رئيس التحرير
عصام كامل

من واقع حكايات المرضى.. الإهمال يضرب مستشفيات المنوفية

فيتو

لم يعد الإهمال شيئًا يحدث صدفة أو على حين غفلة داخل مستشفيات المنوفية، بل أصبح أمرًا عاديًا بامتياز، يحدث يوميًا أو على الأقل عدة مرات إسبوعيًا، حتى أصبح على المريض الذي تضطره الظروف لدخول تلك المستشفيات أن يحرر توكيلًا لأحد المحامين تحسبًا لما قد يحدث له.


«احترس أنت في مستشفى حكومي» لابد أن تكتب تلك العبارة على واجهة المستشفيات؛ لتنبيه المواطنين كما هو معمول به على علب السجائر، بعد أن بات الإهمال الطبي المتكرر جليًا في أغلب المنشآت الصحية في المحافظة، وتحول إلى كابوس مزعج يطارد كل من اضطرته الظروف للذهاب للمستشفيات بحثًا عن العلاج أو طلبًا للإنقاذ، جراء حادث أو كارثة مفاجأة.

الطفلة سلمى
ثلاث سنوات ونصف قضاها سائق توك توك وزوجته يجوبان أروقة المستشفيات والعيادات الخاصة أملًا في الإنجاب، حتى تحقق لهما ما أرادا، ورُزقا بطفلتهما "سلمى" قبل ثلاثة أشهر، وأصبحت قرة عين والدها الذي يجوب أزقة وشوارع تلا يوميًا بالتوك توك الخاص به، من أجل توفير نفقات زوجته وطفلته حديثة الولادة.

"سلمى الصياد" أشهر أطفال المنوفية طيلة الأيام الماضية، بعد أن تعرضت للإهمال داخل مستشفى تلا المركزي، حيث أشار الطبيب المعالج لها على أسرتها بحجزها داخل المستشفى لتنال رعاية أفضل، لكن وعلى ما يبدو أن والديها حملاها إلى حيث قدرها المحتوم.

"سخونية" مجرد أعراض البرد أو وهن في الجسم، هكذا بدا الأمر في البداية، لكن النهاية كانت درامية مأساويه بكل المقاييس، تحولت لـ "بتر ذراع"، هكذا انتهى الأمر في منظومة أصبح أمر سماع مثل هذه الأخبار أمرا معتادا.

حُجزت الطفلة داخل مستشفى تلا المركزى وقامت إحدى الممرضات بتركيب "كانيولا"، تمهيدا لإعطائها المحاليل والأدوية، لاحظ والدا الطفلة أن يدها بدأت في التورم، وأخبرا الممرضة بذلك، إلا أن اللامبالاة وعدم الاهتمام جعلها لا تغير من الأمر شيئا، طالما المحلول لا زال يعمل كما قالت.

تحولت أجزاء من ذراع الطفلة إلى اللون الأزرق، وبدأت أطراف يدها تذبل، وتتوقف عن الحركة، وهنا تنبه الجميع أنها مقبلة على شيء خطير، إلا أن اكتشافه كان متأخرًا، بعد أن بدأ يلوح في الأفق أن الطفلة مقبله على أمر كارثي.

نُقلت الطفلة بتوجيهات الأطباء إلى المستشفى الجامعى بشبين الكوم للعرض على المتخصصين، أملًا في إنقاذها، لكن بائت كل المحاولات بالفشل ولم تفلح حتى دعوات الآلاف ممن شاهدوا صورها على أغلب صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وخضعت ظهر الأمس لجراحة استئصال للذراع.

تحفظت إدارة المستشفى على الذراع المبتور، طبقًا لقرار النيابة، وتمهيدًا لفحصه من قبل مصلحة الطب الشرعي بالمنوفية، لبيان ما إذا كان البتر بسبب تعرض الطفلة للإهمال، أو أن السبب شيء آخر، ومن ثم تقديم التقرير؛ ليتم إرفاقه بملف القضية.

الأخبار الواردة من مديرية الصحة تؤكد أن ملف الطفلة بالكامل تم تحويله للنيابة العامة والإدارية، وأن الجميع يخضع للتحقيق الآن.

إبراهيم محمد حسن
تعرض لحادث أثناء استقلاله دراجة نارية، رفقة اثنين من أصدقائه، حيث اصطدموا بتروسيكل أثناء تحضيرهم لحفل زفاف أحد أصدقائهم، ونقلوا إلى مستشفى بركة السبع المركزى لتلقى الإسعافات الأولية.

وصل إبراهيم إلى المستشفى فاقدًا الوعي، ولم يتعامل معه أحد من الأطباء، حسب رواية أصدقائه، وظل قرابة الأربع ساعات حتى لقي مصرعه، بعد صراخ ونداءات على الأطباء أكثر من مرة لإنقاذه.

أحد العاملين في المستشفى أكد أن نقص الأجهزة مثل جهاز سى تى للأشعة، جعل التعامل مع الحالة إهدارًا للوقت، حيث إنه كان في حالة حرجة للغاية ولن تفلح محاولات إنقاذه بشتى الطرق، وفى نفس الوقت جرى إنقاذ إثنين مصابين معه في نفس الحادث، واستقرت حالتهم.

الدكتور عبد الحميد الجمل مدير المستشفى، قال في تصريحات لـ "فيتو" أن المستشفى لم تقصر مع الحالة، وتعامل معها الأطباء لكن قضاء الله كان أسرع من أي شيء، مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن يترك الطبيب مريضًا في حالة حرجة دون التعامل معه، لافتًا إلى أن هناك نداء متفق عليه في حالة سماعه، يتوجه كافة الأطباء إلى الاستقبال، وذلك في حالات الطوارئ والحوادث الكبرى.

مريض الترولي
وفى مشهد جديد، انتشرت صورًا لمريض يتجول بالترولي داخل مدينة بركة السبع للذهاب إلى مركز أشعة مقطعية، وذلك بسبب عدم وجوده داخل المستشفى.

وقال الدكتور عبد الناصر الجمل، مدير مستشفى بركة السبع المركزي، في محافظة المنوفية، في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أنه كلف بفتح تحقيق في الواقعة؛ لبيان ما إذا كانت الصور لواقعة قديمة أم لا؟ مشيرًا إلى أن المستشفى لا يوجد بها جهاز الأشعة المقطعية، لافتًا إلى أن الأهالي كانوا يضطرون للخروج بالمريض لإجراء الأشعة في المراكز المتخصصة خارج المستشفى.
الجريدة الرسمية