رئيس التحرير
عصام كامل

فليتدفق نهر الحب


إنها الأسطورة القديمة الإله المستدير كان يحكم الكون مجموعة من الآلهة كل له صفاته وملكاته والكون في سلام إلى أن تألق أحد الآلهة وكان هو الأقوى على الإطلاق قوته جعلت له الملكوت والسطوة، وكان هذا الإله على شكل دائرة وقع الحقد في جميع الآلهة وأصبحوا يرغبون في الخلاص من قوته اجتمعوا سويا وراحوا يخططون للأمر حكموا عليه أن يقطع هذا الإله إلى نصفين، ويتم هذا القطع على شكل زجزاج وأن يلقوا بنصفه في أول الكون، والنصف الآخر في آخر فيضعف الإله المستدير وتزول قوته ويظل النصفين يبحثون عن بعضهم فإذا التقى العاشق بالمعشوق واكتملت الدائرة ورجعت إليه قوته وأصبح الأقوى ذا السطوة الأبدية..


إنه ثالوث الحب والقوة والجنس فالحب، هو أجمل الأحاسيس التي تمر بالإنسان هو شعور فطري تجاه الحياة بكاملها عندما يمتلك وجدانك يتدفق كالنهر بلا انتهاء، ويفيض ويروي كل جزء فيك تشعر بالنشوة وقيمة الحياة، وكلما تدفق بداخلك ازددت شبقا لتدفقه وامتلأ كيانك بالإيمان به، وتمنيت أن تصبح قدسيا في محرابه.

هو يأتي من العقل إلى الوجدان، ولا يوصف، ورغم أنه لا يوصف فهو يمت بالصلة لكل شيء في حياتنا.

فالحياة تبدأ: بغريزة حب البقاء لولاها لما تحملنا ما تحمله لنا من صعوبات، نتحمل من أجل لحظة حب، هو الترنيمة الأولى التي تترجم الجنس الذي هو اللحظة الإبداع والأسمى لحظة الخلق، نهر الحب إذا تدفق لا يغادر إلا من يكفر به هو مليء بأسرار الحياة وكائنات مشعة أبدية لا تعرف الهزيمة يغدق عليك فتكون النشوة ويكون الخلود. هو رحلة تحمل السحر فك الرموز الصعاب يدلك لتعطي فيكون عطاء متجددا، أمواجه الشغف والشبق هي أنشودته، فجره يتجدد فتصلي كل المخلوقات لشروق يزيح ستار الظلمات شمسه تتخلل كل القطرات لتمدها بسر الحياة فيكون اليقين.

الأصل في الأشياء هو الحب الدافئ القوي الممتع الذي يمتلئ رغبة سعيدة، الحب يملأ الوجدان والعقل بقوة غامضة خلاقة تجعلك مسيطر على ذاتك تستطيع قيادتها بسلام ويحتاج الحب ضرورة التخلي عن الأنا لنجاحه فالأنا هي أكبر قاتل للحب، الحب أصيل بلا هدف هو الغاية، غير خاضع لتبادل الاحتياجات والحب يظل يقينا، هو فطرة بدائية تظهر عند الحيوان والإنسان البدائي أكثر من إنسان العصر الحديث.

فقد أفسد إنسان العصر الحديث حياته فتراجع الحب ولم يتطور، فهو لم يكن يوما هدف من أهداف المخططين للحياة والقادة والقديسين، يقف الحب الآن في حياتنا عند حد الكلام عنه ويصبح هدفا وغاية لتطوير حياة الإنسان وإنارتها بالرقي والسعادة.

إذا عرف الإنسان مساحة الحب التي يحتاجها في حياته لتَغيرت كل الأمور لصالحه وأصبح أقوى، إنه يطلق الخيال يبعث كل ملكات القوة لا يتوقف عند صعوبات الحياة الطبيعية هو نقي شفاف مفهوم معروف لا يوصف.

يعطيك القوة يجعلك حقا قويا لكنها القوة الإيجابية الخلاقة التي تختلف تماما عن قوى الشر الهادمة هناك تلازم طبيعي بين الحب والقوة والجنس نعم إن الحب يبدأ حتما بالجنس، الجنس هو نبع الحب الأول، قال أحد المفكرين إن الحب هو تحول لطاقة الجنس إلى العاطفة وازدهارها الحب وتعبيرات الحب هي تعبيرات جنسية متحولة، الجنس هو شفرة الحياة وتبدأ الحياة بتقسيم الكائنات إلى ذكر وأنثى ثم يأتي الانسجام بنهم لتولد أشكال العواطف وتحدث التحقيقات الإنسانية.

ثالوث مقدس للحياة الإنسانية الطبيعية هو الحب والقوة والجنس لا تستطيع فصلهم وبكل أسف قد اتفقت كل الثقافات الاجتماعية والأعراف على معاداة الجنس وتدميره فكانت النتيجة الطبيعية هي تدمير حياة الإنسان بلا حب بعد كل ما حقق من إنجازات علمية وتكنولوجية لكن لم يتطور إنسانيا على العكس تراجعت إنسانيته والجزء الفطري النبيل في تكوينه وانطلقت السلبيات التي هي تقوم فعليا بتدمير وتجميد الحب بداخله.

دعوا نهر الحب يتدفق ولتضعوا في دساتير الحياة القيم العظمى للحب وليتقدس ثالوث الحب والقوة والجنس ليعيش الإنسان سعيدا.
الجريدة الرسمية