رئيس التحرير
عصام كامل

التطعيم الأخيرة.. فيش وتشبيه


مئات المحاضر التي تحرر بأقسام الشرطة حول فقدان أطفال حديثي السن ومئات الجرائم التي تتعلق بسرقة هذه الأطفال وبصور مختلفة منها الاتجار بالأعضاء أو الاتجار بالبشر - تجارة الرّق - ومنها ما ذكره التاريخ وجَسدته السينما المصرية من جرائم استخدام الأطفال في التسول، وفي انتشار الجريمة وارتفاع معدلاتها خاصة السرقة والتحرش.


مجرمون متخصصون في سرقة الأطفال يقومون بفعلتهم الشنعاء ويسرقون الأطفال ليتم تدريبهم والمتاجرة بهم واستخدامهم في ارتكاب الجرائم.. آلاف من أطفال الشوارع كانت لهم أسر وحياة كريمة لكن مجرم آثم معتاد الإجرام أَبَى أن يعيش هذا الطفل في أحضان والديه وعمد على خطفه وتربيته على الإجرام أو التسول كي يكون أداة تستخدم في الإضرار بالمجتمع وبمصالح الدولة ومقدراتها.

هؤلاء الأطفال يواجهون حياة صعبة مشردة معرضون للخطر والقتل والاتجار بهم، ومنهم من تتمكن رجالات الشرطة في إنقاذه وتخليصه من المصير المجهول في الشارع، وذلك من خلال القبض عليه وتسليمه لنيابة الأحداث لإيداعه أحد دور الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، معظم هؤلاء الأطفال ليس لهم اسم ولا مستندات تثبت شخصيتهم أو تساعد في التعرف على أهلهم وذويهم، وتضطر الدولة إلى تسميته باسم مستعار لاستخراج شهادة ميلاد ومستندات رسمية تسمح له أن يندرج داخل المجتمع لتعليمه وتدريبه داخل دور الرعاية، بغية خلق مواطن صالح سليم قادر على أن يحمي نفسه، ويحمي الآخرين مما تعلمه في الليالي المظلمة على الأرصفة وأسفل الكباري.

بعد بحث وتدقيق ودراسة واسعة في محاولة لإيجاد حل علمي يسمح للدولة أن تتعرف على هوية هذا الطفل، ومعرفة أسرته وأهله الحقيقيين، لكي يعود إلى منزله بعد غياب طويل، تجرع خلالها والديه مرارة الفراق وألم البحث عن ابنهم الضال طيلة سنوات طويلة لذلك فكرنا في طريقة علمية وسليمة نستطيع من خلالها مهما طال الزمن وطال الغياب التعرف على أسرة هذا الطفل، وعودته لأهله، ولقد وجدنا أن استخدام البصمات للأطفال وتسجيلها بمصلحة الأحوال المدنية إلكترونيا هي الوسيلة الأفضل والأسهل.

بحيث يتم أخذ بصمات الطفل مع آخر جرعة تطعيم تُسجل بمكاتب الصحة التابعة لوزارة الصحة على أن يتم عمل فيش وتشبيه إلكتروني للطفل بعد آخر جرعة تطعيم مدونة في شهادة الميلاد، حيث يكون الطفل بلغ من العمر عامين، وتشكلت بشكل نهائي بصمات يده على أن تسجل هذه البصمات مع اسمه وبياناته الشخصية داخل قاعدة البيانات التابعة لمصلحة الأحوال المدنية..

فإذا فقد هذا الطفل وتقدمت أسرته بمحضر رسمي مرفق به صورة من شهادة ميلاده، الموجود بخلفيتها فيش وتشبيه خاص بالطفل، فإن عملية العثور عليه في أي وقت وفي أي سن يكون من السهل عن طريق عمل فيش وتشبيه لهذا الحدث، الذي سيكشف عن حقيقة هويته واسمه الحقيقي واسم أسرته وعنوانه وتاريخ فقده وملابسات واقعة فقده، وتكون عملية العثور هذا الطفل برفقة شخص ما دليل على أنه هو السارق الذي حرم أسرته منه واختطفه لنفسه، وعندئذ وجب مسألته وعقابه إلا إذا استطاع إثبات عكس ذلك..

الفرض بهذه الطريقة قد يحد من انتشار جريمة اختطاف الأطفال والتسول بهم أو تشغيلهم في التسول أو استخدامهم في الجريمة، وتعميم هذه الفكرة مع تغليظ عقوبة على من يقبض على الطفل بحوزته، ستجعل كل مجرم مقبل على هذه الجريمة يفكر ألف مرة قبل أن تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة، وستشكل هذه الفكرة أحد أهم صور الردع العام الذي يحول دون زيادة جرائم سرقة الأطفال وتكرار وقوعها..

ناهيك عن الآثار النفسية للطفل بعد رده لأمه والاجتماعية على الأسرة والمجتمع من وصول الدولة لوسيلة تقضي على هذه الظاهرة، وكذلك الآثار القانونية أيضا إذ من شأنها أن تؤدي إلى تقليل ارتفاع معدلات الجرائم التي تقوم باستخدام الأطفال، لا سيما الاتجار بأعضائهم أو استخدامهم في تجارة الشذوذ، أو تدريبهم على الجرائم الإرهابية التي تضر بأمن الدولة وسلامة المجتمع.
الجريدة الرسمية