رئيس التحرير
عصام كامل

«المال السايب في 57357 ».. أسامة داود يسأل مجلس أمناء المستشفى: لماذا الصمت؟ وما مدى مسئوليتكم عن مخالفات إدارة المؤسسة؟.. لماذا وافقتم على توجيه أموال المؤسسة إلى بنود أخرى بدلا من العلاج؟

مستشفى سرطان الأطفال
مستشفى سرطان الأطفال

مر أكثر من شهر على ما انفردت به جريدة وبوابة "فيتو" عن الممارسات التي ارتكبتها إدارة مؤسسة ومستشفى 57357 ماليًا وإداريًا وغير ذلك.. شهر كامل ولم يتقدم مجلس الأمناء وهو أعلى سلطة للمجموعة بأي تفسير لما قدمناه من معلومات ووثائق، وأصبح الصمت حتى الخرس هو الرد الوحيد المتاح لدى مجلس الأمناء رغم أنهم ــ كما يقولون ــ يمثلون نخبة النخبة، فهم المؤتمنون على المليارات التي جمعت من تبرعات الفقراء وزكوات الأغنياء وصدقات الراجين التقرب من الله، هم المكلفون والقائمون على متابعة ومراجعة ومراقبة ومحاسبة الإدارة ولجنتها التنفيذية..


لكن أين هم من تلك الأحداث هم ممثلو المتبرعين، حتى في جلسة الأربعاء الماضي اجتمعوا صامتين واجمين يكتنفهم الحزن.. لكن على من؟ على إدارة فضلت توجيه أموال التبرعات التي تدفقت مليارات نحو أجور تضخمت، وإعلانات تدعوك باسم الطفولة المصابة بالسرطان أن تتبرع لعلاجهم، بينما توجه تلك الأموال لأي شيء إلا العلاج.. لماذا يصمتون؟، وبماذا نبرر صمتهم؟ أليس مجلس الأمناء هو من يقوم باعتماد جميع الإجراءات والقرارات التي تتخذها الإدارة؟! وأسأل أيضًا.. هل اعتمد مجلس الأمناء كل أعمال مجلس الإدارة؟ هل الموافقات تتم بعد قراءة القرارات أم قبلها أم دون قراءتها؟ لماذا صمت مجلس الأمناء علما أنه مراقب للإدارة وليس شريكًا لها؟

أما جديد المعلومات التي حصلت "فيتو" عليها فإن مجلس الأمناء استعرض مذكرة تفصيلية مقدمة من إدارة المشروعات بالمؤسسة تطلب زيادة في عقد المقاول العام لمشروع التوسعات شركة ACC لتغطية نتيجة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، ومنها الزيادة في أسعار الوقود وتعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف، ورغم اعتراض أحد أعضاء مجلس الأمناء على الصرف إلا بعد الدراسة فإن عملية الصرف ولمبلغ 60 مليون جنيه إضافية كانت تمت الموافقة عليها من اللجنة التنفيذية في 23 أغسطس 2017 أي قبل 3 أشهر و13 يومًا بالتمام والكمال، أيضا مجلس الأمناء ذاته يستعرض مساهمة المؤسسة في تمويل مشروعات أخرى لا علاقة لها بالهدف الأسمى للتبرعات، ويعتبره من الأهداف الرئيسية للجمعيات والمؤسسات الكبرى، وعلى حد تعبيرهم مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال، ويوافق المجلس على المساهمة سواء عن طريق جمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان (وهي الجمعية التي تأسست على جثة جمعية أصدقاء المعهد القومي للأورام) أو مباشرة بالتعاون مع الشركة القابضة للصرف الصحي المشرفة على المشروع، بينما تم تجاهل طلب اعتراض أحد أعضاء مجلس الأمناء على مخالفة المادتين الثالثة والثامنة من اللائحة التأسيسية لمؤسسة ومستشفى 57357 التي تحدد أوجه الإنفاق في الأمور التي تخص تشغيل المستشفى لعلاج الأطفال من السرطان، كما تثبت عدم الأمانة في توجيه الأموال التي جمعت بهدف واحد وهو علاج الطفولة.

