رئيس التحرير
عصام كامل

«السيسي كير»


بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي ولايته الثانية بالتركيز على ضرورة تنفيذ المشروع القومى للتأمين الصحى، وبدا واضحا من اجتماعات الرئيس المكثفة نيته إنجاز المشروع الإستراتيجي الذي يمس كل بيت مصري معرض في أي وقت لإصابة أحد أفرادها بمرض عضال، يستنزف أسرته ماديا حتى تصل الأمور في نهاية المطاف إلى طلب الدعاء للمريض بالوفاة راحة له ولذويه من ألم الجيب والجسد.


مشروع السيسي للرعاية الصحية يذكرنا ببرنامج الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، المعروف إعلاميا باسم "أوباما كير" واختار رجل البيت الأبيض السابق إطلاقه كأول وعد انتخابى له خلال حملته الانتخابية لولايته الأولى عام 2009 لقناعته بمداعبة هذا الحلم لكل مواطن على وجه الأرض بمن فيهم الناخب الأمريكى، وقد ربح أوباما الرهان على هذا الوعد وفاز بفارق ضئيل عن منافسه الجمهوري جورج بوش الابن.

وقتها استعان أوباما بالخبير المصري سمير بانوب، أستاذ ومستشار الإدارة الصحية الدولية، لوضع ملامح المشروع الذي ظل عصا موسى بالنسبة للرئيس الأمريكى السابق حتى حقق فوزه بالولاية الثانية، وتندر في خطاب الوداع بالبيت الأبيض في نهاية مدته الدستورية بفشله في تحقيق وعده أمام مراسلي البيت الأبيض.

إخفاق أوباما في تنفيذ وعده لم يأت من باب المراوغة بل جاء كنتيجة لصدام عنيف مع "مافيا طبية" يعى عناصرها جيدا مدى أهمية المرضى كسلعة إستراتيجية تجنى الأرباح السهلة والسريعة، والتي تكافح حتى الآن لإنهاء المشروع داخل الكونجرس بدعم من إدارة سلفه دونالد ترامب، المتبنى لحملة تشويه ضد المشروع ولا يفوت فرصة للهجوم عليه والدعوة لإلغائه في أروقة الكونجرس.

عرض النموذج الأمريكى بالرغم من فارق الإمكانيات بين القاهرة وواشنطن، وحرص السيسي على طرح مشروعه في ولايته الثانية، يسترعى ضرورة استنفار أجهزة الرقابة مجتمعة للعمل على تطهير المنظومة الصحية من «سوس الفساد» الذي ينخر مفاصلها منذ عقود بداية من عامل البوابة حتى دخول المريض غرفته وحرمانه من "ملاية" سرير نظيفة حال توقفت أيد مرافقيه عن مد أيديهم بالمال الحرام للعاملين في العلن والخفاء.

تصريحات الرئيس وانشغاله بهذا المشروع وتبنيه له شخصيا، حال تمكنه من إنجازه على الوجه الأكمل، من المؤكد أنه سوف يكفكف دموع الغلاء والعوز التي تملأ عيون الشعب بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن، فليس هناك أهم من ضمانة الحصول على فرصة للحياة في بلد أصبح الفقير بها تتملكه قناعة تفضيل الموت على الحياة حال أصابه المرض.
الجريدة الرسمية