رئيس التحرير
عصام كامل

عباس محمود العقاد يكتب عن المرأة والحب

الاديب عباس محمود
الاديب عباس محمود العقاد

في مجلة الجيل عام 1957 كتب الأديب عباس محمود العقاد عن المرأة والحب مقالا قال فيه:

إذا ميز الرجل المرأة من بين جميع النساء.. فذلك هو الحب، وإذا أصبح النساء جميعا لا يغنين الرجل ما تغنيه امرأة واحدة.. فذلك هو الحب، وإذا ميز الرجل المرأة لا لأنها جميلة ولا لأنها أذكى النساء، ولا لأنها أوفى النساء.. ولكن لأنها هي هي بمحاسنها وعيوبها.. فذلك هو الحب.


الرجل يعشق الأنثى في مبدأ الأمر لأنها امرأة بعينها، امرأة بصفاتها الشخصية التي تتميز بها بين سائر النساء، لكن إذا أوغل في عشقها وانغمس فيه.. أحبها لأنها امرأة كلها أو المرأة التي تتمثل فيها الأنوثة بحذافيرها، وتتمتع فيها صفات حواء وجميع بناتها.. فهى تثير فيه كل ما تثيره الأنوثة من شعور الحياة، وأى شعور هو بعيد من نفس الإنسان في هذه الحالة، أن الأنوثة تثير فيه شعور القوة وشعور الجمال واللذة والألم وشعور الجموح والانطلاق من قيود المنطق والحكمة وشعور الحيوان كله، بل تثير فيه حتى الشعور بما وراء الطبيعة من اسرار مرهوبة، ومن أغوار لا يسبر مداها في النور والظلام، لأن حين تمثل الأنوثة فذلك هو مناط الخلق والتكوين وأداة التوليد والدوام والخلود، وهى مظهر القوة التي يبديها كل شيء في الوجود وكل شيء في الإنسان.

من الطبيعى أن تسر المراة بسرور الرجل لأنها تحبه، ومن الطبيعى كذلك أن تغار من السرور الذي يحببه إلى غيرها.. لأنها تحبه، وقد يفترق القلبان في لحظة من اللحظات لأنهما مقتربان أشد اقتراب.

أسعد ساعات المرأة هي الساعة التي تتحقق فيها أنوثتها الخالدة وأمومتها المشتهاة.. وتلك ساعة الولادة.

كل قبلة غير قبلة المرأة التي يحبها الرجل تضحية، بل هي إن شئت سخرة.

الصادقون في عواطفهم لا يبالون بالمظاهر.
الجريدة الرسمية