدى جلسات العلاج الكيماوي، كنت أشعر بإرهاق شديد، ويأس يتملكني، فلم أكن قادرة على التنفس بشكل طبيعي، كنت أنظر إلى طفلتي مريم وهي تلهو بجانبي وفور سماعها لصوت الأذان رفعت يديها إلى السماء ودعت: (يا رب ماما تخف) تلك اللحظة شعرت أنني استجمعت قواي من جديد وأنني قادرة على أن أنتصر على المرض اللعين وأن أعود لحياتي الطبيعية ولابنتي وزوجي".. تقول آية الشريف، واحدة من النساء اللاتي تمكن من هزيمة مرض السرطان والشفاء منه.



تروي آية عبد الناصر الشريف في حوارها لـ"فيتو"، رحلتها مع المرض اللعين منذ بداية إصابتها ومراحل العلاج القاسية التي كادت أن تأخذ منها روحها وكيف قاومته ووصلت إلى مرحلة الشفاء التام.


تقول آية: "لست من محبي الذهاب إلى الطبيب، لكن في إحدى الليالي شعرت بوخز شديد في جانبي الأيسر ذهبت على إثره إلى عيادة أحد الأطباء الذي طلب مني إجراء بعض الفحوصات، عائلتي من حولي شعرت بخوف شديد على، لم أعط للأمر اهتماما، ذهبت بالنتائج إلى الطبيب وكانت بصحبتي والدتي وهناك شرح لنا الطبيب إصابتي بالمرض اللعين".

داخل إحدى العيادات جلست "آية" ووالدتها في انتظار نداء اسمها للعرض على الطبيب، دلفت بقدميها داخل غرفة الكشف، جلس الطبيب خلف مكتبه وضع نظارته الطبية على أنفه، بدا الارتباك على وجهه، تابعته آية ووالدتها ويدور في ذهنهما الكثير من التساؤلات، فجأة وقف الطبيب ونظر إلى آية بوجه جامد ونطق: "أنت عندك سرطان"، عجزت آية عن الحديث وزرفت عينا والدتها الدموع، وراح الطبيب يستطرد في شرح إصابتها: "سرطان في الغدد اللمفاوية، وعلينا عمل فحوصات أخرى لنعرف إلى أي مدى انتشر المرض في جسدك وفي أي مرحلة أنت".

صمت مطبق، ولحظة سكون غلفت الكون في تلك اللحظة، لم تنطق "آية" بكلمة واحدة، أخذت والدتها وخرجت مسرعة من العيادة.

يناير ٢٠١٨.. أول جلسة كيماوي
كان العام الجديد بالنسبة لـ"آية" مختلفا بشكل كبير، فهي تدخل عامها الـ28 وهي تحمل في داخلها مرضا لعينا ينهش في خلاياها ويقتلها ببطء، تقول "آية": "استقبلت العام الجديد بعلاج مخيف لا يقل مهابة عن المرض ذاته، في المقابل استقبلني العلاج بالكيماوي بأعراض جانبية شرسة ومزعجة لا حصر لها وكانت تختلف من مرة إلى أخرى، وأنا لا حول لي ولا قوة، وقوتي ومقاومتي مع كل جلسة علاج تقل وتضعف وأشعر بالوهن الشديد في كل جسدي".


أعراض العلاج من مرض السرطان لا تقل قوة عن أعراض انتشاره، عندما تبدأ جلسات العلاج تفقد الكثير من روحك، يتغير شكلك ولونك حتى روحك لا تبقى مثلما كانت، تقول آية: "بدأت أعراض العلاج تتمكن مني، طوال الوقت كنت أشعر بالخمول، وعدم القدرة على الحركة، وتغير في لون الجلد، وتقرحات بالفم وتساقط للشعر وفقدان شهية.. كنت أنظر إلى المرآة ولا أعرف من أكون، غابت عني ابتسامتي وروحي الخفيفة، لم يبق سوى هيكل آدمي أخذ منه المرض اللعين متعة الحياة وجمالها، كنت أرى نفسي اتحول إلى مانيكان لا معالم له".

تواصل "آية" الحديث: "العلاج بالكيماوي شرس، يشبه الكنز الذي يحتاج للوصول إليه المرور على الوديان والبحار ومواجهة الوحوش ومصارعة الأسود، عليك أن تقاوم كل شيء حتى حزنك الذي بداخلك، أن تقاوم نظرات التعاطف التي تأخذ منك أكثر مما تعطيك".

أن تكون مريض بالسرطان عليك أن تتحلى بالإيمان وأن تعلم أن هناك دائما طريقا للعودة، في لحظات الضعف إن استسلمت سيأخذك المرض اللعين إلى العالم الآخر، ستفقد أحبتك وأسرتك وأصدقائك، تقول آية: "مرت على لحظات يأس كثيرة، قررت أكثر من مرة أن استسلم للموت والمرض اللعين، الضغط النفسي آلمه أكثر من آلام العلاج، أوقات كثيرة كنت اتمنى الموت فقط للحصول على راحة ولو لدقائق معدودة، أحيانا كثيرة كنت أشعر أنه لا معنى للحياة أشعر كأنني غائبة عن الوعي لكني مدركة نصف إدراك لما يدور حولي".


أغسطس ٢٠١٨.. بداية الأمل
كان موعد ثالث جلسة للأشعة لتعرف "آية" إلى أي مدى تقدمت في العلاج، حينها فتح الطبيب بابا للأمل أعاد لها الحياة من جديد: "هناك تحسن كبير وملحوظ في العلاج ولمواجهة المرض ليس عليك سوى التمسك بالأمل وأن تؤمني أنه اختبار من الله"، حينها ابتسمت "آية" ودار في ذهنها سؤال وحيد "لسه يا رب الابتلاء مخلصش.. طيب أنا راضية يا رب ومكملة".

كان العلاج بالكيماوي صعبا لكن المهمة انتهت بنجاح، والآن بدأت مرحلة العلاج بالأشعة، لكن لسوء الحظ كانت "آية" تعاني من فوبيا من نوع خاص: "العلاج بالأشعة يتمثل في وضع ماسك على الوجه لمدة زمنية، لكنني كنت أعاني من فوبيا من نوع خاص، كنت عندما أضع الماسك على وجهي تحاصرني نوبات خوف وهلع وشعور بالغرق".

٢٣ سبتمبر ٢٠١٨.. النجاة
الطبيب يستقبلها بابتسامة عريضة، وينطق بهدوء: "أنت تروحي تدبحي حاجة بقى"، الأم دموعها تنهمر من الفرح، وآية تفتح عينيها على اتساعها وتسأله ببراءة: "قول والله".

يكمل الطبيب حديثه بهدوء: "أنت الآن بصحة جيدة ولا وجود للمرض في جسدك، مع الوقت أعراض العلاج ستختفي وستعودين مثلما كنت في الماضي، يمكنك أن تعيشي حياتك من جديد".


Advertisements
الجريدة الرسمية