رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

محمود السعدني يكتب: الفقر الأزلي

محمود السعدني
محمود السعدني

في مجلة صباح الخير عام 1966 ومن خلال مذكرات الولد الشقي، كتب الساخر محمود السعدني بعض مذكراته، يقول:


أنا طول عمري 57 كيلو لا تنقص ولا تزيد، نمت في هيلتون مدريد وقضيت أسابيع في فندق مرحبا بالدار البيضاء وعشت أياما على ضفاف بحيرة جنيف وسكنت في منازل الذين ظلموا أنفسهم في الشانزليزيه.

لكن لا فايدة ولا عايدة.. وزني لم يزد أوقية واحدة عن أيام الصياعة والضياعة أيام كنت أنام في حديقة الأورمان وفي جامع الأربعين في الجيزة.

طفت بعيادات الأطباء أطلب حلا.. قال لي الدكتور أنور المفتي (مبارك عليك هذا العمر الطويل ستعيش كما عاش سيدنا نوح عليه السلام، ليس في جسمك مكان تختبئ فيه جرثومة، جسمك كله بيئة غير صالحة لنمو الجراثيم، والجرثومة إذا دخلت فيك أصيبت بك وماتت بداء السعدني.

لم أفرح ولم أبشر.. لكني هجرت عيادات الأطباء ولجأت إلى الشيخ حسن دونجل وسألته النصيحة.. قال عليك بخرزة البقر تأكلها فتصبح متختخا كالجاموس السوداني.

جمعت خرز البقر اللي في المدبح ورحت أقزقزه كما الفول السوداني، لكن وقفت وشحب وجهي وأغمى عليَّ وقال الطبيب مسكين عندك تليف في الكبد والسبب مجهول ونجوت من الموت بأعجوبة.

شكوت لعم أحمد المنجد وهو إسماعيلاوي قديم عاش سنوات في الهند وقال عم أحمد عليك بالعشبة، قلت ما العشبة؟
قال تعتكف في البيت، العشرة الأولى فراخ صباحا ومساء، والعشرة الثانية أرانب والعشرة الثالثة حمام والعشرة الرابعة لحوم.

جلست في البيت كالولية الخايبة وهات يا فراخ وحمام وبط وأرانب، وفي اليوم الأربعين أصبت بإسهال شديد وإغماء ونقلت إلى المستشفى، وقال الطبيب التهاب في الأمعاء والمرارة، وحذر الطبيب من الدهون والقشدة والفراخ والحمام، وقاللي لا تأكل سوى جبن وفول مدمس وزيتون.

حكم عليَّ بالفقر الأزلي، فعندما كنت أعاني الصياعة كان الفول مأكولي، وعندما كنت أعاني الفقر كان مأكولي الفول، والآن الفول مأكولي، كأنه لعنتي، قدرة فول أنا على هيئة بشر، وهي معجزة ينبغي ضمها إلى المعجزات السبع، ورضيت بهمي وحمدت الله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
Advertisements
الجريدة الرسمية