رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات من داخل «طائرة البابا».. «تواضروس» يلجأ للزيارات الخارجية لتحسين صورة مصر.. تفاصيل إفشال سيناريوهات الحرس القديم.. القس إنجليوس رفيقه الدائم في سفره.. والكتاب المقدس وأجبية

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني

الأشهر القليلة الماضية، شهدت ما يمكن وصفه بـ«الزيارات المكثفة»، للبابا تواضروس الثانى والتي جاءت بدعوات رسمية سواء لحضور اجتماعات رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في لبنان، أو «يوم الصلاة» بالفاتيكان.

«دبلوماسية الكنيسة».. لم تعد مجرد عبارة تدل على أنشطتها الخارجية، لكن يمكن القول إنها أصبحت منهجًا، خاصة أن البابا حرص خلال زياراته الأخيرة على التقاء المسئولين والرؤساء في غالبية الدول التي يزورها.

متابعون للشأن الكنسي، يرون أن البابا تواضروس، يلعب دورًا دبلوماسيًا في الدولة، وهو ليس جديدا، لا سيما أنه مارس نفس الدور إبان ثورة 30 يونيو، بعدما رفض التدخلات الخارجية بذريعة حماية الأقباط، وخلال زيارة البابا الأخيرة للبنان التقى رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريري، وأكد له أن مصر تخوض معركتين كبيرتين، الأولى متعلقة بمواجهة الإرهاب، والثانية معركة اقتصادية تواجهها الدولة بإقامة المشاريع الضخمة المتنوعة، مشددا على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة يحاولان إعادة مصر للمسار الصحيح.

ومن لبنان إلى الفاتيكان.. حيث التقى البابا تواضروس، الرئيس الإيطالى، وأكد أن المصريين شعب متدين، ولكنه رفض الحكم الدينى مشيدا بمساندة إيطاليا لمصر في محاربة الإرهاب، كذلك لمساندتها مشروعات التنمية التي ينفذها الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية لبناء مصر الحديثة.

وزار البابا تواضروس الثانى أيضا الرئيس النمساوى، ألكسندر فان دير بيلين، واستقبله الأخير في قصره بالعاصمة فيينا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن اتجاه البابا تواضروس للنمسا، كان للاطمئنان على حالته الصحية، فالنمسا هي المقر العلاجى له من آلام الظهر التي يعانى منها قبل توليه السدة البطريركية بسنوات عدة، في حين يعرفها البعض بـ«رحلة الراحة والاستجمام والعلاج الطبيعى».

وفى ذات السياق.. من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيارات خارجية جديدة بينها زيارة للنمسا مرة أخرى، كما أن الولايات المتحدة ستكون على جدول الرحلات الرعوية، حيث من المقرر أن يُرسم «تواضروس» عددًا من الكهنة لولاية فرجينيا، وزيارة بعض كنائس ولاية نيوجيرسي.

والمتابع لزيارات البابا الخارجية يجد أنه منذ 2013 حتى العام الجاري قام بنحو 29 رحلة خارجية، تنوعت بين زيارات رعوية، ورحلات علاجية، وأخرى للمشاركة في الصلاة من أجل الشرق الأوسط، في الفاتيكان، أو المشاركة في اجتماع مجلس الكنائس الأرثوذكسية في لبنان.

ويرافق البابا تواضروس دائما في زياراته الخارجية، القس إنجليوس، سكرتير البطريرك الأول، وكاتم أسراره، حيث إن البابا يعتمد عليه في تنظيم لقاءاته واجتماعاته، كما أنه ينظم جدول الزيارة من البداية إلى النهاية، ويحظى السكرتير بثقة غير متناهية من قبل البابا، وهو ما يظهر في الصور التي يلتقطها البابا، والتي تظهر القس متواجدا بجانب البطريرك.

ويحرص البابا تواضروس قبل السفر على صلاة القداس، أو ما يعرف بـ”أوشية المسافرين “، ويقول خلالها “نطلب من صلاحك يا محب البشر، أذكرنا يا رب وإخوتنا المسافرين، وسهل طرقنا أجمعين، إن كان في البحر أو الأنهار أو البحيرات أو الطرق المسلوكة أو الجو أو السالكين بكل نوع، كل أحد بكل موضع”. 

الجدير بالذكر أن البابا تواضروس لا يمتلك طائرة خاصة، إنما يسافر عبر رحلات شركات الطيران، بحجز مسبق، وعليه يكون لديه متعلقاته الشخصية فقط، أهمها الكتاب المقدس، والأجبية التي تحتوي على الصلوات القبطية.

زيارات «البابا الخارجية» جميعها لا تخرج من مربع «الدبلوماسية»، حيث يقود بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية القوة الناعمة للكنيسة، مستغلًا نفوذها في الخارج لتحقيق مكاسب وطنية، ويمكن القول إنها لتصحيح صورة مصر الخارجية، في ظل الهجمة الشرسة التي تتبناها جماعة الإخوان الإرهابية.

أصوات أخرى داخل المجتمع الكنسى أشارت إلى أن زيارة البابا تواضروس لرؤساء الدول الأوروبية تأتى في إطار خطة الانتشار في الخارج، والتي تشمل إنشاء عدد من الإيبارشيات الجديدة، وقد نجح البطريرك منذ وصوله إلى الكرسى البابوى في زيادة عدد الكنائس في الخارج بنسبة 40 %.

في حين استبعدت مصادر فكرة «خطة البابا للانتشار في الخارج»، وذهبت لتقول إن البطريرك يريد علاقات أكثر تقاربا مع الدولة، وهو ما جعله يحرص على الحديث بلسان الدولة في لقاءاته الرسمية، معللة ذلك بأن البطريرك يريد تقوية جبهته الداخلية مستندًا على علاقته بالمسئولين في الدولة، لمواجهة أي محاولات من قبل «الحرس القديم» لإزاحته من منصبه، خاصة في ظل الغضب الشديد الذي انتاب أعضاء المجمع المقدس بعد زياراته الأخيرة للفاتيكان، والتي فسرها البعض بأنها محاولة للاندماج.

من جانبه، قال الكاتب والمفكر القبطى كمال زاخر: إن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، أجرى زياراته الخارجية، لحضور اجتماعات إما كنائس الشرق الأوسط، أو الكنائس الأرثوذكسية، مشيرا إلى أن لقاءاته مع رؤساء الدول أمر «بروتوكولي»، يخضع لقواعد متبعة.

وأضاف لـ “فيتو”، أن زيارات البابا للرؤساء تأتى لصالح الوطن مشيرا إلى أن الوحدة الكنسية هي شهوة قلب كل مسيحي، وتنفيذا لكلام السيد المسيح، وليس مطلبا سياسيا سواء لأفراد أو البطريرك نفسه.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية