رئيس التحرير
عصام كامل

الفوضى الهدامة


جميعنا يتذكر مصطلح "الفوضى الخلاقة" التي جاءت به وروجت له كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، عندما جاءت إلى مصر عام ٢٠٠٥، وألقت محاضرة بالجامعة الأمريكية تناولت فيها هذا الأمر.. هذه هي أمريكا.. تخطط لكيلا يكون في المنطقة العربية والإسلامية أي انضباط ثقافى أو أخلاقى أو إنسانى أو سياسي، أو إعلامي، أو أي شيء، وكى تدمر نفسها بأيدي أبنائها..


هذا هو المخطط.. وقد بلغ الخداع مداه بالوزيرة في ادعاء أن الفوضى يمكن أن تكون أخلاقية، برغم أن الفوضى ليس لها إلا معنى واحدا هو التخلف والخراب والدمار، وليس العلم أو التقدم أو الحضارة..

ويبدو أن هذا المصطلح وجد رواجا كبيرا لدى بعض منتجى الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية، وبعض برامج "التوك شو" التي تهتم بهذه النوعية من الفوضى الأخلاقية والثقافية، وما يرتبط بهما من عنف وتطرف وإرهاب وترويج للمخدرات.. إلخ، ولأن بعضا من فئات الشعب المصرى يجدون أنفسهم -للأسف- في هذا النوع من الفوضى، فهم يقبلون على مشاهدة هذه الأعمال بشغف كبير، وهو ما يدفع بعض الشركات إلى استثمار هذا الوضع في الإعلان والدعوة والتسويق لبضائعها بشكل مستفز..

ولا شك أن هذا يعود بالمال الوفير على منتجى هذه النوعية من الأفلام والمسلسلات، الأمر الذي يجعلهم يستمرون في هذا الطريق إلى أقصى مدى، بغض النظر عما يعود بالتخريب والتدمير على المجتمع بأسره..

لا بد أن تأمر مؤسسات الدولة المعنية بشكل حاسم وحازم بإيقاف هذا التدهور والانفلات الأخلاقي والثقافى الذي سوف يورد المجتمع كله موارد التهلكة.. من الغريب أن بعض منتجى هذه الأفلام والمسلسلات الهابطة، يزعمون أن ما يعرضونه هو انعكاس حقيقى وواقعى لما هو قائم بالفعل داخل بعض بيئات المجتمع، وأنهم لم يأتوا بجديد من عندياتهم..

حسنا، هل من المعقول أن نقوم بتسويق هذا الانفلات الأخلاقى على المستوى المجتمعي العام، أم من الضروري حصاره ومحاولة علاجه بدلا من انتشاره، وبالتالي صعوبة التعامل معه؟ ويتناقضون مع العقل والمنطق عندما يقولون إن ما يسوقون له مرتبط بالحرية والإبداع، وإن المجتمع المصرى في حاجة ماسة إليهما!..

صحيح أن الحرية والإبداع أمران مهمان لتقدم المجتمع، لكن من المضحك والمبكى وصف الانفلات والانهيار والتردى بالحرية والإبداع.. عجبى!
الجريدة الرسمية