ورغم اعتراض بعض الأعضاء فإنه في 26 فبراير 2018 أصدر المهندس لطفي حسن البدراوي، رئيس جمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان، خطابا موجها إلى مؤسسة 57357 مخاطبا فيه محمود التهامي المدير التنفيذي للمستشفى والأمين العام لجمعية المبادرة نفسها، يقول فيه: "بناء على اجتماع مجلس إدارة الجمعية في يوم 15 من الشهر نفسه يطلب فيها أن تتحمل كل من مؤسسة 57357 وجمعية المبادرة مبلغ 300 مليون جنيه لتنفيذ أعمال شبكات ومحطات صرف صحي تسدد منها فورًا 37 مليونًا و500 ألف جنيه"، ويكمل لطفي البدراوي في خطابه قائلا: أفيدونا عن كيفية السداد للجمعية أو للشركة المنفذة مباشرة حتى يتم البدء في المشروع.

وبالعودة إلى الوراء أيضًا نجد أن اللجنة التنفيذية التي يرأسها الدكتور عمرو عزت سلامة وأمين مجلسها محمود التهامي كانت وافقت أيضًا على المشاركة بمبلغ 15 مليون جنيه من خلال مؤسسة 57357 وجمعية أصدقاء المبادرة التي هي في الأساس، كما قلنا جمعية أصدقاء المعهد القومي للأورام.

هكذا يتم الاتفاق على دفع تلك الأموال دون حتى تأجيل الأمر لاستطلاع موافقة مجلس الأمناء من عدمه، وكأن مجلس الأمناء كل دوره أن يقر ما تراه الإدارة ممثلة في المديرين التنفيذيين وممثلي الجمعيات دون مناقشة، وهو ما تم.

إلى وزيرة التضامن..
أين التحقيقات في عملية التزوير لضم الدكتور شريف أبو النجا للمؤسسين، ولماذا فضلتِ الصمت لمدة 30 يوما؟! أكدت أنك تراجعين كل أوجه إنفاق الجمعيات وميزانيتها ومنها 57357 وفقا للقانون، فماذا فعلت في وقائع توجيه أموال التبرعات لصالح الأجور والإعلانات وأمور أخرى و16% فقط للعلاج، لماذا لم يتم تجميد مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية لحين الانتهاء من التحقيقات لمنع تدخلهم؟.. كيف يتم تحديد 10 أيام للخروج بتقرير بينما المخالفات تصل لمليارات الجنيهات؟ لهذه الأسباب.. نطالب النائب العام بتشكيل لجنة لعدم حيادية وزارة التضامن.

لم يعد خافيًا على أي من المهتمين بشأن المخالفات التي ارتكبتها إدارة 57357 أن وزارة التضامن وضعت نفسها موضع الانحياز للإدارة من خلال عدة وقائع.. منها تمرير مخالفة توجيه أموال التبرعات في غير الموضع المحدد له الذي استهدفه المتبرعون وهو علاج الأطفال، وتم توجيه جزء كبير منها إلى الهيئة القومية للصرف الصحي، ولم تحاسب إدارة المستشفى على ذلك علمًا بأن الوزيرة اعترفت بالقيام بمراقبة ومتابعة ومراجعة كل ميزانيات الوزارة ومواردها ونفقاتها!

