رئيس التحرير
عصام كامل

سمير عدلي المدير الإداري الأسبق لمنتخب مصر: اشترينا شرابات لاعبي مونديال 90 من المدافن

فيتو


  • «الجوهري» غضب من حسام وإبراهيم حسن فتركهما في الفندق..
  • المايوهات وإنجلترا وراء تغيير مقر إقامتنا في إيطاليا.. والفندق الجديد كان أشبه بالشاليهات
  • الجنرال رفض الانسحاب من مباراة السعودية رغم «الظلم التحكيمي».. وهو صاحب اختيار اللون الأخضر لـ«تيشيرت المنتخب»

سمير عدلي «الصندوق الأسود» للكرة المصرية، يمتلك الكثير من الأسرار والكواليس الخاصة بالأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية، على مدار الثلاثين عامًا الماضية التي تنقل فيها داخل منظومة المنتخبات الوطنية.

«عدلي» يمكن وصفه بـ«المكوك الإداري» الذي كان حاضرًا في جميع الحقب الزمنية للمنتخبات الوطنية، سواء مع الراحل العظيم الكابتن محمود الجوهرى، أو المعلم حسن شحاتة، أو غيرهم من المدربين الوطنيين والأجانب الذين تواجد بجوارهم سمير عدلي الذي يبقى كتاب تاريخ متحرك، بعد أن طاف العالم لترتيب وديات المنتخبات الوطنية، ليمتلك 20 جواز سفر، بعد الكم الكبير من الرحلات الخارجية التي قام بها لإنهاء ترتيبات معسكرات ومباريات المنتخبات الوطنية على مدار مشواره الإداري.

«عدلي» فتح صندوق الذكريات وتحدث عن كواليس استعدادات المنتخب الوطنى لمونديال إيطاليا 90 وكيف تم اختيار وتصميم قميص الفراعنة، وحكاية الجوهرى مع التوءم حسن في معسكر ألمانيا، وتفاصيل غضب الجوهرى من اختيار فندق إقامة المنتخب في مدينة باليرمو الإيطالية، وتسممه بعد تناوله وجبة سمك فاسدة.

«عدلي» بدأ حكايته مع قميص المنتخب الوطنى في المونديال، حيث أكد أن الجوهرى كان صاحب فكرة اختيار اللون الأخضر إيمانًا منه بأنه العلم القديم لمصر، حيث كان الاختيار وطنيًا بحتًا من جانبه، وقتها اختارت شركة أديداس راعى المنتخبات المشاركة في كأس العالم لون قميص المنتخب، لكنه لم ينل رضا الجوهرى بالطبع، وعلى الفور اختاره من جديد، بعد أن فاضل بين 15 درجة من اللون الأخضر حتى وقع على اللون الذي تواجدنا به في كأس العالم إيطاليا 1990.

وأوضح أن «الجهاز الفنى بقيادة الكابتن محمود الجوهرى تحمل تكاليف الزى بالكامل، حيث كان سعر القميص 18 جنيها والشورت 12 جنيها وقمنا بشراء الجوارب من أحد المصانع الموجودة بالمدافن القريبة من منطقة الأزهر، وكان سعر الجورب 6 جنيهات.

وأضاف: الجوهرى كان أول من خصص بدلة تدريب للجهاز الفنى واللاعبين والعاملين أيضا داخل الجهاز، وكان ثمنها 36 جنيها، حيث أصر على أن يرتدى العاملون داخل الجهاز نفس البدلة بنفس التصميم، حتى لا يشعروا بالتفرقة ويتأثروا نفسيًا بهذا الأمر بالشكل الذي يؤثر على معنوياتهم في التدريبات، ومن ثم تتأثر الأجواء بالكامل داخل المعسكر، والكابتن الجوهرى كان دقيقًا ومنظمًا للغاية، وكان يطالبنا دائمًا بضرورة الاهتمام بالحالة النفسية والمعنوية للعمال داخل الجهاز الفنى، حتى لا يتأثروا نفسيًا بأى شيء، وكانت لديه جملة شهيرة في هذا الموضوع "إذا تأثر العامل بالسلب وشعر بوجود تفرقة في المعاملة فإن هذا الأمر سيؤثر على أدق الأمور حتى ولو كان نفخ الكرات، بل قد يمتد إلى إفسادهم التدريبات، وهو ما سيؤثر على استعداداتنا لكأس العالم".

وواصل: خضنا 48 مباراة ودية دولية قبل كأس العالم مع جميع المدارس الكروية تقريبًا، حيث واجهنا مقدونيا وكوريا الجنوبية والنرويج والدانمارك وتشيكوسلوفاكيا والأخيرة نجحنا في تحقيق الفوز عليها بهدف دون رد على ملعبها ووسط جماهيرها، ولكن الجوهرى خرج غاضبا من أرضية ملعب المباراة التي حضرها 11 مديرًا فنيًا لمنتخبات عالمية.

