رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ماذا لو تركنا عبد الفتاح السيسي للإخوان؟


في كتاب "الثورات" للمفكر "سلامة موسى" شرح سمات الثورة فيخيل للمشاهد أن الشعب كله ينهض ضد الظلم، لكن الواقع أن فئة قليلة العدد مضطهدة تتحرك وتعبر عن فلسفتها نحو رفض الظلم ضد فئة متسلطة طاغية، فيتعاطف الشعب مع الفئة الأولى لتكتمل الثورة نحو إسقاط الحاكم الظالم...


هكذا تحرك الشباب وفئات مختلفة ترفض حكما دينيا يعود بمصر إلى قرون الجاهلية في عصر تحكمه الحداثة والعلم والتكنولوجيا، عندما عبر الإخوان عن ميولهم المتطرفة لتمكين إرهابيين ومساجين سابقين من مناصب حساسة، هذا إلى الفتاوى الدينية المتطرفة التي لا تعبر عن وسطية الشعب عريق الحضارة، إلى جانب دعوة مرسي إلى الانخراط في حرب سنية شيعية في سوريا... إلى جانب حوادث الاعتداء على مقدسات قبطية أثارت غضب المسلمين المصريين.

مع تقديري للجموع الحاشدة التي انخرطت للتظاهر ضد الإخوان عقب إنذار السيسي للقوى المتصارعة، لكن هذه الجموع ليس كلها هي الفئات المضطهدة التي أشار لها "سلامة موسى" ولعل البضعة آلاف الذين وجدوا منذ يوم الجمعة ٢٨ يونيو هم النواة الصلبة التي خلقت تعاطف الجموع، وهؤلاء كانوا أضعف من مئات الألوف من الهمج الإرهابيين القادرين على تنفيذ مذبحة خاطفة حددوا لها يوم ٣٠ يونيو، لتحقيق التمكين الكامل، وللعلم فإن هذه الفئات السلمية كانت أقل تنظيما وعتادا ولم يجمعها سوى ورقة سميت تمرد لتشكل فلسفة ورؤية ومطالب المظلومين المصريين.

وخلال متابعتي لكل ترتيبات الثورة وفي كل لحظة في اللحظات الأخيرة ساورني الشك في أن ينحاز وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إلى جانب المستضعفين رغم إدراكنا بعقيدة الجيش، والخطر الذي يمثله الإخوان على مستقبل الشرق الأوسط.. لكن وزير الدفاع ليس مضطرا للمخاطرة بعد أن انتخب الشعب الإخوان بحجة أنهم أولياء الله، وحيث إن منصب وزير الدفاع محصن لمدة ثماني سنوات بالإضافة إلى مباركة أمريكية عالمية للإخوان كأقوى تنظيم سياسي منظم في مصر، ومع تمدد التنظيم الدولي وسطوته في دول كبرى مثل ألمانيا وإنجلترا.. كل هذا جعل احتماليات انحياز الجيش للثورة ضعيفا وكان الأقرب الدعوة إلى انتخابات مبكرة كمسكن موضعي.

ماذا لو لم ينحاز عبد الفتاح السيسي للثورة طبقا لمعطيات القوة؟!
 
ناهيك عن مذبحة سريعة لدعاة الثورة بما لا يتجاوز البضعة آلاف في الإسكندرية، لكن الأخطر هو تحول مصر إلى قوة عسكرية متطرفة معتدية ضد النظام السوري، ثم النظام الإيراني، وتتحالف معها تركيا ودول الخليج في حرب قد تصل إلى النووية، بما يضمن تدمير داخلي شامل للشرق الأوسط تحت عباءة الحروب الدينية، وهي نظرية أمريكية تبنتها إدارة أوباما وهيلاري في إدارة أزمة الشرق الأوسط من خلال تضخيم أزمة التطرّف الديني لتفجيرها داخليا... لقد كان السيناريو حربا نووية تتخطى سيناريوهات الحرب الأهلية التي تدور في الدول المجاورة، لأن مصر هي قلب الوطن العربي وهي الجيش المنظم القوي.

لو لم ينحاز السيسي للثورة لاستمرت القوى الدولية في دعم قوى التطرّف للوصول إلى الانفجار، وهذه القوى تتحرك من تركيا والسعودية.. لو لم تنجح ٣٠ يونيو لزادت قوة أردوغان كخليفة المسلمين، ولم تكن للمعارضة سواء في الجيش أو المعارضة المدنية أو للأزمات الاقتصادية أو الفضائح في دعم داعش.. ولانتهت فرصة محمد بن سلمان في الوصول إلى كرسي ولي العهد كداعي للحداثة والوسطية، وبالطبع فإن سقوط النظام السوري كان أقرب للحدوث.. وبسقوط تنظيم الإخوان المسلمين انتهى الرهان على احتمال تضخيم أزمة الإسلام السياسي إلى حد الانفجار فتغيرت السياسات الأمريكية بما أهل ترامب للظهور بفكر مضاد يحقق المصالح الأمريكية بعد انتهاء السيناريو الأول.

في كل الأحوال حتى إن عبرت مصر من خطر الحرب النووية فإن النظام الدولي لن يتركها بلا عقوبات اقتصادية بسبب سلوكها الإرهابي الهمجي وكان الشعب سيسقط فريسة للجوع والمرض.

أيا كانت المعاناة الاقتصادية التي يمر بها الشعب المصري الْيَوْمَ لكن أكثر المواطنين تألما يدرك أن السيسي عبر بمصر في معركة البقاء، وليس مجرد تغيير نظام ظالم ضد الشعب المصري.. الشعب يدرك أن السيسي حقق بطولة تاريخية فريدة في الحفاظ على مقدرات وطن تعرض إلى خيانة وتراخي من كل القوى التي سهلت تمكن الإخوان من سدة الحكم لدولة أسست الحضارة البشرية وجاء الْيَوْمَ ليحكمها الهمج..

أن الشعب لن ينسى ثورته ٣٠ يونيو... التي أنقذت دول الشرق الأوسط من الدمار والفوضى.. ليستوجب أن تهتف الشعوب العربية تحيا مصر.
Advertisements
الجريدة الرسمية