رئيس التحرير
عصام كامل

مطلوب عملية شرطية شاملة


أتت العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» بفضل الله ثمارها، وها هي الحياة تعود لطبيعتها كما كانت عليه قبل الإرهاب في مدن وقرى شمال سيناء، وصارت مناطق العريش ورفح والشيخ زويد وبئر العبد وغيرها التي كنا يوميا- منذ إزاحة جماعة الإرهاب الكبرى على مستوى العالم، والمسماة بجماعة الإخوان المسلمين، أو بالأدق الإرهابيين– نسمع ما يحدث فيها من حوادث إرهابية، وتهجير لبعض مواطني الوطن من الأقباط، واستهداف رجال وسيارات الشرطة والجيش الخ..


في محاولة إظهار هؤلاء الإرهابيين بصورة المسيطر على هذه الأماكن، حيث يقف من خلفهم أجهزة مخابرات كبرى، ودول متورطة في الإرهاب ودعم جماعة الإخوان الإرهابيين، مثل تركيا وقطر، وبالطبع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية التي كانت تحلم بتدمير مقدرات مصر بإعادة هؤلاء الخونة، وعلى رأسهم مرسي (أول جاسوس مدني منتخب)، لكن عزيمة رجال مصر من الجيش والشرطة حالت دون عودة ذلك المخطط، واستطاعوا تطهير 27 نقطة تتمركز فيها التنظيمات الإرهابية.

ونحن الآن نطالب وبشدة بتخصيص عملية عسكرية / شرطية كاملة، تبدأ بعد الانتهاء الرسمي من عملية «سيناء 2018»، وتكون مخصصة لمجابهة خطر ضخم عظيم يهدد الشعب المصري والدولة المصرية، وتكون تلك العملية أهم من معالجة ملف الصحة والتعليم، وذلك الخطر يتمثل في تجارة المخدرات التي صارت منتشرة بصورة تكاد تغرق الحياة المصرية وتهدد وجودها، وتُحشد في هذه العملية كل طاقات الأمن المصري..

حيث تبدأ بإستراتيجية جمع المعلومات عن كل البؤر والدواليب التي تُدار فيها هذه التجارة المسمومة في كل شبر بمصر، ثم بوضع خطط المواجهة بالاستعانة بالجيش، وإلقاء القبض على كل التجار مع تغليظ العقوبة لتصل لحد الإعدام المباشر، وتظل تلك المواجهة حتى يتم القضاء على تلك الظاهرة الخطيرة التي ستقضي على كل شيء في مصر لو تركت دون ردع، ويجب أن ننتبه لفئة من رجال الشرطة، خاصة أمناء الشرطة المتعاونين مع تجار المخدرات، بل يظهرون معهم علانية في المناسبات المختلفة ليعطوا رسالة للشرفاء أن الأمن مع تجار المخدرات؛ فيخاف الموطنون من الإبلاغ عن هؤلاء.

فعندنا أكثر من 13 مليون متعاط للمخدرات بجميع أنواعها، خاصة الأقراص المخدرة والحشيش، نصفهم تقريبا يقع تحت خط الإدمان، أي يستهلك يوميًا أو أكثر من مرة يوميًا جرعته الدائمة من المخدر، ما يعنى أننا أمام كوارث صحية وبيئية محققة، وتحتاج إلى جهود مضاعفة من الجميع للقضاء على المخدرات، حيث وصلت نسبة الإدمان إلى ما يزيد على 11% من سكان مصر.

وبعمل بحث على مؤسسة عقابية تبين أن نسبة 79%‏ من الجرائم يتم ارتكابها تحت تأثير المخدرات وهى جرائم عنف، ومن الكارثي أن نجد أن 7% من طلاب الثانوية العامة مدمنون، والفاجعة الكبرى في وجود أطفال في العاشرة من عمرهم يتعاطون المواد المخدرة.

ونحن يوميا نعاني من جرائم المدمنين التي لم تعد تقتصر على المناطق الشعبية، ولكنها تخطتها للمناطق الراقية، وصارت تتسم بالعنف والشراسة والقتل؛ فالمدن لا يدرك ما يفعل، وهو يقتل في سبيل الجرعة ولا يفهم ما يقوم به تحت تأثير الإدمان، ومشكلة المخدرات لا تقل خطورة عن مشكلة الإرهاب، لأنها تستهدف شريحة مهمة جدا في المجتمعات وهى شريحة الشباب التي من المفترض أن عليها بناء البلاد.

ونحن نرى هذه الشريحة وقد أدمن الكثير منها المخدرات، وصاروا يترنحون على النواصي وفي المقاهي والشوارع، ومن يعمل منهم في التجارة أو القطاع العام أو الخاص أو حتى سائقا للمكروباص أو التكتوك أو حرفيا الخ، لا يهمه سوى أن ينهب المال بأي صورة ليسارع فيشتري الفودو والمخدرات، وبالطبع إن لم يتيسر له المال بالطرق المشروعة نهبه وسرقة وأعمال جميع الطرق غير المشروعة ليحصل عليه.

ولا يبالي المدمن بما يصيبه من أخطار صحية، فمدمن الفودو مثلا يتعاطاه رغم أن يتم تصنيعه بطرق قاتلة من مواد كيماوية ترش على تبغ السجائر وعشب البردقوش؛ ليعطي شكل الفودو الأخضر الغامق، ومن المواد الكيماوية التي ترش على التبغ والبردقوش سم الفئران الأسود، ومبيدات حشرية، وقوارض وصراصير، والأسيتون والنفط، وجميعها عالية السمية على المتعاطي، وهناك احتمال مرتفع بنسبة 95% وفاة متعاطيه من أول سيجارة، وطبعا تصنع في المنازل الشعبية لدى محترفي هذه التجارة.

فإذا كان توجه الدولة لملف الصحة والتعليم الآن، فنحن نؤكد أنه من الضروري قبل ذلك التوجه لمعالجة ملف الإدمان لأنه لن يصلح أي ملف في البلاد قبل معالجة ذلك الملف، فما يستفيد مدمن من التعليم أو الصحة؟ وما الذي سيعود على مواطن في مدينة جديدة إن كان لن يأمن على نفسه من أخطار المدمنين، الذين عندما يضيق بهم السبل في المناطق الشعبية يرتكبون جرائمهم في المدن الجديدة، فيقتلون وينهبون من أجل المخدرات ؟ وما الذي سيدفع الوطن للأمام وشريحة ضخمة من شبابه تسقط في بئر الإدمان؟ 
الجريدة الرسمية