رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements

الانعزال والعداء.. سيناريوهات تحالف أردوغان مع الحركة القومية

 الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

بعد أن فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بولاية ثانية بنسبة 53%، دخلت البلاد في نظام دستوري جديد، يتضمن صلاحيات واسعة للحاكم المطلق، بسيطرته على السلطة التنفيذية للدولة، ولكن مع ظهور شريك جديد، لديه أيديولوجية خاصة، سيؤثر بالتأكيد على الدور الدولي لتركيا، على مستوى أوروبا والشرق الأوسط.


وحسب ما ذكر موقع " carnegieeurope" الأوروبي، فإن تحول نظام الحكم سيكون له أكبر الأثر في سير السياسية الخارجية لحكومة أردوغان، موضحا أنه لسنوات كانت قائمة على قرارات مجموعة من الدبلوماسيين، وكانت وزارة الخارجية واحدة من أهم ثلاث مؤسسات بالدولة مع وزارتي المالية والجيش.

وبعد قدوم أردوغان في 2017، بدأت وزارة الخارجية تفقد الاعتماد على موظفيها التنفيذيين، كما شهدت عدد كبير من التعيينات، واليوم 10% من السفراء والممثلين الدوليين لتركيا في 151 دولة دبلوماسيين غير ممارسين.

تشكيل وزارة الخارجية
هذه التغييرات تسارعت مع الانتقال للنظام الرئاسي المطلق، ومن المتوقع أن يتم إعادة تشكيل السلك الدبلوماسي على غرار النظام الأمريكي مع مجموعة من التعيينات السياسية، كما سيتم إعادة تصميم الإدارة العامة بالوزارات على النظام الأمريكي، وسيتم إلغاء منصب الوكلاء والنواب المعينين في الوزارات، ومن التغييرات الأساسية والقريبة في الدبلوماسية التركية تشكيل ثقافة مؤسسية جديدة قادرة على إدارة عملية التسييس داخل الصف الدبلوماسي بدون تعريض العاملين بالخدمة وأدائهم للخطر.

الحركة الوطنية المتشددة
وبالإضافة إلى هذا التحول البنائي، السياسة الخارجية ستتأثر بعوامل أخرى منها خسارة حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية، ورغم تناقض دوره مع الدستور الجديد، فإن السيطرة عليه أمر حاسم من أجل الأداء الفعال للنظام السياسي.

ووفقا للموقع الأوروبي، فإن حزب الحركة الوطنية المتشددة باتت شريكا في البرلمان، ورغم ضعف دورها إلا أنها سيكون لها دور في سير العملية السياسية وإصدار القرارات، وهو ما سيؤثر على السياسة الخارجية للبلاد.

والحركة الوطنية معروفة بتركيزها على القومية التركية وأجندتها تدور وضع أولويات الأمن القومي على حريات الأفراد، أيضا تتبنى عداء شديد للأكراد الذين يراهم أردوغان عدوهم الأول، وتعتبر أن تركيا ليس لها أصدقاء على المستوى الدولي، وتعرض مصالح أنقرة باستمرار للتهديد من قبل جهات أجنبية، هو شغلها الدائم.

القضية الكردية
وبالتالي فإن محاولة التوصل لاستراتيجية بين حزب أردوغان والحركة الوطنية المتشددة، سيكون له عواقب على علاقات تركيا بشركائها الخارجيين، فمثلا بشأن القضية الكردية، ستقل قدرة أردوغان على المناورة بشأن الأكراد، وستتجه الأنظار نحو سوريا؛ لتكون مقرا للأكراد من أجل احتواء نفوذهم.

رغبة تركيا في عدم إنشاء منطقة تتمتع بالحكم الذاتي للأكراد بتركيا ستؤثر بالسلب على علاقتها بأمريكا، وستصبح العلاقة أكثر تصادما من الآن، بسبب دعم الأخير للجماعات الكردية السورية.

العداء لأمريكا
أيضا عداء الحركة لأمريكا سيظهر في الجهود لحل النزاعات القائمة مع الولايات المتحدة على عدة قضايا، منها الجدل حول تواجد رجل الدين فتح الله جولن بولاية بنسلفانيا، والذي تطالب تركيا بتسليمه لها، والعقوبات التي قد تفرض ضد تركيا، والمتعلقة بشراء أنقرة أنظمة دفاعية "أس 400" من روسيا، وكذلك هناك احتمالية لفرض غرامات على بنك "هالك" بإيران المملوك لتركيا؛ بسبب انتهاك للعقوبات المفروضة على إيران، وهو ما سترفضه أنقرة، كلها مجالات للخلافات من المحتمل أن تتصاعد مستقبلا.

العلاقة مع أوروبا
بالنسبة للعلاقة مع أوروبا، ستكون أكثر تعقيدا، فالحركة المتشددة لديها شكوك كبيرة في عضوية تركيا بالاتحاد الدولي، وخلال الحملة الانتخابية، دعت لإنهاء تطلعات أنقرة لتكون عضوا بالاتحاد الأوروبي.

وذكر الموقع عدة سيناريوهات للتعامل، تضمنت أن علاقة أنقرة بأوروبا ستقوم على المعاملات البحتة التي تغطي المجالات المشتركة، مثل مسألة اللاجئين في مقابل الحصول على مساعدات مالية من الاتحاد، وكذلك التعاون في مكافحة الإرهاب.

الاقتصاد التركي
تكلفة انعزال تركيا عن الغرب، سيتحملها الاقتصاد التركي، الذي يعتمد على التمويل الدولي بمبلغ يصل لـ250 مليار دولار سنويا، كما أن نمو تركيا مرتبط بالدخول في الأسواق الغربية، وتدفق الاستثمارات الأجنبية والتكنولوجيا لأنقرة، ولذلك يرى الموقع أنه في كل الحالات ستختار تركيا التقارب مع الغرب بدلا من العزلة.

وبالتالي فإن علاقة تركيا بأمريكا وأوروبا مع نظامها الجديد سيعتمد بشكل كبير على مدى قدرة الحركة المتشددة على فرض نفوذها لتحقيق أهدافها السياسية، والطريقة التي سيدير بها الحكم مع أردوغان.
Advertisements
الجريدة الرسمية