رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements

وزيرة دماغها رايق


الحقيقة أن الناس في مصر وجدوا ضالتهم نحو قضاء وقت ساخر، في عدد من وزراء مصر المحدثين، منصبا وكلاما، فقد بدأ الأسبوع الماضي بتصريح كان موضوعا لمقالنا هنا، قال فيه رئيس الوزراء الجديد إنه لن يكون في مصر فقير يتكفف، وكان ذلك بمثابة طموح وجموح ووعد وأمل والتزام والناس لن تنسى، وسوف تحاسب المسئول على فنجرة الأفواه..


ولم يمر يومان أو ثلاثة حتى داهمنا الأخ وزير الشباب الجديد الشاب أشرف صبحي بتصريح جنن توقعات المصريين، فقد قال بمنتهى الشجاعة والطموح الجامح: إن مصر ستعمل على تنظيم مونديال ٢٠٣٠، وإنه سيقنع الحكومة بالإعداد العلمي لنيل هذا الشرف العالمي، وبالطبع هناك وقت كاف يمتد لـ١٢ سنة قبل أن نرى منتخبات العالم في كرة القدم تتنقل بين ملاعبنا في إمبابة وميت وعقبة والمنصورة وأسوان وطنطا والإسكندرية وكفر الشيخ والزقازيق!

وبالطبع أيضا فإن الاثنى عشر عاما هذه تكفي جدا الحكومة لاتخاذ القرار وإعداد الدراسة العلمية، وبدء خطة التنفيذ، وليس مهما أن يكون المهندس مصطفى مدبولي على رأس الحكومة، لأن رئيسا آخر للحكومة وربما للدولة، بحكم الدستور، سيكون موجودا.

لكن أعجب ما خرج من الحكومة قبل يومين ثلاثة، كان على لسان وزيرة الصحة، دكتورة هالة زايد، أرجو أن أكون كتبت الاسم الصحيح، لأن الوزراء كثروا وتبديلهم متتابع ونسيانهم سريع، لأنهم مجرد كتابات على الماء لم يحفروا إنجازا مبهرا، فقد خطر لها خاطر، وظهرت لها رؤية، وهبط عليها هابط برسالة أن انشري يا دكتورة هالة يا وزيرة صحة مصر السلام الجمهوري في كل المستشفيات، مع ترديد قسم السيد أبوقراط أبي الطب، وأن يكون ذلك في طابور الصباح..

والطابور ليس شرطا أن يكون منتظما، بل ممكن أن يكون مبعثرا، ما بين غرف العمليات والتخدير، وغرف الولادة، وغرف التجبيس وغيرها وغيرها، والمهم أن كل طبيب وممرض وفرد والمريض من باب أولى، يشعر بالانتماء، حتى لو كان مخدرا.

الحقيقة أن الوزيرة أضحكت الشعب المصري كما لم يضحك من قبل، وغلبت قهقهاته آهات لسع الأسعار، ليس هذا فحسب بل أضحكت علينا الدنيا؛ فلم تعرف وزارة الصحة الأمريكية ولا البريطانية ولا الصومالية ولا البنجلاديشية ولا الهندية ولا الإسرائيلية مثل هذه الشطحة السخيفة.

كلهم هنالك منتمون منذ الطفولة والحضانة، وكلهم هنالك ينتمون بما تقدمه الدولة من رعاية وعناية للمرضي. حين يجد المريض الدواء بسعر مناسب والتمريض على أرقي مستوى، والطبيب بني آدم حنون وبارع، سيرقص قلبه طربا وسينشد السلام الجمهوري وكل السلامات، وسوف يشعر أن بلده هي أمه وهي أبوه وهي محفظته التي لا تبخل عليه.

الحقيقة الثالثة أن هذا التهافت في الأداء، ومن أول ضربة بداية بكرة القدم المذهلة التي تعكس أعلي درجات الانتماء للمنتخبات في كأس العالم، أقول هذا التهافت يطرح علينا من جديد قضية الوزير السياسي والوزير الفنى، لكن دكتورة هالة ابتكرت تصنيفا جديدا، فنحن أمام وزير موظف، ساذج الخيال.

اختيار الوزراء يعكس قوة الحكومة، ويجلب احترام الناس، وإذا خابت الحكومة في وزير أو زيرين، فإن عمل الوزراء الجادين فيها يتعرض للغبار الذي أثارته افتكاسة كتلك التي افتكستها الوزيرة اللنج. ولا تسألني ما معنى افتكاسة لكنى فهمت من الأولاد حولنا أنها الشيء الذي يخترعه مخ مخدور، أو مسلطن، أو رايق.

طبعا مخ الوزيرة رايق، ولا يجوز وصفه بالسلطنة أو تحت تأثير البنج، ونحن كذلك فينا أمخاخ رايقة، ولم يعد ينقصنا سوى الغناء الصباحي، نبدأ بالنشيد الوطني ونتبعه بأغاني والله زمان يا سلاحي وقلنا حنبني وآدي إحنا بنينا السد العالي! أفضل افتكاسة شعبية ردا على روقان دماغ الست الوزيرة كانت العبارة التالية (استثناء مستشفى الجلاء للولادة من ترديد السلام الجمهوري وإذاعة أغنية يا أم المطاهر رشي الملح سبع مرات).

الله يروق بالك يا معالي الوزيرة أطلقت إبداع الشعب في السخرية، وكنت ظننت هذه الموهبة تعطلت من عبء الهموم وسطوة الغيوم على الصدور والجيوب، ونتمنى أن يفتكس كل وزير ما شاء له خياله وروقان باله، لكي تتحول مصر كلها إلى ضحكة كبيرة ساخرة، يتابعها العالم مذهولا مما طرأ علينا وأصابنا في عقولنا من بعض وزرائنا. وهو يتساءل هو الشعب المصري شارب إيه؟
شارب المر من وزراء لم يفطموا سياسيا..
آه يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.

Advertisements
الجريدة الرسمية