رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إصلاح الإعلام يتحقق إذا اختفت الوجوه المتلونة!!


هل تشهد الفترة المقبلة ضخ دماء أو وجوه جديدة قادرة على إعادة صياغة المشهد الإعلامي بقوة ومصداقية أم يجري الاكتفاء بنقل مذيعين من فضائية لأخرى وتغيير أسماء البرامج وشكلها دون تغيير حقيقي في المضمون والغايات مثلما رأينا فيما جرى من صفقات في الفترة الأخيرة.. وأكبر مثال على ذلك "برنامج حكاية لعمرو أديب على قناة إم بي سي مصر" الذي لم يقدم أي جديد عما كان يقدمه على قناة أون.


الفضائيات ليس أمامها إلا الحفاظ على ما بقى لها من مصداقية ومشاهدين "إذا كان له أصلا مصداقية أو مشاهدين" بعد تدني نسب المشاهدة وتدهور أحوالها المالية وتراجع إيراداتها بصورة فادحة.. الأمر الذي يطرح سؤالًا مهمًا.. ما دامت الفضائيات مشروعا خاسرا وعبئًا اقتصاديًا ثقيلًا فلماذا يبقى عليها أصحابها.. وكيف يعوضون هذه الخسارة.. وما أهدافهم من وراء استمرار هذه الفضائيات.. أهى وسيلة لحماية رأس المال بالصوت الإعلامي الزاعق.. أم لممارسة الابتزاز وتحصين المال.. وما أجندات عمل برامج التوك شو داخليًا وخارجيًا؟!

فراغ الساحة السياسية من الساسة والأحزاب الحقيقية بعد أحداث يناير أدى إلى ظهور برامج التوك شو التي مارست دورًا غير دورها، وصارت لاعبًا رئيسيًا في تعبئة الجماهير وتوجيههم واجتاحتها حمى الانفلات والتطرف في الرأي لدرجة أشعلت نار الاستقطاب والتخوين والانقسام والتشكيك في أي شىء وكل شىء.. بعضها انطلق بعشوائية وبعضها لخدمة أجندات داخلية وخارجية.. ثم جاءت مواقع التواصل الاجتماعي لتزاحم الإعلام على عقول المشاهدين.. ووقفت الحكومة والبرلمان متفرجين فلم يحاولا تعويض هذا الغياب وتمتين حبال التواصل مع المواطنين الذين لم يجدوا مفرًا من الالتفاف حول تلك البرامج.

وليت الإعلام استثمر هذا الفراغ للتأثير في عقول الناس بما ينفع الوطن والمواطن ويثير قضايا المرحلة وأولوياتها الواجبة للتوعية بمخاطر الصراعات التي سيقت إليها المنطقة والمؤامرات التي حيكت للإيقاع بدولها في أتون الفوضى والتناحر والتقسيم الذي رسم بعناية فائقة من الاستعمار الجديد..

لكن الإعلام للأسف أعمته المصالح الضيقة والرغبة في زيادة نسب المشاهدة وجني ثمرات الإعلانات عن المصالح العليا للبلاد، والتي كانت تقتضي منه تحليل ما يجري بهدوء وعقلانية، بعيدًا عن التعصب والتشنج والهوى وتنشيط الذاكرة القومية بالأمجاد التاريخية التي تسهم في رفع الروح المعنوية وتقوية الجبهة الداخلية وتوحيد الصف الوطني..

فوجدنا إعلامًا سادرًا في الغي عشوائيًا بلا جدول أعمال ولا بوصلة وطنية لإنقاذ سفينة البلاد من أمواج عاتية وأنواء عاصفة تأتيها من كل مكان لإضعافها وكسر شوكتها وإخراجها من معادلة القوة والتأثير في محيطها الإقليمي والدولي.

التوك شو بدا كحمى ضربت الفضائيات بلا هوادة، فلم يأبه بتقاليد المهنة ولا بميثاق شرفها ونهش الخصوصيات، وخاض معارك التشويه واغتيال السمعة والتضليل فكانت النتيجة كارثية في السياسة والاقتصاد والأخلاق والمجتمع، وجاءت تشويهًا للوعي وتشويشا للرأي العام وحرفًا لبوصلته عن الوجهة المثلى.

إصلاح البيت الإعلامي لن يسفر عن إصلاح حقيقي يشعر به الناس إذا استمرت الوجوه القديمة المتلونة الآكلة على كل الموائد في كل العهود.
Advertisements
الجريدة الرسمية