رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ مصطفى عبد الرازق يصف أم كلثوم بـ «أميرة الغناء»

فيتو

في مجلة "النجوم" عام 1925 كتب الشيخ مصطفى عبد الرازق، فريد زمانه بأخلاقياته وإضافاته وعلومه وفلسفاته وأفكاره ومواقفه ومؤلفاته وترجماته. الإمام الحائز على رتبة الباشوية ووسام جوقة الشرف الفرنسية في وصف أم كلثوم كتب يقول:

وإنى كلما ذكرت الشيوخ ذكرت أم كلثوم، أميرة الغناء في وادى النيل، فإن لها هي أيضا شيوخا يحفون بها في عمائمهم المرفوعة، وأكمامهم المهفهفة وقفاطينهم الحريرية الزاهية اللامعة وجببهم الطويلة الواسعة.

عن اليمين شيخان، وعن اليسار شيخان حول فتاة معتدلة القوام لا يشتكى منها قصر ولا طول، ولا يشتكى غلظ فيها ولا نحول، وتنظر بعينين فيها شباب وذكاء، وفيها نزوة الدعابة ودلال الحسنا.

في وجه ليست تفاصيله كلها جميلة، ولكن لجملته روعة الجمال، تحت ذلك العقال البدوى مكفكفا جبينها بطراز مذهب ومرخى وراء ظهرها منه هداب الدمقس المفتل في ثياب حشمة تميل إلى السواد وفى مظهر بساطة، كان على سجيته يوم كانت الفتاة القروية حديثة عهد بسذاجة الريف ثم أصبح تأنقا مقدرا.

تظهر أم كلثوم بادئ الأمر رزينة ساكنة تشدو بصوتها الحلو على مسرح دار التمثيل العربى يصاحبها أفراد تخت يعزفون الموسيقى.
تغنى أم كلثوم من غير أن يتحرك طرف من أطرافها إلا هزة لطيفة تنبض بها رجلها اليسرى أحيانا، ثم ينبعث الطرب في هيكلها كله فتنهض قائمة وترسل النغمات متعالية تذهب في الأفاق هتافا مرددا، أو تترجع رويدا حتى تتلاشى حنينا خافتا.

تهزها أريحية الشباب والطرب فتساير الآهات في حركاتها، مندفعة بوثبات الشعور وراء مذاهب الفن، وتتلوى عن يمينها وشمالها أعناق الشيوخ، ويا ليت شعرى ما لأم كلثوم والشيوخ؟ أم كلثوم من نعم الدنيا. فما بالها تأبى إلا أن تتجلى على الناس في ظهر الآخرة.

الجريدة الرسمية