رئيس التحرير
عصام كامل

نوفمبر الأسود في أمريكا.. انتخابات التجديد النصفي تحمل رياحا سياسية عاتية.. فوز «الحمار» بأغلبية الشيوخ يهدد عرش «الفيل».. قص جناحي ترامب أو عزله.. إسرائيل تستعد للبديل.. والعرب نا

مجلس الشيوخ الأمريكي
مجلس الشيوخ الأمريكي

تتجه أنظار العالم، يوم 6 نوفمبر المقبل، إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة سير عملية انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشيوخ هناك.

رجل البيت الأبيض

في الماضي، كانت لا تحظى هذه الانتخابات بقدر الاهتمام التي تناله الانتخابات الرئاسية، لكن مع وجود الرئيس الحالي، دونالد ترامب، داخل البيت الأبيض كممثل للحزب الجمهوري في المنصب، وارتباكه الملحوظ في الملفات الخارجية، تنشغل الدوائر السياسية في العواصم الأخرى بهذه العملية الانتخابية، بين طامح في فوز الديمقراطيين بهدف كبح جماح رئيس متهور، وبين حالم بفوز الجمهوريين بهدف استكمال صفحات ملفات مفتوحة وجدت بها توافقا مع هذه الإدارة.

أدوات العالم الثالث

وأظهرت التقارير الإعلامية واستطلاعات الرأي خلال الأسابيع الماضية، مدى الحزب الجمهوري –شعاره الفيل- من صعود نجم غريمه السياسي الحزب الديمقراطي –شعاره الحمار-، بسبب مخاوف مؤسسات الدول العميقة من طريقة ترامب في الحكم، وتصدع شعبيته بسبب سلسلة من الفضائح استغلت فيه أدوات العالم الثالث في تشويه الخصوم السياسيين، من خلال تسريب مكالمات و"سي ديهات" إباحية، ونشر مذكرات تستهدف النبش في التاريخ.

خريطة الصراع

ويقول الكاتب الأمريكي، ألبرت هانت، أنه بناء على أحدث استطلاعات الرأي، فمن المرجح أن تنتقل السيطرة في مجلس النواب من الجمهوريين إلى الديمقراطيين.

لكن احتمالات أن يستطيع الديمقراطيون نزع السيطرة في مجلس الشيوخ ربما تبلغ 25% فقط، فـالديمقراطيون يحتلون 26 من 35 مقعدًا يجري السباق عليها.

ومن بين المقاعد التي يحتلها الديمقراطيون هناك 5 مقاعد في ولايات ذات توجه جمهوري شديد.

ويتقدم الجمهوريون حاليًا بواقع 51 مقعدًا، في مقابل 49 مقعدًا، لكن ليس من الشطط أن نعتقد أن الديمقراطيين ربما يتمكنون من الاحتفاظ بكل مقاعدهم فيما عدا مقعد أو اثنين، وأن ينتزعوا مقعدين أو ثلاثة من الجمهوريين.

ويحتاج الديمقراطيون أن يحققوا مكسبًا صافيًا بواقع مقعدين كي تكون لهم السيطرة على مجلس الشيوخ، وهناك 6 سباقات رئيسية على مقاعده، وهي:

أولا- فلوريدا: السباق في هذه الولاية مهم ومكلف للغاية، ويخوض السباق، بيل نيلسون، الديمقراطي الذي يشغل المقعد منذ 3 فترات ضد الحاكم الجمهوري، ريك سكوت، ونيلسون ليس مرشحًا مثيرًا للحماس.

لكن الديمقراطيين يشيرون إلى أن سكوت فاز في السباق على منصب الحاكم بهامش ضئيل للغاية في عامي 2010 و2014، وهي سنوات كانت حسنة الطالع لـلجمهوريين، لكن هذا العام ليس كذلك بالنسبة لهم.
وبينما يشير الجمهوريون إلى استطلاعات رأي مؤيدة لهم قليلًا، لكن الديمقراطيين يواجهون سكوت الذي أنفق 20 مليون دولار في الصيف الجاري في مهاجهة نيلسون، لكنه لم يتقدم رغم هذا، ويعتقد الديمقراطيون أن جمهور الناخبين الذين يدعمهم التزايد السريع في أعداد المنحدرين من أمريكا اللاتينية سيكونون أكثر ميلا إلى «الديمقراطيين» بنسبة 5% عن المرة الأخيرة التي خاض فيها سكوت السباق.

ثانيا- نورث داكوتا: وهذه تمثل هدفًا مهمًا لـلجمهوريين، حيث تواجه الديمقراطية، هيدي هيتكامب، التي تشغل مقعد الولاية في مجلس الشيوخ تحديات صعبة من النائب كيفين كرامر، الذي يمثل الولاية برمتها.

وهيتكامب سياسية مستقلة التفكير تغلبت على تحديات كبيرة، وكرامر ليس مرشحًا مثاليًا، لكنه أفضل من أي مرشح نافسته هيتكامب من قبل.

ثالثا- أريزونا: هذه الولاية، إلى جانب نيفادا، تمثل هدفًا مهمًا للديمقراطيين في عملية استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ.

ويخوض السباق في الولاية، النائبة كريستين سينما، الديمقراطية المعتدلة ذات التوجه الليبرالي، ويجري في وقت لاحق هذا الشهر سباق تمهيدي مرير في الحزب الجمهوري بين مرشح المحافظين من التيار الرئيسي، النائبة مارثا مكسالي وبين اثنين من الجناح اليميني، وإذا فاز أي من المرشحين من الجناح اليميني، فإنها ستكون ضربة قاضية لسينما، لكنها ما زالت متقدمه قليلًا على مكسالي.
رابعا- ميسوري: كان الجمهوريون واثقين قبل أشهر من أنهم سيطيحون بالسيناتور الديمقراطية كلير مكاسكيل، التي تشغل المقعد في ولاية تتحرك باستمرار نحو الجمهوريين.

واستقطب الجمهوريون المدعي العام جوش هاولي البالغ من العمر 38 عامًا، وهو مرشح صاحب رصيد براق، ويحظى بدعم الحزب والمحافظين من أنصار ترامب.

لكن «هاولي» تورط في بعض الفضائح الصغيرة، ومكاسكيل تحتاج لتغيرات كثيرة، وقد يساعدها مبادرات الاقتراع على جعل تعاطي الماريجوانا قانونيًا للأغراض الطبية، ورفع الحد الأدنى للأجور، وهي إجراءات قد تجذب عددًا أكبر من الناخبين «الديمقراطيين» على الأرجح.

خامسا- إنديانا: في هذه الولاية شعر «الجمهوريون» بالسعادة حين أطاح رجل الأعمال مايك براون بعضوين يشغلان مقاعد في مجلس النواب في الانتخابات التمهيدية.

لكن هناك سؤالًا عما إذا كان براون صالحًا تمامًا للسباق ضمن الحزب الجمهوري.

ويشير استطلاع رأي ديمقراطي بحسب الكاتب، إلى أن سكان إنديانا منقسمون بالتساوي حول ترامب، ومايك بينس نائب الرئيس الحالي وحاكم الولاية السابق سيدعم براون لتجنب إحراج في ولايته الأم.

سادسا- تينيسي: حتى العام الماضي، هذه الولاية لم تكن من الولايات التي يتطلع إليها الديمقراطيون، لكن حين أعلن السيناتور الجمهوري، بوب كوركر الذي يشغل مقعد الولاية في مجلس الشيوخ استقالته، قفز إلى السباق فيل بريديسن، الحاكم الديمقراطي السابق الذي يتمتع بشعبية كبيرة.

وبريديسن يخوض السباق ضد النائبة اليمينية مارشا بلاكبيرن، ونتيجة السباق ستتوقف على مدى قدرة الجمهوريين على أن يصوروا بريديسنبأنه من اليسار، أو أن يتذكر الناخبون سجله الجيد كحاكم قبل 8 أعوام.

مخاوف ترامب

وكانت وسائل الإعلام الأمريكية قد حصلت على تسريب لتسجيل صوتي لترامب خلال اجتماع مغلق مع رجال الدين الإنجيليين في البيت الأبيض، نهاية أغسطس الماضي.

وقال ترامب، خلال الاجتماع، إن انتخابات التجديد النصفي ليست مجرد استفتاء عليه فحسب، بل أيضا استفتاء "على دينكم، إنه استفتاء على حرية التعبير"، محذرا من أن تنقلب سياسته إلى عنف.

وتتوقف قدرة ترامب على الحكم خلال آخر عامين في ولايته على نتيجة هذه الانتخابات، وفي حال سيطرة الديمقراطيين، فاحتمالية عزله من منصب واردة في ظل التحقيقات حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية لصالحه ضد منافسته الدميقراطية هيلاري كلينتون، أو على الأقصل قص جناحيه وتحويله إلى رئيس منزوع الدسم فاقد لشرعية القرارات المصيرية.

استعداد إسرائيل

الاحتلال الإسرائيلي الذي يجيد فن اللعب داخل السياسية الأمريكية، أدرك مبكرا أهمية المتغير الحادث، وسارع بإصدار توصيات لنخبه السياسية بضرورة تحسين العلاقات مع كوادر الحزب الديقراطي التي تصدعت إبان حكم الرئيس السابق باراك أوباما– يستعد لتحرك سياسي لدعم مرشحي حزبه-.

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية، في تقرير لها، أنه "في اليوم التالي للانتخابات، سيكون رئيس صديق لإسرائيل، ولكن مقصوص الجناحين وفي حصار سياسي".

مشيرة إلى أن "استطلاعات الرأي تؤكد أن الحزب الجمهوري سيتكبد هزيمة نكراء وسيخسر الأغلبية التي لديه في مجلس الشيوخ وفي الكونجرس".

وأضافت، أن الحزب الديمقراطي سينتصر ويحقق الأغلبية في المجلسين، مبينة أنه "من ناحية الساحة الأمريكية الداخلية، ستكون لمثل هذه النتائج معان مصيرية"، مشددة في الوقت ذاته على أن "الأغلبية في المجلسين هي لحزب هو ليس حزب الرئيس، هي ظاهرة معروفة في الولايات المتحدة، وتكرر نفسها كل بضع سنوات".

واستدركت الصحيفة بقولها: إن "هذه المرة ستكون فيها نتائج انتخابات منتصف الولاية استفتاء شعبيا على رئاسة دونالد ترامب، ما يؤثر على فرصه في الانتخاب لولاية ثانية"، مؤكدة أن "الأغلبية الديمقراطية في المجلسين كفيلة أيضا بالمبادرة في البدء في عملية تنحية الرئيس"، وفق تقديرها.

العرب نائمون

في الوقت الذي يستعد العالم لهذه الانتخابات ويدرك مدى خطورتها والتداعيات المستقبلية لها على السياسية العالمية، دخلت المنطقة العربية في نوم عميق يعكس مدى عدم انشغالها بما يجري في بلاد العم سام.

ويرى مراقبون أن العديد من العواصم العربية تنتظر النتائج فقط لترتيب ملفات حساسة ومهمة متعلقة بالسياسية الداخلية، متجاهلة تأثير هذا المتغير المحتمل على صعيد الدبلوماسية الدولية، وتركيبة التحالفات الدولية المرتقبة.


الجريدة الرسمية