الجديد أيضًا الذي يكشف عن سلبية الوزارة بشأن ممارسات مجلس إدارة 57357 كمؤسسة ومستشفى، ومنها واقعة ارتكاب مخالفات من جانب موظفي التضامن، التي وصلت إلى حد ضم الدكتور شريف أبو النجا للمؤسسين بالمخالفة للائحة والقانون التي لم تكن لتحرك لها وزارة التضامن ساكنًا لولا أن تقدم بعض أعضاء مجلس الأمناء بما يكشف هذه الواقعة المريبة، وأجبرت وزارة التضامن على الاعتراف بها من جانبها، ويأتي ذلك مدونًا وموقعًا من مدير عام الشئون القانونية بالوزارة السيدة سمية عبد السلام التي تعترف - إلزاما وليس اختيارا - أن إدارة الجمعيات بالقاهرة التابعة لوزارة التضامن قامت بضم الدكتور شريف أبو النجا ضمن المؤسسين لمؤسسة 57357، ولتؤكد مدير عام الشئون القانونية عدم جواز قبول انضمام الدكتور شريف أبو النجا كمؤسس، ليتم بعدها استبعاده.. والسؤال هنا هل تم إحالة مرتكب جنحة التزوير للتحقيق، وهل كانت تكفي الإحالة للشئون القانونية بالوزارة هذا إن كان حدث بالفعل؟ ولماذا لم تُبلغ وزارة التضامن مجلس الأمناء بنتائج التحقيقات؟ ولماذا لم يتم إحالتهم للنيابة العامة بتهمة ارتكاب جريمة تزوير تحقق منها الاستفادة المباشرة لشخص الدكتور أبو النجا؟ وهل كان صمت الوزارة والتكتم على كل ما أثرناه من تساؤلات حرصًا على الدكتور أبو النجا الذي كان هو المستفيد الوحيد من واقعة التزوير؟!

أما فيما يخص قرار السيدة وزيرة التضامن الاجتماعي بتشكيل لجنة للتحقيق فيما أثرناه من مخالفات تدخل في عداد محاولات لمساعدة إدارة مستشفى 57357 لإعادة تستيف الأوراق وتبرير عمليات تبديد أموال التبرعات في أمور لا تخص العلاج وإنفاقها دون رقابة.

تأتي تأكيدات الدكتورة غادة والي أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقدته الأسبوع الماضي، لتُعلن وبعد مرور شهر كامل ردا على ما أثرناه قرارها قائلة، إن الوزارة تراجع كل أوجه إنفاق الجمعيات بشكل دوري، وفقا للقانون، وإن الميزانيات تراجع فور اعتمادها من جميع المديريات ومن الإدارة المركزية، لكن حسب نص كلامها فإن تشكيل لجنة لفحص أعمال مؤسسة مستشفى 57357 يأتي "تقديرًا لما أثير في وسائل الإعلام"، وكأن تشكيل اللجنة هو نوع من الترضية لما أثرناه في الصحافة والإعلام، وهذا يعني أن الوزيرة وهي الجهة المسئولة عن تمرير كل مخالفات 57357 لأنها الجهة التي تراقب وتراجع وتحاسب، وبالتالي لن تسمح بخروج تقرير إدانة لها.

وتصريح السيدة غادة والي وزيرة التضامن، يعني أن هناك تأكيدًا مسبقًا منها أن نتائج التحقيقات لن تكون مخالفة لما قامت به الأجهزة التابعة لها! وإن كانت تلك تصريحات الوزيرة في مؤتمر صحفى بينما معنا نسخة من القوائم المالية لميزانية 2015، التي تقول إن الموارد مليار جنيه وإن حجم الإنفاق على العلاج 16% بواقع 160 مليون جنيه من ميزانية المستشفى، بينما يصل للإعلانات 136 مليون جنيه، ناهيك عن الأجور والتي التهمت على التوالي في عام 2015 مبالغ 210 ملايين ثم في 2016 مبالغ 281 مليون جنيه ثم في 2017 وهي الميزانية التي انفردنا بنشر مسودتها قبل مناقشتها وكلها ألغاز لكونها تم إعدادها بعد أن فجرنا قضية مخالفات إدارة 57357 وتبلغ 370 مليون جنيه وفى 2018 تبلغ الأجور بالمكافآت ما يقرب من 500 مليون جنيه!

