رئيس التحرير
عصام كامل

الليرة في تركيا


لا شك أن هناك تساؤلات عن أسباب انخفاض قيمة العملة في تركيا والتي تعكس توجهات للدولة أكبر من مقياس للناتج المحلى، حيث إن قيمة العملة هي تمثل القيمة المضافة للناتج المحلى وقدرته على إشباع حاجات المواطن في الداخل وقدرته على الوجود في الأسواق العالمية، أي وجود طلب عليه، وهو ما يعكس ارتفاع قيمة العملة الوطنية ويؤدى إلى ارتفاع مستوى المعيشة في النهاية.


منذ أكثر من ١٠ سنوات توسعت تركيا في الاقتراض بهدف إقامة دولة صناعية، ومع مرور الزمن دخلت تركيا إلى نطاق الاقتصاديات الكبرى في أوروبا، حيث أصبحت في المرتبة الثالثة بعد ألمانيا وإنجلترا.

بعد تهديدات ترامب بمنع الاستيراد وخوفا من الحصار وعملا على تخفيض نسبة الفائدة المدفوعة محليا لا بد لتركيا أن تقوم بتخفيض العملة على أن تعود قيمة العملة إلى قيمتها فيما بعد وذلك تجاوزا للأزمات قبل نشوئها، طالما كان هناك القدرة على مواجهة ذلك، وقد تتجه إلى اعادة شراء العملة مرة أخرى، وتقوم ببيع الدولار وتحقيق مكاسب من ذلك..

وقد دعمت قطر تركيا بنحو ١٥ مليار دولار في أزمتها علاوة على الحيلولة دون خروج المستثمرين لانخفاض تكاليف الإنتاج ومرتبات العمالة والذي يحفزهم لشراء الأصول كمخزن للقيمة والإنتاجية بدلا من اقتناء الدولار.

النتيجة إيجابية لصالح الاقتصاد التركي حيث زادت فرصتهم لزيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة وجذب الاستثمار وتخفيض وارداتها وزيادة تصدير العمالة، مما يَصْب في النهاية إلى زيادة قيمة العملة المحلية مرة أخرى.

الوضع في تركيا لا يسمى انهيارا إنما تخفيض، ولا يوجد خلل هيكلى يدفع إلى ذلك، وكما فعلت الصين لتخفيض عملتها من قبل أمام الدولار الأمريكى يمكن أن تعمل على ذلك دولا أخرى حتى وإن كان ذلك سيضر بالمواطن ومدخراته بالعملة المحلية، كل ذلك لأجل الحفاظ على حصتها السوقية وبالتالي قيمة عملتها على المدى الطويل.

تركيا ليست مثل الدول الناشئة في مجموعتها مثل الهند والمكسيك والبرازيل وجنوب أفريقيا فإن اقتصادياتهم تدار بمفهوم المؤسسات وليست دولة الرجل الواحد، وهذا يفسر التقلبات الحادة الناتجة من اتخاذ قرارات دون النظر إلى كل التداعيات، فدولة المؤسسات قادرة على تحقيق الاستقرار بصورة أكبر من دولة الرجل الأوحد.. ستمر الأيام وسنرى. 

وفى النهاية أدعو الله أن يحفظ البلاد جميعا والعباد فخلافنا مع حكومتهم وليس مع الشعب التركي.
الجريدة الرسمية