ويستعيد «عدلي» ذكرياته مع هذه الودية ويقول : بوبى روبسون المدير الفنى لمنتخب إنجلترا في هذا التوقيت كان حاضرا للمباراة، وبعد انتهاء أحداثها توجه إلى الجوهرى الذي كان حزينًا للغاية لرغبته في إنهاء المباراة بعدد وافر من الأهداف، وقال له "لا تحزن ارفع رأسك لقد أديت مباراة جيدة وفريقك مميز للغاية".

ثم عاد وتحدث عن كواليس اختيار فندق إقامة المنتخب في باليرمو الإيطالية وقال : وضعتنا اللجنة المنظمة في نفس الفندق الذي يتواجد به منتخب إنجلترا الذي كان معنا في المجموعة، وبالطبع تواجد منتخب إنجلترا معنا في الفندق يعنى أننا داخل فندق مميز على جميع المستويات، وهو الأمر الذي أسعدنا باستثناء شخص واحد فقط هو محمود الجوهرى، الذي اعترض على المكوث مع المنتخب الإنجليزي في نفس الفندق، بعد أن لاحظ حالة الترف والرفاهية داخل الفندق، وشاهد النساء بالمايوهات على حمامات السباحة، وهنا جن جنونه وتمسك بتغيير فندق الإقامة وهو ما حدث بالفعل.

وأضاف: الجوهرى طالبنى بالبحث عن فندق بعيد تماما عن أجواء المونديال في إيطاليا، حتى لا يتأثر اللاعبون سلبًا بحياة الرفاهية الأوروبية، وهو ما حدث حيث توجهنا إلى فندق يشبه الشاليهات، وكان مستواه سيئا للغاية في كل شيء، لا عمال نظافة ولا عمال مطبخ ولا أي شيء.. كنا نقوم بعمل كل شيء بمفردنا دون أي مساعدة من أحد، لأننا كنا شبه معزولين حتى الطعام كان رديئا للغاية، بل إننا تعرضنا لموقف صعب في ملف الأكل.

ويواصل المدير الإداري الأقدم في تاريخ الكرة المصرية حكاياته مع مونديال 90 حديثه: المسافة كانت بعيدة جدًا عن الحياة الجيدة في إيطاليا، بسبب اختيار الجوهرى لفندق بعيد تماما عن كل شيء، ومن ثم فإن معظم الأكل الذي كان يصل إلينا في الفندق كان فاسدًا، الأمر تطور أيضا بعد أن تلقينا وجبة سمك فاسدة تماما، وهو ما دفع لاعبى المنتخب إلى تسجيل اعتراضهم على الأمر بل إنهم رفضوا تناوله.

وأضاف: الجوهرى لم يصمت أمام هذا الأمر بل عنف اللاعبين، وأمرهم بتناول السمك، بل وجلس أول واحد على مائدة الطعام لتناول السمك الذي كان فاسدًا، وبالفعل أصيب بحالة تسمم بعد تناوله الطعام الفاسد.

وعاد عدلي للحديث عن مشهد صعب للغاية بعد وداع منتخبنا كأس العالم، حيث يقول: دخلنا غرفة خلع الملابس بعد انتهاء آخر مباراة، ووجدنا التوءم حسام وإبراهيم حسن وهانى رمزى على الأرض يبكون بشدة من وداع كأس العالم، بل إن نوبة بكائهم استمرت ساعة ونصف الساعة كاملة، وسط محاولات من اللاعبين والجهاز الفنى لإنهاء هذه الحالة الهستيرية التي دخل فيها الثلاثي بعد وداع كأس العالم.

وتطرق «عدلي» إلى ملف آخر، حيث تحدث عن الكابتن محمود الجوهري، مؤكدًا أنه منظم لأقصى درجة بل إنه كان دقيقا بشدة في المواعيد،وهو ما دفعه للدخول في أزمة عنيفة معى والتوءم حسن في أحد المعسكرات التي سبقت كأس العالم إيطاليا 90 وقال: كنا في معسكر في ألمانيا، حيث كان الفريق يستعد لخوض أول مران له في المعسكر الألمانى، وكنا في رمضان والمران كان وقت السحور، حيث كنا نعدل مواعيد التدريبات في رمضان حتى لا تتعارض مع صيام اللاعبين، خاصة وأنه لم يكن بمقدورنا إجبار اللاعبين على الإفطار في نهار رمضان، وصعد الجوهرى إلى حافلة المنتخب ومعه جميع اللاعبين لكن التوءم حسن لم يحضر، وهنا بدأ القلق يتسرب للجوهرى الذي نظر إلى وعينه مملوءة بعلامات الاستفهام حول سبب تأخر التوءم حسام وإبراهيم حسن، وهنا نظرت له وأكدت أن ساعته قد تكون متقدمة، وأن التوءم سيصل في موعد تحرك الحافلة، ولكن الأمر كان أخطر بكثير مما سبق.

وواصل: عدت إلى استقبال الفندق وتواصلت هاتفيًا بالثنائى في غرفتهما، وكانت المفاجأة أن الثنائى كان نائمًا، ومازال أمامهما الكثير من الوقت حتى يعلنا جاهزيتهما للتواجد داخل حافلة المنتخب، من أجل التحرك إلى ملعب التدريب، والأمر أصبح صعبا، هنا حدثت المفاجأة، حيث أصدر الجوهرى فرمانا بتحرك حافلة المنتخب دونى، وأيضا بدون التوءم حسام حسن، وللأسف لم نكن نعرف مكان الملعب الذي سيستقبل أول تدريبات المنتخب في المعسكر الألمانى.

وأوضح: الأمر كان صعبًا للغاية فنحن في ألمانيا والوقت متأخر، حيث كنا قبل موعد السحور في رمضان، ولا نعرف أي شيء ولحسن حظنا أننا وجدنا سيارة خاصة بالشركة الراعية كانت تستعد للتوجه إلى ملعب التدريب، وبرفقتها أدوات التدريب وبعض المعدات فقمنا بسرد القصة لهما، وبالفعل تم اصطحابنا إلى ملعب التدريب.

وأشار عدلي: الوصول إلى ملعب التدريب لم يكن أيضا بالأمر السهل، حيث إننا لم نكن نعرف الطريق جيدًا، ونفس الأمر بالنسبة لمسئولى الشركة الراعية، وبالفعل وصلنا إلى ملعب التدريب متأخرين 18 دقيقة، وسط تجاهل شديد من الجوهرى، الذي رفض استدعاء التوءم للمشاركة في المران، وتعامل مع الأمر بتجاهل شديد، بل وصل الأمر إلى أنه لم يستدع حسام حسن سوى في فقرة الضربات الثابتة في الأمتار الأخيرة من المران.

وأوضح: بعد عودتنا إلى الفندق وجدت حالة جفاء شديدة من الجوهرى، ونظرت في عينيه ووجدت عبارة واحدة "أنت تتستر على اللاعبين غير الملتزمين" وتم إنهاء الأمر بعدها سريعًا، خاصة أن العلاقة بيننا كانت قوية جدا، والجميع يعرف تماما أن التوءم كانا من اللاعبين المقربين جدا للراحل الجوهرى، لكن النظام لديه قبل أي شيء مهما كان اسم من يتعامل معه، ومن كان قريبا من الجوهرى يعلم تماما أن المواعيد والنظام بالنسبة له أمر مقدس لا يمكن التخاذل أو التهاون معه في هذه الجزئية.

ويواصل عدلي حديثه عن ذكرياته مع الجنرال الراحل قائلا: الجوهرى في الظاهر كان هادئًا أمام الجميع، ولكنه في الحقيقة كان يكتم غيظًا كبيرًا داخله، وكنت أراقبه بعد إنهاء سيجارته، فإذا فركها بقدميه أعلم تماما أنه يكتم غيظًا كبيرًا داخله، وهو ما حدث في مباراة السعودية الشهيرة في كأس العالم للقارات 99، حيث وجدت جميع أعقاب السجائر التي يدخنها مهروسة تماما بعد الخسارة أمام السعودية في المباراة التي شهدت طرد 3 لاعبين من صفوف منتخبنا الوطنى.

وأوضح: اقترحت وقتها على الجوهرى أن نجبر لاعبا رابع على الطرد حتى تلغى المباراة وفقًا للوائح بعد طرد 3 لاعبين إلا أن الجوهرى رفض الأمر وقال إنها سمعة البلد، وإنه لن يرضى بهذا الأمر بل إننى اقترحت عليه أن ننسحب اعتراضا على الظلم التحكيمى من حكم المباراة إلا أنه رفض وطالبنى بالهدوء، وأكد أنه يتابع كل شيء، فقد كان حزينا للغاية بعد هذه المباراة، بل إنه كانت له حركة شهيرة وقت العصبية يترتب عليها تمزيق ساعته 3 أجزاء يقوم بتجميعها بعد ذلك بعد أن يهدأ.


الحوار منقول عن بتصرف النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية