رئيس التحرير
عصام كامل

«ساينت سينيورز» العالم تحت رحمة الـ«14 عينا».. أمريكا تتولى رئاسة تحالف وكالات المخابرات.. ١٦ دولة تشاركها تبادل المعلومات والتجسس.. واليابان ترفض وثيقة المحيط الهادئ

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عالم المخابرات.. قريب الشبه بـ«جبل الثلج»، لا تظهر إلا قمته، أما ما يختفى تحت السطح فأكبر بكثير، قديما كانت الدول تدير عملياتها المخابراتية في صمت وكتمان، وبمرور السنوات بدأ عالم المخابرات والتجسس يشهد ما يمكن وصفه بـ«التحالفات»، التي كان من ضمنها تحالف «ساينت سينيورز» الذي يعتبر واحدًا من أقوى التحالفات الاستخباراتية في العالم، وهو تحالف تجسس يجتمع أعضاؤه سنويًا للتعاون في قضايا الأمن العالمي، ويضم قسمين؛ يركز كل منهما على أجزاء مختلفة من العالم، أحدهما مختص بشئون أوروبا، والآخر بشئون دول منطقة المحيط الهادئ.


17 دولة
وكالة الأمن القومي الأمريكية صاحبة موقع القيادة للقسمين، بمشاركة 17 دولة أخرى على الأقل، وتتكون من مجموعة من وكالات تجسس تتنصت على الاتصالات دوليا، ويطلق عليها «استخبارات الإشارات»، وتسجل اجتماعات ذلك التحالف في مجموعة من الوثائق المصنفة رسائل إخبارية داخلية، تتضمن التاريخ السري للتحالف، والقضايا التي ركزت عليها الوكالات المشاركة في السنوات الأخيرة، والأنظمة التي تسمح للدول الحليفة بمشاركة بيانات المراقبة الحساسة مع بعضها البعض.

البداية
«ساينت سينيورز» ظهر للعالم خلال العام 1982، وسط أجواء الحرب الباردة، وكان يضم في ذلك الوقت تسعة أعضاء، كان تركيزهم الأساسي على كشف المعلومات حول الجيش السوفيتي، وبعد الهجمات على الولايات المتحدة في سبتمبر 2001، ارتفع عدد أعضاء التحالف إلى 14 عضوا، وبدأت الوكالة الاستخباراتية في تركيز جهودها على مكافحة الإرهاب.

المشاركون الأساسيون من دول أوروبا هم وكالات مراقبة تسمى بمجموعة الـ«خمسة عيون»، تتضمن وكالة الأمن القومي الأمريكية، ونظراءها من المملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا، وبداية من أبريل 2013، انضم إليهم أعضاء آخرون هم وكالات استخباراتية من بلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد.

عيون 14
يتعاون التحالف الذي تطلق عليه وكالة الأمن القومى الأمريكية مصطلح «عيون 14» في رصد الاتصالات خلال الأحداث الأوروبية الكبرى، مثل الألعاب الأوليمبية، التي استضافتها اليونان في عام 2004، والألعاب الأوليمبية الشتوية التي استضافتها إيطاليا في عام 2006، وكأس العالم لكرة القدم في ألمانيا بصيف عام 2006، كما شاركت عمليات تجسسها بين عامى 2006 و2007 كجزء من عملية مكافحة الإرهاب.

الوكالات الدولية بدأت عملها من خلال استغلال الإنترنت، الذي وصفته وكالة الأمن القومى بأنه «خطوة كبيرة إلى الأمام» للمجموعة؛ لأن بعض أعضاء التحالف كانوا في السابق مترددين حول الاعتراف بوجود شيء مثل الإنترنت أو إمكانية استخدامه في عملهم.

2010
بداية من عام 2010، ركزت الوكالات المتحالفة في «ساينت سينيورز» على استهداف الإرهابيين المشتبه بهم وتبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالقرصنة في القرن الأفريقي، كما كان أعضاؤها يتعاونون في تطوير أدوات وتقنيات مراقبة جديدة.

ووفقًا لوثائق حصل عليها موقع «إنترسبت» الأمريكي المتخصص بنشر التسريبات والوثائق السرية، امتلكت الوكالة شبكة اتصالات خاصة بها تسمى «سيج داسيس» والتي يمكن من خلالها لكل وكالة مشاركة نسخ الاتصالات التي تم اعتراضها، كما استخدمت المجموعة نظامًا يسمى «سنتر آيس» لتبادل المعلومات حول الحرب في أفغانستان.

تشير الوثائق إلى أن الوكالة التجسسية تعقد مؤتمرًا سنويًا كل مرة في موقع مختلف، ففى عام 2013، على سبيل المثال، اجتمعت المجموعة في السويد، وفى عام 2011 اجتمعت في المملكة المتحدة، وفي عام 2010، التقى أعضاؤها في ألمانيا، وفي عام 2009 في كندا.

2013
منذ خمس سنوات.. وتحديدًا في العام 2013 أعربت وكالة الأمن القومى الأمريكى عن اهتمامها بإنشاء منشأة دائمة تستضيف ممثلى الوكالة بمنطقة تعاونية مشتركة، وناقشت الوكالة الفكرة مع نظيرتها في المملكة المتحدة، لكن بعض أعضاء المجموعة دفعوا بالفكرة إلى التراجع، وواجهت الوكالة مشكلات عديدة في اختيار موقع لها بإحدى الدول، حيث أبدى كل من أعضائها تحفظاته حول إنشاء مركز للتجسس في قارة أوروبا القارية، ولاحظت وكالة الأمن القومى أن بعض الدول الأوروبية قد تكون حذرة بشأن استضافة المنشأة في دولتها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المخاوف المرتبطة بقوانين حقوق الإنسان الأوروبية.

أنشئ القسم المختص بدول المحيط الهادئ في العام 2005، بهدف إنشاء جهد تعاونى لمكافحة الإرهاب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفى مارس 2007، قالت وكالة الأمن القومى إنه كان في طور جمع الأفكار للتوسع وتركيز الاستخبارات خارج مكافحة الإرهاب.

وكان الأعضاء المؤسسون لتحالف المحيط الهادئ هم وكالات التجسس من «فايف آيز»، الخمس أعضاء المؤسسون الأوائل للوكالة، إضافة إلى كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند، وبحلول عام 2013، انضمت فرنسا والهند إلى مجموعة المحيط الهادئ.

وكانت وكالة الأمن القومي حريصة بشكل خاص على وجود الهند كجزء من جهد حكومى أمريكى أوسع لتحسين العلاقات مع البلاد، وشعرت بقوة أن مشاركة الهند في تقاسم المعلومات الاستخبارية المتعددة الأطراف ستساعد على توسيع عملها في مكافحة الإرهاب إقليميا.

المحيط الهادئ
وفى مارس 2008 ترأس المدير العام لوكالة الأمن القومي، الجنرال كيث ألكساندر وفدًا من المسئولين بما فيهم ممثلون من سنغافورة ونيوزيلندا إلى نيودلهي، حيث طلب من وكالات التجسس الهندية، ما إذا كانوا يرغبون في توحيد الجهود، وبالفعل بعد ثلاثة أشهر وافق الهنود على التعاون.

واستخدمت مجموعة المحيط الهادئ نظامًا يسمى «كراشد آيس» لمشاركة المعلومات، ووفقًا لوثيقة وكالة الأمن القومي المؤرخة في نوفمبر 2007، وهو عبارة عن شبكة آمنة تمكن من تبادل المعلومات السرية التي تم جمعها من الاتصالات التي تم اعتراضها، حول مكافحة الإرهاب.

وفى وثيقة تعود إلى نوفمبر 2007 سمح النظام بالتعاون عن طريق تبادل الصوت، وتبادل الملفات الثنائية والبريد الإلكتروني، والتحليل وإعداد التقارير، والرسومات، ورسم الخرائط، والمجتمعات ذات الاهتمام، وإدارة المجموعات، والتطبيقات الأخرى حسب الحاجة.

اليابان ترفض
ووفقًا لوثيقة وكالة الأمن القومي من مارس 2007، رفضت اليابان التوقيع على مجموعة المحيط الهادئ، معربةً عن مخاوفها من أن الإفشاء غير المقصود لمشاركتها سيكون خطرًا كبيرًا للغاية، خاصة بسبب مخاوف أن يسيء الشريك المعلومات الحساسة.

وحول هذا الأمر قال العقيد حاتم صابر، خبير مكافحة الإرهاب: تواجد مثل هذا الكيان يؤثر على جميع دول العالم باعتبار النشاط التجسسى في المرتبة الأولى لدى الولايات المتحدة الأمريكية التي تخصص له أكبر ميزانية من نفقاتها تحت مسمى ميزانية «سى آى إيه» أو «التخابر لصالح الأمن القومى الأمريكي» على جميع دول العالم لإحكام السيطرة على قيادة العام ومفاتيحه.

«حرب المخابرات لا تنتهي».. جملة أطلقها «صابر» في منتصف حديثه، قبل أن يكمل قائلا: المخابرات تعمل بشكل يومى ومستمر دون هوادة أو توقف مثل الحروب العادية، ولكنها تعمل بالسلم وبالحرب، أما أجهزة الأمن المصرية تعمل على قلب رجل واحد لمواجهة مثل تلك المنظمات.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية