رئيس التحرير
عصام كامل

أوجاع الناس


لم ألتقِ مواطنًا في العيد إلا وحدثني عن الأسعار، فالناس لا تنقطع عن الشكوى والمشكلة هي مقارنتهم بين ما تمارسه الحكومة وما تطلبه من الجماهير، الحكومة ارتأت أن الوزراء الغلابة لا يستطيعون مواجهة غول الأسعار دون رفع مرتباتهم لتصل لأكثر من أربعين ألفًا ونفس الأمر حدث مع رئيس البرلمان ونوابه. 


الحكومة والبرلمان يخططان للجماهير والنَّاس يقولون إن الجدل عقيم، جدل قائم بين واحد مرتبه مائة ألف جنيه والآخر راتبه أكثر من أربعين ألف جنيه، وكلاهما يطالب مواطنًا راتبه ألفي جنيه أن يدفع الفاتورة وحده، ويتحمل وحده، الناس يتذكرون الأميرة التي ثار شعبها فسألت: لِمَ ثاروا، قيل لها لأنهم لا يجدون الخبز فقالت: ولِمَ لا يأكلون البسكويت!!

أخشى أن نكون قد أخطأنا الطريق، فالفرق كبير بين التنمية وإفقار الناس، فالتنمية هدفها الأساسي الإنسان، وأي تنمية تفقر الناس لا بد أن نراجعها قبل المضي قدمًا في طريق لن تكون نهايته حلاًّ لمشاكلنا، خاصة أننا لا نزال نعيش أسرى البناء في الحجر دون البشر.

صحيح إجراءات تحرير الأسعار أمر واقع ولكن الطريقة التي نتعامل بها اقتصر على إفقار الناس دون التحرك في الملفات الأكثر إلحاحًا وهى قضية الإنتاج، إنتاج الأسفلت وشقق الأغنياء لن تبني وطنا مستقلا وقادرا على الحياة، أما من يقولون إن وطنا تشتعل فيه الأسعار أفضل من وطن يشتعل فيه الخراب فإنهم يغفلون أن قائمة الاختيار تسع لاختيارات أخرى فعلها غيرنا.

تحرير الأسعار لا يكون بقتل الناس أو وضعهم في خانة العوز والفقر والحاجة، الوطن لم يكن بحاجة إلى كمبوندات ولم يكن بحاجة إلى مساجد فارهة أو كنائس فخمة أو أسوار حول مدن، الوطن كان ولا يزال بحاجة إلى مدرسة ومصنع، الوطن بحاجة إلى بناء الأمل في غد أكثر إشراقًا.

أقول وأنا من الداعمين لثورتي يناير ويونيو إن من يريد لتجربتنا النجاح لا يجب أن يتراجع أمام النصح والإرشاد لتصحيح المسار، فالمعارضة الإيجابية هي التي تقدم حلولًا ولا تسكت عن الخطايا، خاصة لو كانت هذه الخطايا من النوع الخطير الذي يهدد استقرار بلادنا في وقت نحن بحاجة إلى تضافر كل الجهود.
الجريدة الرسمية