رئيس التحرير
عصام كامل

الجوهري «السابقون».. وكوبر «اللاحقون»!


لابد أن نعترف أن وصول منتخبنا لنهائيات كأس العالم كان حلما بعيد المنال لأجيال كثيرة، من يصدق أن جيلا كان يضم عبدالكريم صقر والضظوى وصالح سليم وأحمد مكاوى ومحمد الجندى وحنفى بسطان ويحيى أمام وبراسكوس لم يؤهل لنهائيات كأس العالم؟، من يصدق أن جيلا يضم رضا وشحتة والفناجيلى وطه إسماعيل والشاذلى وخورشيد وعادل هيكل ويكن ومصطفى رياض وحمدى عبدالفتاح ونصحى ونبيل نصير وفاروق السيد وبدوى عبدالفتاح، ومحمد شاهين ورأفت عطية والبورى لم يؤهل لنهائيات كأس العالم!؟


من يصدق أن جيلا يضم على أبو جريشة وشحتة الإسكندرانى وحسن شحاتة، هانى مصطفى والخطيب، وفاروق جعفر، عبدالرحيم خليل وحسن مختار وعبدالعزيز عبدالشافى وحسن يوجا وإكرامى وثابت والمأمور، ومسعد نور، وعلى خليل وأسامة خليل، لم يؤهل لنهائيات كأس العالم!؟

هذه الأسماء وغيرها ربما لم تسعفنى الذاكرة كانوا مواهب غير عادية، بلا شك كانت جديرة بالتأهل ولكن لأسباب مختلفة لم تتأهل، وأذكر بعد توقف الكرة بعد نكسة يونيو 67، كان يتم تجميع اللاعبين في معسكر في أسفل مدرجات الزمالك والتدريب عبارة عن تقسيمة بين فريقين الأبيض والأحمر ويتم استدعاء حسن شحاتة وطه بصرى المحترفين في الكويت، وربما يكون لحق بهما الشاذلى وكان الأمل في الفوز مثلا على المغرب أو الجزائر بالروح فقط لاغير..

وأذكر أن مصر سافرت لمواجهة الجزائر والمغرب في رحلة واحدة توفيرا للنفقات وخسرت المباراتين بثلاثة أهداف نظيفة، وكان لابد من التعويض بأربعة أهداف نظيفة في القاهرة ولكن لم يحدث وتأهلت المغرب وأذهلت العالم بعروضها الرائعة وأحرجت ألمانيا وتقدمت عليها لولا مهارة "موللر" أنقذت الألمان وفازت بهدفين مقابل هدف..

وهذا الجيل كان ضحية توقف الكرة لمدة خمس سنوات مما اضطر الكثير منهم للاعتزال وآخر هبط مستواه ولم يتألق كما كان في 67 مثل حمادة إمام كان نجم الزمالك الواعد والمتألق فى67 وبعدها فقد توهجه وتألقه تماما، كان طبيعيا تراجع وتدهور مستوى الكرة من القمة للقاع بسبب التوقف، أما جيل جعفر وبيبو وشحاتة وعلى خليل فإنه عانى من سوء الإدارة تماما، في المواجهة المؤهلة لنهائيات كأس العالم -1978-واجهنا تونس، وحققنا فوزا صعبا في القاهرة واصبحنا قاب قوسين أو أدنى للتأهل، ماذا حدث؟

قامت الدولة بعمل رحلة على سفينة للتشجيع بشكل احتفالى غريب، وقرر اتحاد الكرة في موقف غير مسبوق أن يسافر هيديكوتى مدرب الأهلي وزكى عثمان مدرب الزمالك مع ننكوفيتش مدرب المنتخب ليكونا مستشارين له!

وخسرنا بأربعة أهداف مقابل هدف في مباراة من أسوأ المباريات التي لعبها منتخبنا الذي كان يضم لاعبين أفذاذا مثل إكرامى ومصطفى يونس وجعفر وشحاتة وبيبو وأسامة خليل ومختار الخ وبسبب سوء الإدارة قبل أداء اللاعبين كانت تحدث الهزائم إلى أن جاء عام 1988، وبعد خروج مصر مبكرا من نهائيات الأمم الأفريقية بالمغرب، تم محاربة المدرب مايكل سميث الذي حقق لمصر بطولة الأمم الأفريقية 86 وبطولة الألعاب الأفريقية 87 ومع هذا تم تشويه صورته لدرجة الاشاعة أنه مريض إيدز!

وفى خطوة جريئة من الناقد الكبير عبدالمجيد نعمان الذي أراد أن يبعد الجوهرى تماما عن الأهلي وفى نفس الوقت يجامل محمود الجوهرى، أخذه وقدمه لاتحاد الكرة بأنه لديه خطة للوصول لنهائيات كأس العالم وشرحها الجوهرى ليأخذ الاتحاد برئاسة المهندس حسن عبدون قرارا بتولى الجوهرى المسئولية وبذكاء عمل توليفة جماهيرية، فاختار الخطيب مديرا إداريا وعاونه المهندس سمير عدلي، واختار طه بصرى كمدرب عام وفتحى مبروك مساعدا..

ونجح الجوهرى في خطته ووصل لكأس العالم بالرغم من اتحاد الكرة تم حله وجاء تشكيل جديد ثم عاد مرة أخرى مما تسبب في ارتباك ولكن استطاع الجوهري تحقيق حلم المصريين بعد غياب 56 سنة عندما شاركنا للمرة الأولى وكتب اسم النجم عبدالرحمن فوزى بين هدافين العالم بتسجيله، وهللنا ورقصنا مع تحقيق الحلم بالصعود لنهائيات كأس العالم في إيطاليا ومن المرافقة أن أول اشتراك لنا في عام ١٩٣٤ كان في إيطاليا أيضا..

