رئيس التحرير
عصام كامل

ندى الشلقاني تكتب: اذبحني شكرا «برعاية قانون الأحوال الشخصية»!

ندي الشلقاني
ندي الشلقاني

عندما بدأت في كتابة هذا المقال، لم أكن أنوي الهجوم على نائب أو نائبة بسبب المقترحات التي يقدمونها إلى مجلس النواب بشأن تعديل بعض القوانين، إلا أن غريزة الأمومة لدى لم تستطع التحمل والسكوت أمام المقترحات المقدمة من البعض بتعديل قانون الأحوال الشخصية المتعلق بحقوق الأطفال المتضررين من طلاق الأبوين، في ظل ارتفاع وقائع الإهمال والخطف من جانب بعض الآباء لأبنائهم.

فهنا رجل يخطف ابنه للانتقام من طليقته، وهناك رجل يمتنع عن الإنفاق على أولاده بعد الطلاق، وآخرون يتعمدون ترك أولادهم دون السؤال عليهم بل والتبرأ منهم أحيانا، وفي النهاية تقع المسئولية على عاتق الأم وحدها، هي فقط من تتحمل تربيتهم وتعليمهم والإنفاق عليهم، وبعد كل هذا يأتي إلينا البعض لسلب الأم من كل حقوقها وبالـقانون!

تطالب هذه التشريعات بأن يكون سن حضانة الطفل 9 سنوات بدلا من 15 سنة في القانون الحالي، وأن تنتقل حضانة الطفل من الأم إلى الأب فور زواجها، بعد أن كانت لأم الأم في القانون الحالي، وأن تسقط الولاية التعليمية من الأم لتذهب إلى الأب!!

في حقيقة الأمر، كل كارثة مما سبق تحتاج إلى مقال مستقل، لأن مشروع القانون الجديد بتعديلاته هو "تخريب" لنفسية الطفل" بشكل خاص وإهدار لحق الأم بشكل عام، فمن يطالبون بانتقال حق الحضانة إلى الأب في حال زواج الأم، أود أن أعرف منك بأى منطق تطالبون بهذا المطلب، أتعاقبون الأم على زواجها؟!!

فهل يعقل أن تسلب أم أبناءها لتربيهم امرأة أخرى تدعي "مرات الأب" وما أدراكم ما هي؟!!

فهل يعقل أن يعاقب القانون الأم لأنها أرادت أن تبدأ حياة جديدة، تعف فيها ذاتها وتعوض ما لم تستطع أن تجنيه في حياتها الأولى؟

في حقيقة الأمر، ومنذ قراءتي للنصوص المقدمة في المشروع الجديد، وأنا أود أن أطرح العديد من الأسئلة التي تصارعت في ذهني بعد هذه المقترحات.

فيا من طالبت بإسقاط الحضانة عن الأم فور زواجها، هل تعي وتدرك ما وراء هذا المطلب ؟

أهي دعوة منك للجوء بعضهن للعلاقات غير الشرعية حتى تحتفظ بحقها في الحضانة !! أم أنك تريد معاقبة كل سيدة مطلقة على حقها الشرعي الذي حلله لها الشرع والقانون، فهل القانون الحالي يكفل كل حقوق الطفل ويعطي كل أم مطلقة حقها حتى تعبث بهذا الطلب؟!!

فلو ما تطالبونه تم تطبيقه، هل يستطيع الأب مراقبة زوجته في تربيتها لأبنائه وهو في عمله طوال اليوم، ألا تقرأون يوميا، وتسمعون عن تعذيب زوجة الأب لأطفاله بل وقتلهم أحيانا!!، هل سيتحمل الأب ما تتحمله الأم من سهر وتربية ومرض وتعليم وهو لا يستطيع تحمل مشقة عمله!!، كيف ستضمنون البيئة التي سينشأ فيها الطفل؟، وإذا كان الأب مدمن أو يتعاطى المخدرات أو غير سوي سلوكيا فهل يعقل أن يكن أمينا على أطفال أبرياء؟

أنتم بذلك تضعون سيفا فوق رقبة كل أم رفضت أن تكمل حياتها في علاقة ناقصة وفي قهر وظلم، وأن تبدأ حياة جديدة، أنتم تبخسون حقها بعد عناء ومشقة وتربية وإنفاق، ليذهب على طبق من ذهب ودون أي مجهود إلى أب كان كل دوره في الحياة هو الإنجاب!!

فلا يوجد امرأة على وجه الأرض تسعى إلى الطلاق إلا إذا وصلت العلاقة إلى طريق مسدود.. رفضت فيه أن تربي أولادها في جو ملوث مليء بالخلافات والمشكلات.. رفضت أن تربيهم في بيئة غير سوية.. رفضت أن تشركهم في معاناتها.. وفضلت أن تحمل لقب مطلقة في مجتمع عقيم ينظر إليها بنظرة بخسة وفضلت تربية أبناءها في جو هادئ على أن تحمل لقب متزوجة وتسقي لأبنائها مرارة ما تذوقه يوميا..

فالمرأة بالفطرة تميل إلى الاستقرار والأمان والاحتواء، وتظل تبحث عنهم طيلة حياتها..وعندما لم تجدهم في علاقتها الزوجية تفضل الانفصال والعيش بمفردها لتحقق لنفسها هذا الاستقرار والأمان..

بعد كل معاناة امرأة مطلقة.. تأتون إليها لتضيفوا لها معاناة أخرى في أغلي ما تملك!! 

أحب أيضا أن أوضح لسيادتكم أن الـ 9 ملايين طفل المتضررين من طلاق الأبوين، يستحقون منكم أن تجلبوا لهم حقوقهم المادية والاجتماعية والنفسية، وانصح كل من ساهم في إعداد هذه المقترحات، أن تركزوا على الآباء الذين يتركون أبناءهم بعد الطلاق دون أي مسئولية مادية عليهم ويلقون كل الحمل على الأم لتتحول إلى أم وأب معا.. أنصحكم يا نواب الشعب أن تستغلوا مناصبكم وسلطاتكم في تعديل الروتين القاتل الذي يعلق القضايا الخاصة بحقوق الأم والطفل في المحاكم لمدة تتعدى الـ ٣ السنوات حتى تنل الأم نفقة لا تتعدى الـ 500 جنيه بحد أقصى!!

فبدلا من المقترحات التي تسلب المرأة حقها في الحياة كزوجة وأم، طالبوا بمعاقبة كل أب ينجب أطفالا ويحرمهم من حقهم في رؤيته ليتفرغ بتربية آخرين، وينسى أن له أبناء يحتاجون عطفه وحنانه ورعايته وأمانه، أنصحكم أن تفكروا بعقل وحكمة ورحمة لأم أنجبت وتعبت وسهرت وضحت.. تحاول أن تبحث عن أمل جديد وسند لها في الحياة لتربية أبنائها، ولتعف نفسها من "الحرام".. لتحمي نفسها من نظرات وشهوات الرجال فقط لأنها مطلقة..مطلقة رفضت أن تبيع نفسها للحرام حتى تكون أمام المجتمع مضحية!!
الجريدة الرسمية