رئيس التحرير
عصام كامل

أنور السادات يكتب: زكريا محيى الدين أعصاب في ثلاجة

أعضاء مجلس قيادة
أعضاء مجلس قيادة الثورة

كتب البكباشي أنور السادات، في مجلة المصور يوليو عام 1953، مقالا عن الصاغ زكريا محيى الدين عضو مجلس قيادة الثورة قال فيه:

كنا من دفعة واحدة في الكلية الحربية، وتخرجنا في يوم واحد، والتحقنا بكتيبة واحدة هي "بنادق مشاة" بالإسكندرية، لقد وحدت بيننا الآلام والصعوبات التي كنا نلقاها من قائد الأورطة، وكنا نقضى الصباح حتى الثانية مساء ونحن في حدة وتوتر، ولكنا لا نكاد نخرج من باب المكتب حتى نعود إلى طبيعتنا ونظل في ضحك ومرح حتى اليوم التالى.


سارت حياتنا على هذا النحو حتى نقل زكريا مدرسا بالكلية الحربية، ونقلت أنا إلى سلاح الإشارة وكان ذلك عام 1939 لم أشترك مع زكريا في عمل واحد بعد ذلك إلا ليلة الثورة، وكان هو يقوم بمهمة مدير العمليات.

وزكريا من النوع الذي آمن بفكرة تفانى في سبيلها، وقد كان يرأس إحدى خلايا الثورة وكان مثال العنصر المكافح المنتج في تنظيمنا السرى أما دوره في الحركة فقد كان دورا حيويا إذ كان مسئولا عن تحريك القوات وتعيين أماكنها وإصدار الأوامر اللازمة بشأنها.

وفي ليلة 26 يوليو وفي دار القيادة بمصطفى باشا بالإسكندرية كنا نعقد اجتماعا تولاه جمال عبد الناصر منذ التاسعة مساء لتقرر مصير الملك السابق فاروق.. هل يعدم أم يكتفى بطرده واشتدت المناقشة ولم نصل إلى قرار حتى الفجر وإن كان الرأي قد استقر على التخلص من فاروق صباح اليوم التالى سواء بالطرد أو غير الطرد.

أذكر جيدا أن أعصابنا تلك الليلة قاست ما لم تقاس من قبل، ولكن واحدا كان يرقد على الأرض وأمامه خريطة ضخمة للإسكندرية يدرسها طوال تلك الساعات، ويدون ملاحظاته في مذكرة معه.. ومن آن لآخر يخرج لتفقد القوات كان هذا الواحد هو زكريا محيى الدين، وكان من توتر أعصابى أن صرخت فيه أسأله: هل وضعت أعصابك في ثلاجة؟

قال لى على مهلكم خالص، وعندما تنتهون إلى قرار قولوا لى، وزكريا متمتع بأعصاب من فولاذ، هادئ جدا، لم يتغير منذ قابلته أول مرة في الكلية الحربية، ولا يزال الرجل الذي نحار في فهمه.
الجريدة الرسمية