رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أين تذهب «النقابات المستقلة» مع الاتفاقيات الدولية


لا تعرف التشريعات القائمة، ما يسمى بـ"النقابات المستقلة"، التي يتم الزعم بتأسيسها دون اتباع أحكام القانون، لتزاحم الكيان النقابي المنصوص عليه في القانون، ومن ثم تفتقد مثل هذه النقابات المستقلة للمشروعية، التي هي الأساس القانوني السليم، وهو ما يترتب عليه منطقيًّا، عدم أحقيتها بممارسة أية سلطات، أو منحها، أو أعضائها، أية مُمكنة، أو ضمانات كالمقررة لوحدات البنيان النقابي المشروع.


وعلى الرغم من ذلك جرى إنشاء بعضها على خلاف الأحكام التي يقررها هذا القانون، مما أدى إلى وجود منظمات نقابية يفتقد إنشاؤها إلى السند القانوني الذي يجيز ذلك، ومن ثم يغدو ما جرى إنشاؤه منها غير مشروع قانونًا، فلا يحق لها التمتع بممارسة أية سلطات، أو منح أعضائها أية ضمانات، أو مكنات مما ينص عليها قانون النقابات العمالية وغيره من القوانين للمنظمات النقابية العمالية المشروعة، كما يغدو للسبب ذاته من غير الجائز إنشاء لجان، أو نقابات مستقلة جديدة.

ولا ينال مما سبق، من أنه لا يجوز طبقًا للدستور والقانون إنشاء لجان، أو نقابات عمالية مستقلة، القول بمخالفة ذلك للالتزامات الدولية الناشئة عن انضمام جمهورية مصر العربية لاتفاقية الحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم النقابى، أو الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، إذ إن ذلك مردود بما تنص عليه المادة (8) من الاتفاقيات الدولية رقم (78) لسنة 1948م، من أن على العمال وأصحاب الأعمال لدى ممارستهم الحق في إنشاء المنظمات النقابية والحق في الانضمام إليها بدون ترخيص سابق أن يحترموا أحكام القانون الوطني.

ويضاف إلى ذلك أن الاتفاقيتين تهدفان إلى حماية الحرية النقابية، وعدم تقويضها من خلال تفتيت المنظمات بتكوين أكثر من منظمة نقابية في الكيان الواحد بما يضعف الحركة النقابية، ويفت من عضدها، ومن ثم فإن تفسير أحكام هاتين الاتفاقيتين على أنهما يوجبان ذلك على إطلاقه، يتصادم والهدف المشار إليه..

وتبعًا لذلك تكون الدولة المصرية قد أوفت بموجب دستورها وقانون النقابات العمالية بتعهداتها الدولية المترتبة على الاتفاقيتين المذكورتين بشأن كفالة الحق في إنشاء المنظمات النقابية العمالية، فلم تحظر إنشاء هذه المنظمات وإنما أجازت ذلك، وأجازت تعددها، وتركت الحرية في الانضمام لها والخروج منها، وسمحت لها بالحرية في ممارسة نشاطها، ومنحتها الشخصية القانونية التي تمكنها من ممارسة هذا النشاط، وغير ذلك من الضمانات المقررة.

ولئن كانت الاتفاقيات الدولية متى استوفت مراحلها الدستورية المقررة يصير لها قوة القانون، وتصبح جزءًا من النظام القانوني المصري الواجب التطبيق، وتنفذ استثناء من أحكامه، وأن احترام الدولة لتعهداتها الدولية يوجب عليها تنفيذها بحسن نية تنفيذًا كاملًا، إلا أن هذه الاتفاقيات لا ترقى في سلم تدرج القواعد القانونية إلى مرتبة الدستور الذي يُعدُّ القانون الأساسي للدولة، فليست لها قيمة الدستور وقوته..

ومن ثم لا يجوز لها مخالفة أحكامه، أو الخروج عن مقتضياتها، إذ لا تجاوز مرتبتها – حسبما سبق أن حكمت به المحكمة العليا بجلستها المعقودة بتاريخ أول مارس 1975 في الدعوى رقم (7) لسنة 2 قضائية "دستورية" – مرتبة القانون ذاته، ومن ثمَّ فإن صدور قانون وطنى بأحكام تغايرها – بافتراض حدوث ذلك – لا ينال من دستوريته، وأنه حال تعارض نص من نصوص تلك الاتفاقيات مع نص لاحق من نصوص القوانين الوطنية..

واستحالة التوفيق بين النصين بما يسمح بإعمال كل منهما في مجاله، فلا فكاك من استدعاء حكم المادة الثانية من القانون المدنى التي تقضى بأن النص اللاحق ينسخ، أو يعدل النص السابق.. ولـلحـديـث بـقــيـة.
Advertisements
الجريدة الرسمية