رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تجربة شابة أجنبية.. من أجل أطفالها مارست الدعارة!

فيتو

منذ عام 2002، يُعترف بالدعارة كمهنة في ألمانيا، وقد تبيع النساء أجسادهن مقابل 30 يورو فقط. الربح الأكبر تحققه شبكات الدعارة. DW سلطت الضوء على تجربة إحدى الشابات، التي كشفت عن ما يخفيه عالم الدعارة في البلاد.

في ليلة العمل الطبيعية تستقبل عشرة أو اثني عشر رجلًا في غرفتها وقد يصل العدد إلى أربعة عشر رجلًا في الليلة الواحدة. وتعمل حتى الساعة الثالثة صباحًا، دون الاستمرار إلى وقت أطول من ذلك، كما تقول المرأة، التي يطلق عليها الزبائن اسم يوليا.

أما النساء الأخريات فيستعن بشرب الكحول وتعاطي المخدرات وأحيانًا كثيرًا من الكوكائين، و"الماريجوانا" لتحمل رغبات الزبائن الإضافية طوال الليل. لا تستطيع DW التحقق من قصة المرأة، ولكنها تتطابق مع سرد الأخصائيين الاجتماعيين وضباط الشرطة الذين يعرفون أوساط الدعارة في ألمانيا.

بالإضافة إلى هذا، عرضت يوليا على DW صورًا لها خلال فترة مزاولتها مهنة الدعارة، وتريد أن تنشر الصور باسمها الحقيقي. زاولت الشابة الرومانية التي يبلغ عمرها الآن 30 عامًا مهنة الدعارة لعشر سنوات.

تنوعت الأماكن التي عرضت فيها الشابة جسدها للبيع: على رصيف الشارع، داخل شقق خاصة، وفي بيوت الدعارة والحانات في سويسرا، وفرنسا، واليونان ومؤخرًا في ألمانيا. ولا تزال يوليا تتذكر تاريخ الـ 10 من مارس: "لقد دفع لي الزبون 100 يورو للساعة. الأمر بدا لي طبيعيا تمامًا، ومن ثم بدأ كل شيء".

بعد ذلك تركت يوليا عالم الدعارة، والقلق الذي لا ينتهي من عدم العثور على ما يكفي من الزبائن من أجل دفع إيجار الغرفة في بيت الدعارة. إذ كان عليها دفع 130 يورو كل ليلة للغرفة. كما على النساء الأخريات أيضًا دفع 130 يورو، أي ما يقارب 4000 يورو في الشهر بغض النظر عن وضعهن المادي أو كم من المال استطعن جمعه.

ومع تركها الدعارة تركت يوليا وراءها أيضا الليالي الطويلة والأيام القصيرة وتصنع الابتسامة والمزاج الجيد طوال الوقت. عندما قررت يوليا عيش هذه الحياة في أوائل العشرينات من عمرها، شعرت أنها لن تكون حياة سهلة. لكن في الواقع، كان الأمر أكثر صعوبة عن ما تخيلته.

نوبات الهلع وقلة المال
خلال حديثها تلقى يوليا نظرة على صور قديمة وضبابية بعض الشيء على هاتفها المحمول. حيث تظهر امرأة، بشعر أشقر فاتح، تمشي عبر ممر مضيء وتنتعل حذاء بكعب عالي ولباس قريب من لباس البحر.

وتقوم بحركات إغراء أمام الكاميرا. لا تعلم يوليا بالضبط سبب احتفاظها بتلك الصور، وتقول وكأنها تعتذر عن ذلك: "كنت لا أزال صغيرة في ذلك الوقت".

اخترت الدعارة "لأني كنت أريد منح أطفالي حياة أفضل". إذ أنجبت ابنها الأول وهي في سن الرابعة عشرة ربيعًا، وتركت المدرسة في وقت مبكر. المرأة، التي تظهر في الصور لا تشبه المرأة، التي زارت نهاية شهر مايو مركز استشاري خاص بالعاملات في الدعارة في مدينة شتوتجارت، وجلست على أريكة وهي تضع ساقًا على ساق وترتدي بلوزة منقوشة ذات رقبة عالية وماكياج خفيف.

بنبرة صوت هادئة ومليئة بالحكمة، تحدثت يوليا عن عملها كمومس وقرارها ترك الوسط. وتقول أنها كانت تفكر بالأمر منذ فترة طويلة، ومنزعجة لعدم قدرتها على اتخاذ قرار. وتقول بأن الأمر الذي حسم حيرتها هو إدراكها أنه على الرغم من بيعها جسدها ليلة بعد أخرى، إلا أنها لم تستطع توفير المال لنفسها أو حتى لأبنيةا. وتحدثت يوليا عن نوبات الهلع التي كانت تصيبها كل يوم تقريبا ولأشهر، ولهذا تحتاج في بعض الأحيان إلى تناول أدوية مضادة للقلق من أجل التمكن من النوم.

نشاط يجعل من المرأة سلعة
تعرف زابينه كونستابل الأعراض التي تعاني منها النساء اللواتي يلجأن إليها وهي نوبات القلق والاكتئاب واضطرابات النوم. تتولى كونستابيل رئاسة جمعية "Sisters eV"، التي تساعد النساء على ترك وسط الدعارة.

وتتكفل الجمعية بالنساء إلى حين وقوفهن على أقدامهن من جديد. لأن النساء أمثال يوليا لا يحصلن على المساعدة الاجتماعية من الدولة، وذلك لعدم دفعهن الضرائب. وتقول كونستابل: "الحد الأقصى الذي يحصلون عليه هو تذكرة سفر إلى بلدانهم".

بالنسبة لكونستابل، فكل نوع من الدعارة هو اغتصاب، وتستمر في تكرار الكلمة خلال حديثها. كما تدعو وجمعيتها إلى معاقبة من يشتري الجنس. أما من يزاولن مهنة الدعارة بشكل اختياري، فنحن غير معنيون بهم. وهذا الرأي ليس موضع خلاف، حيث تميز الجمعيات الأخرى، التي ترعى النساء اللاتي تركن مزاولة الدعارة، بين الدعارة القسرية والعمل الجنسي الاختياري.

كما يقوم المجلس التشريعي بذلك أيضًا، فمنذ عام 2002، يُعترف بالبغاء كمهنة في ألمانيا، ويعني ذلك أنه يمكن للمرأة أن تسجل نفسها بصفتها عاملة مستقلة لدى السلطات والتأمين الاجتماعي. لكن القليل منهن من تقوم بتلك الخطوة. وينص القانون الذي دخل حيز التنفيذ عام 2017 على تشديد الرقابة على المومسات وبيوت الدعارة. الأمر المؤكد هو أن عرض مساعدة النساء لا يتوقف. فبمجرد أن تغادر امرأة بمساعدة جمعية "Sisters "أو أي جمعية أخرى بيوت الدعارة، تحل محلها امرأة أخرى. وتعتقد كونستابل أن السبب يعود إلى الصعوبات الاقتصادية، التي تعاني منها هذه النساء في بلدانهن الأصلية".

معظم النساء ينحدرن من أوروبا الشرقية
لا أحد يعرف بالضبط عدد النساء اللواتي يمارسن البغاء في ألمانيا. عشرات الآلاف، وربما يصل عددهن إلى 400 ألف، وهو الرقم الذي يتكرر ذكره. لا توجد أرقام رسمية، إذ لم تقرر الحكومة حتى منتصف عام 2017 إجراء دراسات حول هذا الموضوع.

ولكن الواضح هو أن معظم النساء يأتين من أوروبا الشرقية، وخاصة من بلغاريا ورومانيا، وهما أفقر دول الاتحاد الأوروبي. إذ بلغ متوسط الدخل الصافي في رومانيا، على سبيل المثال، نحو 480 يورو في نوفمبر عام 2016، وفقًا لبيانات المفوضية الأوروبية. إضافة إلى النساء المنحدرات من أفريقيا.

تقول يوليا، التي كانت عاملة نظافة قبل مزاولتها مهنة الدعارة، أنها تستطيع من خلال العمل هنا إرسال المال إلى بلدها أكثر مما لو كانت تعمل في رومانيا. وتقول بأنها عاشت لحظات من السعادة أيضًا، بعد تمكنها خلال الأشهر القليلة الأولى من جمع ما يكفي من المال للسفر إلى البحر مع عائلتها، للمرة الأولى في حياتها.

في وقت متأخر بعد الظهر لا تزال اللوحات الإعلانية، التي كانت في المساء مضاءة باللونين البرتقالي والوردي، تضيء الشوارع الضيقة في منطقة Leonhardsviertel. الحي الذي يضم مجموعة من بيوت الدعارة في مدينة شتوتجارت، التي تبقى مغلقة خلال النهار. الشوارع شبه فارغة إلا من مجموعة من الرجال، الذين يدخنون، امرأة تقف بعيدًا ترتدي سروال وردي ضيق، ورجل على ذراعيه وشم ويسند الباب وهو يحدق باهتمام في كل من يمر في الشوارع.

سيطرة العصابات على أماكن الدعارة
من المحتمل جدًا أن ذلك الرجل من أولئك الذين يعرفون فولفغانغ فينك من مكتب التحقيقات الجنائية في ولاية بادن فورتمبيرغ بشكل جيد للغاية: الرجال، الذين تم وشم أسماءهم بأحرف كبيرة سوداء على جنبات وظهور النساء، كما لو كانوا من ممتلكاتهم. غالبا ما ينتمي هؤلاء الرجال إلى أعضاء فرق موسيقى الروك العنيفة "Hells Angels" أو "United Tribuns"، الذين يجلبون النساء إلى بيوت الدعارة. الأماكن التي لا يعتبرها فينك أكثر من "مداجن"، حيث يشع منها دائما ضوء اصطناعي، وغالبًا لا تعرف النساء ما إذا كانت الشمس تسطع في الخارج أم أنها تمطر.

"النساء لا تطأ أقدامهن الخارج تقريبًا، كما لاحظنا خلال استجوابهن في كثير من الأحيان أنهن لا يعرفن أي فصل من السنة هو الآن". ويقول المحقق الرئيسي، أنه حتى عم أو إخوة النساء يقومون بإرسالهن إلى امتهان الدعارة.

خلال الحديث يحس المرء بغضب فينك تجاه السماسرة القوادين، الذين غالبًا ما يقومون بخداع النساء باسم الحب، ولكن يقومون بضربهن أيضًا لتأديبهن، وقد يصل الضرب إلى حد الموت. حتى عندما ينتقل الأمر إلى المحكمة، غالبًا ما يكون للقوادين سيطرة على النساء، بحيث لا يجرؤن على الإدلاء بالشهادة. ولهذا لا تتطور القضية بسبب غياب شهادتهن. خلال السنوات العشر التي عمل فيها فينك كمحقق في مجال الجريمة المنظمة في ولاية بادن فورتمبيرغ، كانت هناك أقل من عشر محاكمات.

ويقول فينك أنه في بعض الأحيان قد تكفي حفنة من القواد إلى إسكات النساء في المحكمة. المشكلة الأخرى هي نقل النشاط بشكل متزايد إلى الإنترنت، وهذا يعقد التحقيق إلى حد كبير. مهمة فينك لا تكمن في التفكير في إيجاد الحلول فقط، لأن الشرطي يفعل ذلك على أية حال. النساء جميعهن صغيرات السن وغير قادرات على اتخاذ قرارهن بشكل واعي. البغاء مسموح به فقط في ألمانيا من سن 18، لكن فينك يدافع عن قرار رفع السن ولا يجد ضرورة إلى حظر البغاء. لكن المال، الذي تجنيه النساء عن طريقه، يجب أن يظل معهن.

"أن تكون شخصا عاديا"
تقول يوليا أنه لم يكن لديها قواد. ومن شأن هذا أن يجعلها الاستثناء الأكبر بين النساء الأجنبيات الأخريات. ويقول فينك:" القدوم إلى هنا عن طواعية وبشكل اختياري، فهذا غير ممكن في الواقع". ولكن مع الطلب المتكرر عليها، بقيت يوليا في الوسط: لم يكن لديها قواد قط، ولهذا احتفظت بكل أموالها لنفسها وأطفالها. كما أنها من الاستثناءات القليلة، التي لم تتعرض للعنف.

اليوم ستتخذ يوليا قرارًا مختلفًا عن السابق وهي تستمتع الآن بكونها شخصًا طبيعيًا. الجملة التي ظلت تستخدمها في حديثها وهي تحكي عن كيف تخلصت من ملابس العمل واشترت بلوزة ذات رقبة عالية وتنورة طويلة وأحذية بدون كعب، "أشياء طبيعية"، كما أطلقت عليها. وشعرت حينها بشعور جيد.

قريبًا تأمل يوليا ربما في الحصول من خلال وظيفتها الصغيرة كعاملة نظافة، على وظيفة براتب أكبر، يمكنها من دفع إيجار الشقة وإحضار أطفالها إلى ألمانيا. لدى يوليا خطط كثيرة منها حضور دورة في اللغة الألمانية وإنهاء تعليمها. وربما قد يكون لديها بعض الحظ وتجد رجلا يحبها كما هي.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


Advertisements
الجريدة الرسمية