رئيس التحرير
عصام كامل

فريد زهران: ثورة يناير راحت ضحية للثورة المضادة وفلول النظام القديم والإخوان

فيتو

  • رئيس "المصري الديمقراطي" ينتقد تردي المنظومة التعليمية
  • الناس فقدت الثقة في العملية الثورية والسياسيين والسياسة 
  • هناك اتجاه للخروج من التحول الديمقراطي إلى مرحلة إعادة بناء النظام القديم 
  • نعد ملف الأحزاب السياسية ملفًا أمنيًّا وليس سياسيًّا

السياسي والمفكر الاشتراكي، الديمقراطي، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي، "فريد زهران"، يرى أن الحياة السياسية المصرية تسير نحو مناخ ينحرف تماما بعيدا عن المشهد الديمقراطي الذي كان متفقا عليه منذ نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير من قبل جميع القوى الثورية المدنية.
زهران أيضا أكد خلال حواره لـ"فيتو" ضمن مبادرة "الصوت الآخر.. معارضة من أجل الوطن" التي أطلقتها أن عودة النشاط السياسي المصري يأتي من خلال إشراك المواطنين في صناعة القرار الاقتصادي والتعليمي والصحي وغيره من الملفات التي تهم قطاعًا كبيرًا من المصريين، بعد ما وصفه بـالتعمد البين لإقصاء المعارضة بعيدا عن الملفات المصرية الشائكة، وإلى نص الحوار..

• بداية.. قراءتك للمشهد السياسي الحالي والحياة الحزبية في مصر بعد مرور خمس سنوات على الثورة المصرية الثانية.. ومقارنة المشهد قبل وبعد الثورة والتغيرات التي طرأت عليه؟
- بعد ثورة 25 يناير وحتى ثورة 30 يونيو وما أعقبها بشهور، كان هناك انفتاح بدرجة كبيرة جدا في المجال السياسي العام، بسبب وجود زخم جماهيري من ناحية، وعدم وجود تضييق أمني من قبل الأجهزة الأمنية من ناحية أخرى، ومن ثم ظهرت أحزاب كثيرة منها الحزب الديموقراطي المصري والعدل والأحرار الدستوريين، وغيرهم، بالتالي يمكننا القول إنها ظهرت بسلاسة دون عقبات أمنية أو سلطوية، أعقبت ذلك الاتجاه بخطى حثيثة تجاه تضييق المجال العام، وتواكب مع ذلك انحسار الزخم السياسي مرة واحدة، ولا أحد يعرف هل انحسار الزخم هو ما أفضى إلى التضييق على الحياة السياسية المصرية، أم أن التضييق هو ما أدى إلى انحسار الزخم؟ فالبعض يرى أن هذا الزخم ما كان له أن ينتهي لولا ممارسات النظام والتضييق، ومواجهة التظاهرات بشكل عنيف وقاسٍ، وهناك قراءة أخرى، ترى أن عزوف الكثيرين عن المشاركة السياسية هو ما أدى إلى عودة النظام الجديد – القديم، إلى ممارسة أدواره التقليدية التي كانت تمارسها السلطات قبل 25 يناير.

• ماذا تقصد تحديدا بسياسات وممارسات النظام الجديد – القديم؟
أقصد بذلك تضييق المجال العام، وتجريم الاحتجاج السلمي، ومواجهة أي نوع من الاحتجاجات بقسوة وعنف مفرطين، وعدم السماح بالتحركات السياسية إلى آخره، الإخوان أيضا كانت لهم نفس الميول الأمنية، والدليل على ذلك الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره مرسي عام 2012. ونعود لنقول ما كان يمكن لأي محاولات للتضييق أن تنجح لولا الانحسار الملحوظ في المشهد السياسي، خاصة بعد عزوف الناس عن المشاركة السياسية لأسباب أخرى لا تتعلق بالتضييق الأمني وحده.

• أهم هذه الأسباب؟
ربما يكون أهمها هو عقد الناس آمالا كبيرة على ثورة 25 يناير، وتصورها بأنها ستدشن مرحلة جديدة وتحقق آمالا كبيرة، مع الوقت تراجعت هذه الآمال نتيجة الإخفاقات التي تمت نتيجة ما بذلته قوى الثورة المضادة، سواء فلول النظام القديم أو الإخوان، جنبا إلى جنب مع أخطاء مارستها القوى الديمقراطية نفسها، كل ذلك جعل الناس تشعر أنها لم تحقق الأهداف، ففقدت الثقة في العملية الثورية والسياسيين والسياسة والقوى الديمقراطية، لترتفع وتتعالى الأصوات التي اعتدناها منذ سنوات والتي تجرم السياسة والسياسيين والحياة السياسية برمتها.. واكتمل المشهد باتجاه الخروج من التحول الديمقراطي إلى مرحلة إعادة بناء النظام القديم باستخدام نفس الأسس، لذلك نعد ملف الأحزاب السياسية ملفًا أمنيًّا وليس سياسيًّا.


• إذن أنت ترى أن المناخ السياسي المصري انحرف تماما عن المسار الديمقراطي الذي كان موضوعا له منذ نجاح ثورة 25 يناير؟
بالتأكيد، نحن خرجنا عن مسار التحول الديمقراطي إلى مسار آخر، ونطالب جميعًا بأن نعود للمسار الذي كنا نسير عليه، لأننا في وضع سيئ، نحن أصبحنا الدولة قبل الأخيرة في التعليم، وصلنا بالمديونيات إلى بضعة تريليونات من الجنيهات لأول مرة في تاريخ اقتصاد مصر، فضلا عن مشكلات الصحة والحراسات، وقوانين النقابات والجمعيات وقوانين التظاهر، التجريم والتحريم والمواقع الصحفية المحجوبة، وبالطبع المشكلات الاقتصادية التي تطول الطبقات الدنيا والوسطى، القضايا الأمنية كقضية جزيرتي تيران وصنافير وأزمة المياه، وغيرها من القضايا التي تتعلق بالأمن القومي المصري، وكل هذا يحتاج منا مناقشة مجتمعية واسعة ودرجة ما من الاتصال بين كل الفرقاء السياسيين، باستثناء قوى الإرهاب والتطرف، بغرض الوصول لحلول لتلك لأزمات.

• على ذكر مشكلات التعليم والصحة والقضايا التي تهم الشرائح الوسطى والدنيا من أفراد المجتمع.. هل للحركة الديمقراطية بشكل عام، والمصري الديمقراطي، بشكل خاص، رؤية لتطوير هذه الملفات والنهوض بها خلال الفترة القادمة؟
- نحن نقر في البداية بوجود مشكلة أودت بالتعليم المصري إلى أن يصبح -وفقا للتصنيفات الدولية- في المرتبة ما قبل الأخيرة على مستوى العالم. ونحن سمعنا من الصحف والفضائيات أن هناك مشروعًا لتطوير التعليم، ونحن حزب له مقاعد بالبرلمان، لم نسمع سوى تصريحات من الوزير، وأنا طولبت في الحزب أن أبدي موقفًا في هذا التصريح المزعوم، وعندما عدت إلى خبراء في الحزب ومتخصصين في المجال التربوي، أجابوا بأننا نريد ورقًا مكتوبًا من الوزير بهذه القرارات، وعليه تواصلت مع ممثل الهيئة البرلمانية بالحزب بأن يتصل بمكتب الوزير للحصول على هذا المشروع مكتوبا، وحتى الآن لم يصلنا أي مشروع يهدف لتطوير التعليم، بالتالي نحن نرى أن هناك كارثة تعليمية، فإذا كان هناك مشروع لماذا يُناقش سرًّا ولا يعرض على الأحزاب والخبراء والمهنيين؟! لدينا مشروعات كثيرة في مجال التعليم من الصعب حصرها هنا، ولكن المشكلة في الأجهزة المعنية بالأمر، والتي لا تتعاون لا مع الحزب ولا مع الرأي العام، ولا يتم أي نقاش مجتمعي سليم.

• وهل هذا يعود لغياب الاشتباك مع الجماهير والانخراط في الشارع من قبل الشخصيات السياسية المختلفة؟
أنا أقول إن هناك ضرورة لوجود مشاركة من الناس في العملية المجتمعية، لا بد للناس أن تشارك في الجمعيات الأهلية والنقابات العمالية، وحتى الأحزاب السياسية، ومن ثم إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية للتواجد والعمل لكي يمكن للناس أن تنخرط معها، لا بد من إشراك الناس وليس طردهم من المجال العام، واعتبارهم مفعولًا به، يجلسون في بيوتهم في انتظار الدولة تعطيهم أو لا! فإذا كنت لا أضع مساحة حرية مناسبة للأحزاب، كيف سيشارك الناس إذن في صنع القرار؟! فإتاحة الفرصة معناه سن قوانين مختلفة وتشريعات متعددة.

• الضغوط السياسية التي تمارس على العمل الحزبي الحالي هل يمكن أن تدفع الحزب المصري الديمقراطي لتجميد نشاطه، أم أن هذا الخيار ما زال غير مطروح؟
- نحن طرحنا هذا الموضوع كأحد الحلول منذ بضعة أشهر، عندما شعرنا أن المجال العام قد ضاق لدرجة أصبح بها العمل مستحيلا، ولكن هذا الرأي لم يحصل على موافقة الأغلبية والناس أصرت على الاستمرار، فنحن مستمرون إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

• هذا يأخذنا للتساؤل عن كيفية تنشيط الحياة السياسية خلال الفترة القادمة؟
تنشيط الحياة السياسية يعني ترك الأحزاب تعمل بحرية، وأن تُترك لها مساحة في الإعلام والشارع والتجمعات المختلفة، فهذا لا يحدث فنحن لم يكن لدينا تواجد في الإعلام، والمحاولات لإنشاء مواقع إلكترونية ووجهت بحجب تلك المواقع، أنا شخصيا كان من الممكن أن أكون متواجدًا بمعدل مرة أو مرتين في الأسبوع خلال حكم الإخوان، أصبحتُ غير موجود، فمعظم وجوه المعارضة وقياداتها غائبة عن الإعلام المرئي الذي يصل لشريحة كبرى من الناس، الكثيرون منا لا يكتبون في أية صحف قومية، فهناك أيضا تضييق إعلامي، التضييق الآخر هو تضييق التحركات المجتمعية والسياسية، وعدم الحرص من الأساس على وجود حياة سياسية، كنا حريصين على تشجيع الأحزاب وإثبات وجودها، نحن للأسف لا نفعل ذلك الآن، نحن نفعل بالأحزاب كل ما يدفعها للانتهاء والطمس، الأحزاب ضعيفة منذ قانون الأحزاب وأزمة مارس 1954، والأحزاب الحالية وليدة وضعيفة لا ننكر ذلك، ولكننا لا نسعى إلى تقويتها، بل نسعى لتدميرها، وآخر سياسة متبعة تفعلها السلطات الآن لكي تدمر الأحزاب، هي دفعها دفعا لتتشكل وفقا لإرادة النظام، هذا أمر لا يحدث في أي بلد في العالم أن السلطات تشكل معارضيها، أو بنت حزبا معارضا لها، هذا حديث مثير للسخرية.

• هل تقصد بذلك عزم المرشح الرئاسي السابق "موسى مصطفى موسى" تشكيل حزب معارض تابع للنظام الحاكم؟
- مثلا.. فلا يمكن أن تجعل مرشحًا منافسًا لرئيس الجمهورية، يبدأ حملته الانتخابية بل يدعي تشكيل حزب مؤيد لهذا المرشح المنافس، هذا كلام غير منطقي ولا يعطي للأمر مصداقية، وهذا ما حدث حينما فقدت العملية الانتخابية مصداقيتها.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"
الجريدة الرسمية