وتجربة الجوهرى كانت عميقة وغير عادية، ومنذ عام ١٩٩٠ فشلنا في التأهل لأسباب كثيرة أرى أن أهمها سوء الإدارة المتمثلة في اتحاد الكرة والجهة الإدارية سواء مجلس أعلى أو وزارة الشباب والرياضة، فشل خلال هذه السنوات الجوهرى ومحسن صالح وحسن شحاتة ومن الأجانب كثر منهم راواتر الذي هرب من بداية المشوار. جيلى.. تارديللى.. و.... إلى أن جاء كوبر واستطاع إعادة مصر إلى كأس العالم وهذا إنجاز تاريخى، بعد ٢٨سنة عاد أبناء النيل إلى العالمية.

أولا: من يتذكر مباريات تصفيات مصر حتى التأهل للمونديال في 1990، فإننى أرى أن الجوهرى كان يلعب للفوز فقط بصرف النظر عن جمال العرض، من متابعتى فإنني أعتبر مباراة مصر مع الجزائر -الذهاب- أفضل مباريات مصر عندما فاجأ الجوهرى الجميع بإشراك المهاجم أيمن شوقى اليمين في الوسط وكان هو نقطة الانطلاق لهجوم مكثف من الدقيقة الأولى فأربك الجزائر وانتهى اللقاء بدون أهداف وفزنا في اللقاء الثانى بهدف حسام حسن التاريخى، نفس السيناريو مع كوبر لم يهتم بجمال العرض بقدر الفوز بالنقاط!

ثانيا: كانت فرحة مصر غير عادية بالتأهل عام 90، وبعد التعادل مع هولندا في المباراة الأولى تحولت جميع الأعمدة السياسية لرؤساء التحرير ومعظم المقالات للكتاب وجميع المانشيتات للحديث عن إعجاز الجوهرى ولابد من الاستفادة في إدارة البلاد من هذه التجربة الفريدة، والعجيب انقلب الجميع عليه بعد الخسارة في مباراة ودية وتم إقالته..

لهذا ليس غريبا أن تحل كل اللعنات على كوبر بالرغم من الإشادة به قبلها بأيام عندما خسرنا من أورجواى بهدف في الوقت بدل الضائع، وكأن كوبر كان يجب أن يمنع أحمد فتحى أقدم لاعبى الفريق وكابتن مصر من التسجيل في نفسه، وأيضا كان مطلوبا من كوبر أن ينزل لمنع سرحان على جبر حتى يضحك عليه المهاجم بطريقة ساذجة ويسجل، وأصبح كوبر أسوأ مدرب في العالم!

ثالثا: من مفارقات التاريخ كتب شيخ النقاد نجيب المستكاوى قبل السفر إلى إيطاليا عام 90 ينصحه قائلا: لابد أن تعرف قدرات فريقك وعليك بالطريقة الطنطاوية الشهيرة 8 مدافعين ولاعب وسط ومهاجم!! في نفس المكان في مجلة الأهلي الرياضى - الأهرام الرياضى- كما كنت أطلق عليها عاد يكتب عكس ما سبق كتابته مهاجما الجوهرى لماذا لعبت مدافعا! السبب أن الأهرام الرياضى قامت بحملة غير مسبوقة والصحافة الرياضية ضد الجوهرى ليس لأنه مدرب فاشل ولكنه رجل رفض أن يكون تابعا لأي مخلوق!

رابعا: السؤال هل لدينا كرة قدم حقيقية؟ الإجابة لا وألف لا.. والسبب لدينا اتحادات كرة هزيلة وتترك الأمر حسب الأهواء، ومن يراجع التاريخ كلما وضع الاتحاد رؤية جديدة سرعان ما تلغى، والسبب مصالح أندية بعينها، في بداية عام 2000 تم إلغاء حراس المرمى الأجانب لأسباب ناد معين، عندما تم تحديد عدد اللاعبين فتبادل الفوز بالدوري بين الأهلي والإسماعيلي والزمالك فتم إلغاء عدد اللاعبين ليتم تفريغ الأندية لصالح نادي بعينه، من موسمين فقط قرر الاتحاد ممنوع الاستبدال في يناير وبعد بداية الدوري احتاج أحد الأندية للاستبدال فتغير القرار، اتحاد لا يخطط بدليل كل فرق الناشئين أفريقيا متدهورة نتائجها.. !

خامسا: عندما يكون لدينا اتحاد لا يكون همه فقط البزنس فستتقدم الكرة، عندما يكون اتحاد لايعرف لون الفانلات ويكون هناك حكام ملاكى ستتقدم الكرة، عندما تدرك الدولة أن الرياضة عامة وكرة القدم خاصة وسيلة لرفع مستوى الوعى والجمال والابداع وليس وسيلة إلهاء ستتقدم الكرة!

شكرا إلى.. كوبر وجهازه الفنى.. شكرا إلى محمد صلاح ورفاقه من اللاعبين.. شكرا... 
أما اتحاد الكرة
اللجنة الأوليمبية
ووزارة الشباب
نحلم أن تراجعوا أوراقكم.. وخططكم.. لأن الكرة ليست مديرا فنيا وانتهى الأمر!
وتحيا مصر... تحيا مصر.
الجريدة الرسمية