رئيس التحرير
عصام كامل

نيران وحيد حامد


تابعت باهتمام يليق بقلمه وصدقه، المقال الذي كتبه في صورة تحقيق لم يرق إلى وصف التحقيق الصحفي، الكاتب الكبير الصديق وحيد حامد عن مستشفى ٥٧٣٥٧، لعلاج سرطان الأطفال، في جريدة المصري اليوم، قبل أيام قليلة، وراعني ما فيه من أرقام وبيانات واتهامات.


أما الأرقام فإن المستشفى، في المقال، يجمع سنويا ما يزيد على المليار جنيه، من تبرعات المحسنين المحبين للخير أو ممن أصابهم السرطان في عزيز لديهم، أو درءًا له باستجلاب رضا الله، وفقا لأرقام وحيد حامد فإن عدد الأَسرة ٢٠٠ سرير في كل من القاهرة وطنطا، والمرضى ألف طفل مريض سرطان سنوي وأن إجمالي التبرعات يزيد على المليار جنيه سنويًا، ينفق منها على علاج الأطفال بين ١٦٠ مليون جنيه و٢٠٠ مليون جنيه.

وأثبت وحيد حامد من خلال تقرير المراقب المالي أن الإعلانات ١٣٦ مليون جنيه، وأن تكلفة علاج الأطفال المرضى ١٦٤ مليون جنيه.

أما بالنسبة للأجور والرواتب عام ٢٠١٥ فهي ٢١٠ ملايين جنيه، وعام ٢٠١٦، ٢٨١ مليون جنيه، ولم تعلن ميزانية ٢٠١٧ حتى الآن، والميزانية التقديرية لعام ٢٠١٨ هي ٤٠٠ مليون جنيه.

ثم رمى "وحيد" المستشفى أنه عائلي جدا، حتى إنه أسماه مستشفى آل أبو النجا، وقال: (إدارة هذا المستشفى تهيمن عليها عائلة واحدة هي عائلة الدكتور شريف أبو النجا الذي يقبض بيده على جميع السلطات، ويشغل عدة مناصب فهو المدير العام عضو مجلس إدارة المجموعة، عضو مجلس الأمناء وأيضًا أصدقاء المبادرة القومية ومناصب أخرى..

ثم الأستاذ محمود التهامي الذي يشغل منصب المدير التنفيذي للمؤسسة هو زوج أخت الدكتور شريف أبو النجا، وهو أيضًا عضو مجلس الأمناء عضو مجلس إدارة المجموعة وأيضًا جمعية المبادرة القومية للسرطان وهو أيضًا الأمين العام..

أما الدكتورة منال زمزم فقد تم تخصيص مقاطعة أو أبعادية تكون خاصة بها تحت مسمى أكاديمية العلوم الطبية، ولا نعرف هل هناك ترخيص رسمي بإنشاء هذه الأكاديمية من وزارة البحث العلمي أم لا؟ وما الدور الذي تقوم به؟ وهل تصلح الدكتورة لإدارتها؟ وما الفائدة منها بالنسبة للمستشفى؟

ثم الأستاذ محمد عرفان ابن عمة الدكتور شريف هو مسئول عن قسم (IT) وأيضًا الدكتور طارق عيسى ابن خالة الدكتور شريف ثم زوجة ابن الأستاذ التهامي الحاصلة على مؤهل متواضع وتشغل منصب مدير إداري، بالإضافة إلى رهط من أصحاب الرتب الذين تركوا مناصبهم وكلهم من ذوي القربى أو المحاسيب.. وكل هؤلاء رواتبهم خيالية بمعنى الكلمة ربما تفوق قيمتها عقود «تركي آل الشيخ».

ورد الأستاذ محمود التهامي على مقال وحيد حامد ردا أظهر فيه منصب وشهادة زوجة ابنه، وأنها ذات مؤهل مرموق، ماجستير في الإدارة وتتحدث لغات بطلاقة، أنه ــ التهامي ــ ليس متسلقا باحثا عن وظيفة كما صوره وحيد حامد، فقد "رشحني إلى تلك الوظيفة الأستاذ الدكتور فتحي سرور والمرحومة علا لطفي للسيدة سوزان مبارك رئيس مجلس الأمناء في سنة 2006 وقت أن كان الدكتور شريف أبو النجا لا يزال خارج المستشفى تحت التجهيز..

لكنه كان يعمل من خلال جمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان على تنظيم تنمية الموارد وجمع التبرعات لدفع مستحقات مقاول التشطيب غير ثمن المعدات الطبية 25 مليون يورو والمعدات غير الطبية وتجهيز المستشفى للافتتاح الجزئي وعاونته في ذلك الأستاذة العظيمة منال زمزم استشاري أورام الأطفال أحد مؤسسي الجمعية الأم جمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان، ولم يكن يتقاضى أجرا ولا يزال لا يتقاضى أجرا على هذا النشاط حتى الآن، رغم أن أجر هذا النشاط في السوق يفوق أضعاف ما يتقاضاه أي طبيب."

"التهامي" في الحقيقة لم يوضح، بالإثبات أو النفي، إذا كانت الأرقام التي أوردها وحيد حامد هي خيال محض لكاتب سيناريو كبير أم هي حقيقة، وأنها تنفق في أبوابها الصحيحة وقال إنه ليس مفوضا بالرد، الأمر الوحيد الذي أورده بوضوح هو أن الدكتور شريف أبو النجا لا يتقاضى مليما واحدا نظير عمله التطوعي بالمستشفى الذي أسسه من أول طوبة ألقيت فيه.

من الطبيعي أن يتأثر الزميل "محمود التهامي" بالغ التأثر وقد كان يوما ما رئيس مجلس إدارة روز اليوسف رئيس تحرير المجلة قرابة عقدين، وكان يفسح لوحيد صدره ومكتبه والصفحة الأخيرة، وها هو وحيد حامد يرزع التهامي وأبي النجا رزعة قوية في ذمتهما، في عز شهر غلب عليه التسول.

الحق أن المستشفى قام على جهد وعرق وتعب وحماس الدكتور شريف أبو النجا، وهو تأثر لوفاة والدته بالسرطان وفيما أعلم فإن شقيقته أيضا توفيت إلى رحمة الله بعد صراع مع المرض اللعين، ما كتبه وحيد حامد يستحق التحقيق، لكي تظهر الحقيقة، ولا بد من الشفافية الكاملة عن أوجه إنفاق أموال التبرعات، حتى لا يدان أحد ظلما.

مقال وحيد حامد رصاصة على العمل التطوعي، وينال من مصداقية الداعين إلى التبرعات، ولسنوات طويلة تمتع مستشفى ٥٧٣٥٧ بالحب والتعاطف والتبرعات المتدفقة، وأي تشكيك في نزاهة القائمين عليه سيترجم إلى نقص حاد في أموال علاج الأطفال المرضى، من ناحية أخرى، لا بد لإدارة المستشفى أن ترد على الاتهامات بأنها لا تستقبل مرضى قدامى أو أنها تطرد أطفالا، ومعلوماتي العملية أنها لا تقبل المحسوبية ولا الوساطة في قبول أي طفل مريض، فكل طفل حسب الدور المحدد له في موعد معين.

وأرى أن يبادر الدكتور شريف أبو النجا إلى بيان أوجه الإنفاق بالثابت من المستندات، وإن ظهرت الحقيقة لصالحه أتمنى ألا ينال ما نشر من عزيمته وحماسه، جهات التحقيق وحدها ستعلن من المتهم ومن البريء وحيد حامد أم شريف أبو النجا؟! في كل الأحوال سيدفع الطفل المريض ثمن هذه الرصاصات هنا وهناك!
الجريدة الرسمية