أليس ذلك وطبقا لتصريحات السيدة الوزيرة التي تؤكد أنها تابعت وراقبت وراجعت كل أداء إدارة 57357 كان يتم تحت سمع وبصر وزيرة التضامن الاجتماعي وأجهزتها؟

وبالتالي هناك إصرار من الوزيرة على أن ما تم من رقابة سابقة هي سليمة متجاهلة كل تلك الوقائع، وكأنها تقول اضربوا رءوسكم في الصخر، ليس ذلك فقط لكن تصريحات السيدة غادة والي في المؤتمر الصحفي نفسه تشير إلى أن المراجعة سوف تشمل ميزانية عام 2017 وميزانيات 5 سنوات سابقة فقط وسوف تُعلن النتائج خلال 10 أيام، وبالتالي كان يجب وضع شرط إعادة فحص باقي السنوات إذا ما تم الكشف عن مخالفات في تلك السنوات الخمس التي حددتها الوزيرة، إضافة إلى أن تحديد مدة زمنية وهي 10 أيام فقط ربما لا تكون كافية لمراجعة أعمال ومستندات وسجلات تتناول مليارات الجنيهات.

كانت الوزارة تجاهلت مطالب عدد من أعضاء مجلس الأمناء بإحالة ملف المستشفى إلى الإدارة المركزية للجمعيات بديوان عام الوزارة بدلا من تركه في يد موظف بسيط بمكتب السيدة زينب التابع لمديرية التضامن بالقاهرة مثله مثل باقي الجمعيات التي تعمل في بضعة آلاف من الجنيهات وليست مليارات.

وأقول إن تاريخ السيدة الوزيرة مع مخالفات 57357 لم يكن حاسما فيما سبق بل إن الوزيرة تجاهلت شكاوى ومطالب بعض أعضاء مجلس الأمناء التي تعددت وعلى مدى عام ونصف العام من المطالبة بإسناد متابعة ملف المستشفى والمؤسسة للإدارة المركزية بمقر الوزارة، وظلت تتجاهل حتى تمت الاستجابة وإحالة ملف المستشفى لرقابة الإدارة المركزية للجمعيات بالوزارة وتحديدا في يوم 11 يناير 2018.. وهنا يستوجب الأمر إحالة ملف المستشفى المتخم بالمخالفات المالية والإدارية الخطيرة إلى النائب العام ليكون هو الجهة الوحيدة المحايدة التي نطمئن إلى ما تقره من تشكيل لجنة بمعرفته من الأجهزة الرقابية وبوجود نيابة الأموال العامة للخروج للرأي العام بالحقائق كاملة.

الدكتورة هالة زايد ترد على «فيتو»: «مالناش دعوة »!

قالت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، ردًا على تساؤلات "فيتو" عن الممارسات التي ارتكبتها إدارة مؤسسة ومستشفى 57357 بسبب قيامها بجمع التبرعات بهدف علاج الأطفال المصابين بالسرطان، بينما يتم توجيه معظم تلك التبرعات لأمور لا تخص العلاج: "مالناش دعوة".

وكانت الزميلة "ريهام سعيد" وجهت أسئلتها للوزيرة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته عقب توليها المنصب وباعتبار أن الدكتورة هالة زايد كانت عضوا في مجلس إدارة 57357 وأمين عام تنفيذي للأكاديمية التابعة لنفس المؤسسة.. ونسأل، كيف تتنصل الوزيرة من إنفاق إدارة مستشفى مثل 57357 للأموال في غير الأمور المخصصة لها بقولها "مالناش دعوة"؟، رغم أنها أحد عناصر مجلس الإدارة.

في حين أنها تحاول تبرير مخالفات المؤسسة التي بناها الشعب بجنيهاته ويقدم لها التبرعات المليارية.. قائلة دعم الدولة ووزارة التضامن الاجتماعي لتلك المستشفيات والرقابة الدائمة والمستمرة عليهم تؤكد توفير خدمة جيدة للمواطنين، والوزيرة طبقًا لما نشر في السيرة الذاتية لها عقب توليها المنصب أنها أحد أعضاء مجلس الإدارة في 57357، وتشغل موقع الأمين العام التنفيذي لأكاديمية 57357، بينما لم تجب الوزيرة عن تساؤلاتنا لها بشأن حقيقة الأكاديمية، وهل حصلت على التراخيص اللازمة من المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالي؟ وعلى أي أساس كانت تتسلم الوزيرة هالة زايد مرتبها من مجموعة 57357 وكم كان يصل هذا المرتب، ما دام أنه من أموال التبرعات، وهل كان مرتبا أم ترضية؟!

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية