رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الفلاح وشركات الأسمدة


لا يستطيع أحد إنكار أن الفلاح هو أكثر فئات المجتمع إنتاجا وأيضا أكثرها ظلما، ورغم الظروف القاسية التي يعيشها فمازال يعمل، ويحقق أعلى إنتاجية وبأقل الإمكانيات المتاحة من وسائل تكنولوجيا الزراعة الحديثة، وفي ظل الفوضى التي شهدتها البلاد عقب ثورة يناير 2011، كانت كل فئات المجتمع تتظاهر وتعتصم للحصول على ما لا تستحق الا الفلاحين كانوا يعملون وينتجون غذاء الشعب المضرب عن العمل والشباب الذي كان يحرق مؤسسات الدولة..


الفلاح يرضى بالقليل، ويعشق الاستقرار ولا يثير المشكلات، ويساند قيادته، وحينما يحتاجه الوطن يكون في الصفوف الأولى سواء الاستحقاقات السياسية أو في الدفاع عن ترابه ضد الإرهاب والاعداء..

الفلاح ما زال يشتري مستلزمات الإنتاج بأسعار مرتفعة، ويبيع محصوله بأسعار منخفضة، وهناك من هجر أرضه أو تركها بورا لعدم قدرته الإنفاق عليها، وهناك من استخدمها في غير أغراض الزراعة، ملاعب صناعية، مخازن سيراميك، أو حتى كافيهات وقاعات أفراح فهذا أكثر ربحية..

السلعة التي يشتريها المواطن من التاجر بعشرة جنيهات الفلاح باعها بثلاثة أو أقل، فالدوائر الوسيطة وجشع التجار ضاعف السعر ثلاثة مرات، فلا الفلاح باع بالسعر العادل ولا المستهلك اشترى بالسعر المقبول، والأرباح كلها ذهبت لجيوب التاجر دون عناء منهم..

آخر أزمات الفلاح الآن مع بعض شركات الأسمدة التي لا ترعى الله ولا الوطن في هذا المسكين، وهدفها فقط هو الأرباح رغم أنها تحصل على الطاقة مدعمة، وعلى الخامات المحلية وتستخدم مرافق الدولة، ولكن الجشع هو المسيطر عليها، فلا تقوم بتوريد حصتها لوزارة الزراعة، والدولة سمحت لهذه الشركات بتصدير 45% من إنتاجها بعد الوفاء بـ 55% للوزارة من أجل توزيعها على المزارعين..

ومعظم الشركات لم تلتزم، وقامت بتصدير إنتاجها أو بيعه في السوق السوداء، والدولة كانت تتهاون في حقها وحق الفلاح، ولكن حسنا فعل د عز الدين أبوستيت وزير الزراعة بوقف إصدار خطابات لهذه الشركات، والتي تفيد التزامها في الوفاء بصحتها حتى تتمكن من التصدير، ولكن هذا الإجراء وحده لن يكفي لأنهم يستطيعون بيعه في السوق المحلي بأسعار مرتفعة، ووزير الزراعة ليس لديه أي سلطة عليهم سوى وقف خطابات التصدير..

فالأمر يتطلب ردع هذه الشركات، لأنهم ينهشون في جسد الفلاح المريض أصلا، ولم يعد يتحمل فالضرب في الميت حرام..

مصر من أكثر دول العالم إنتاجا للأسمدة ، حيث تنتج ثلاثة أضعاف الاستهلاك، وخلال أشهر قليلة سوف تفتتح مصانع جديدة للأسمدة، فليس هناك أي مبرر لارتفاع أسعاره أو لوجود عجز فيه، ولكن الطمع في تحقيق أرباح أكثر من التصدير، والبيع في السوق السوداء هو سبب الأزمة..

فبعض محافظات الصعيد حصلت على 35% فقط من حصتها، وكان من نتيجة ذلك إما أن يشتري الفلاح السماد من السوق السوداء بضعف ثمنه، أو يترك أرضه بلا أسمدة، وفي الحالتين خراب على الفلاح وعلى البلد، سواء في نقص الإنتاج أو تكلفة أكثر، الشركات الحكومية فقط هي الملتزمة بتوريد حصتها مثل ابوقير والدلتا، أما الأخرى تسعى للربح فقط وهذا حقها ولكن ليس على حساب مصلحة البلد وأمنها القومي..

مصانع الأسمدة ملوثة للبيئة وتضر بصحة الإنسان، والدول المتقدمة منعت إقامتها عندها من زمن بعيد، فليس من المعقول أن يتحمل المواطن المصري المشكلات البيئة والصحية لمصانع الأسمدة ثم يشتريه بأسعار مرتفعة أو يتم حرمانه منه لتصديره للخارج، فيستمتع المواطن الأجنبي بمميزاته ويترك لنا مساوئه...

أتمنى أن يتدخل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لرفع المعاناة عن الفلاح، وإنقاذه من شركات الأسمدة ومافيا الاستيراد وجشع التجار، فالفلاح الذي ينتج غذاء الشعب كله ليس مسئولية وزارة الزراعة فقط بل مسئول من كل أجهزة ومؤسسات الدولة، وهو أولى بدعم الصادرات لأنه هو المنتج الحقيقي في البلد، ويسهم بنسبة كبيرة سواء في الصادرات أو في الناتج القومي، كما أنه الفئة الأولى بالرعاية حتى تعود الزراعة مهنة مربحة ولا يهجرها الفلاح، فيدفع الشعب كله الثمن.. اللهم احفظ مصر.

egypt1967@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية