رئيس التحرير
عصام كامل

نادي الفقراء


هل شاهدت مؤخرًا عراكًا بالأيدي بسبب الاختلاف على أجرة المواصلات؟ هل سمعت عن السائق الذي قتل زميله لخِلافهما على أولوية تحميل الركاب أو أَفزعك خبر مقتل سيدة وابنتيها خنقًا لسرقة مبلغ من شقتها؟ هل قام سائق تاكسي بسرقتك بحجة ارتفاع أسعار البنزين؟ هل أخبرك الفكهاني أو صبي بائع الخضار أو بائع السوبر ماركت بزيادة أسعار السلع مما أرغمك على التخلي عن بعض مشترياتك؟ هل أصبحت مديونًا لأكثر من شخص أو تشعر بالعجز حيال ظروفك؟ هل تشعر أن أمنك الاجتماعي مهدد؟


إذا كانت إجابتك بنعم على ثلاثة أو أكثر من الأسئلة السابقة فمبروك، أنت تستحق عن جدارة الانضمام معنا إلى "نادي الفقراء" وهنا ستتعرف على ثلاث قصص:

- القصة الأولى: مع ازدياد أسعار البنزين يتخوف البعض من حدوث موجة جديدة في زيادة أسعار العديد من السلع، مما يجعلنا نتساءل عمن يحمينا من تحكم التجار ومقدمي الخدمات؟ وهل تمتلك الحكومة خطة واضحة لحمايتنا من موجات الغلاء؟ في تقديري نظل قادرين على التضحية وتحمل الضغوط بشرط تفهمنا لملامح الطريق الذي نستهدف الوصول إليه، لكن مع كثرة الضغط وغياب الرؤية قد يترك البعض التفكير في الأمور العامة ويبدأ في البحث عن الحلول الفردية لمشكلاته..

وربما ذلك ما دفع أحد الأصدقاء لطرح استفسار صادم (هل تجارة المخدرات أو الآثار حرام فعلًا؟) ورغم أن كلماته ساخرة إلا أنه يدق معها ناقوس خطر، لأن ذلك يعني أن البعض قد يذهب تفكيره بعيدًا نحو التخلص من مبادئه، والتحرر من منظومة القيم التي تحكمه، والإتيان بأفعال إجرامية للحصول على أموال حتى إذا جاءت بطرق غير شرعية!

- القصة الثانية: أرسل لي أحد المتابعين رسالة إلكترونية بمثابة لطمة على الوجه.. لمست الصدق في حروفها حيث جاء ملخصها أنه كان يحلم بالزواج لكنه الآن يعلم أن هدفه أصبح صعب التنفيذ.. في البداية تعجبت من وصفه الزواج بكلمة "حلم" ثم تداركت، بقليل من التفكير، أنه محق لأن توفير تكاليف الزواج أصبح يمثل إنجازًا كبيرًا في ظل ارتفاع أسعار الشقق وتأثيثها.. إلخ..

وهنا ربما سيكون علينا أن نتجرأ قليلًا ونشطح سويًا في دروب التفكير ونطرح سؤالًا إضافيًا.. هل تعلمون أننا في مجتمع محافظ يمثل الزواج الفرصة الوحيدة للقطاع الأعم من الشباب والفتيات لممارسة الجنس؟ ومع كثرة الضغوط الاقتصادية سوف تقل حالات الزواج، وما يتبعها من زيادة في معدل الجرائم الجنسية أو انحراف البعض عن قيم المجتمع.. كما أن الضغوط المادية ستؤدي إلى زيادة في حالات الطلاق.. أعتقد أن قنبلة اجتماعية مماثلة وجب على الحكومة التنبه لها ووضع خطة لعلاجها، لأنها لا تقل خطورة أبدًا عن قنابل الإرهاب!

- القصة الثالثة: كنت أنتهي من استخراج ورقة عندما احتد مواطن على الموظف وفضحه قائلًا إنه لا يريد أن يستكمل أوراقه دون الحصول على "العيدية".. وبدلًا من تهدئة الموظف للموقف فوجئنا به يصرخ بصوت أشد ارتفاعًا مؤكدًا أنه لن ينتهي بالفعل من إتمام هذه الأوراق إلا في حال حصوله على الأموال لأنها –وفق تعبيره- حقه ويجب أن يحصل عليه لكي يستطيع تحمل تكاليف المعيشة..

كانت كلمات صادمة وإن لمسنا بها بعض المعاناة.. تركنا الرجل مندهشين.. معقودي اللسان بينما ازدادت حالة الصدمة والتوهان التي أصابتني.
الجريدة الرسمية