رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما يتحدث الرئيس


إذا كنت تمتلك حلولاً للمشكلات التي تعيشها الدولة، ولا تثق في الحلول التي تطرحها الحكومة، فلا تتردد في طرح ما لديك، ستجد من يصغي إليك، ويعظم وينفذ ما عرضت، شريطة أن يكون موضوعيًّا وقابل للتنفيذ على أرض الواقع، وإذا لم تكن لديك الحلول فعليك ألا تهاجم قرارات الحكومة؛ لأنها حتمية في ظروف استثنائية تعيشها الدولة، بعد أن تأجلت عمليات الإصلاح خمسين عامًا، وحتى لو تضرر المواطن من هذه القرارات فهي تصب في النهاية في مصلحة أبنائه وأحفاده قبل أن تصب في مصلحته.


تكلم وواجه ولا تعطي ظهرك للدولة، وإذا كنت من الذين يحملون مسئولية أمانة الكلمة، فلا تعبث بكلماتك حتى لا تعكر صفو الرأي العام، وتفسد العلاقة بين الشعب والحكومة، هذه المعاني هي التي وصلتني من كلمة الرئيس أمس في إفطار الأسرة المصرية، عندما حرص على تبرير رفع نسبة من الدعم عن بعض السلع، كلمات مباشرة وسهلة والأرقام كان لها دور محوري في إقناع من يرغب في إعادة بناء الدولة المغلولة يدها بسبب تراكم الديون وفوائدها.

ولم ينكر الرئيس على المواطن معاناته، لكنه في الوقت نفسه أعلن التحدي إذا كان الدعم الذي يصل للمواطن موجودًا في أيٍّ من دول العالم، فما بالك بدولة تجاهل السابقين إصلاح اقتصادها ورحلوه نصف قرن خوفًا من ردة فعل الشعب، وساق السيسي نماذج من دعم الدولة للمواطن مثل رغيف الخبز وأسطوانات الغاز والكهرباء، ورغم ما شهده الأخيران من زيادة في السعر، إلا أن دعم الدولة لهما ما زال يفوق الدعم الموجود في كل الدول.

ثلاث ملاحظات نطرحها بعد كلمة الرئيس أمس، الأولى تتعلق بإصراره على انتهاز فرصة المناسبات التي تجمعه بممثلين عن شرائح الشعب والتحدث إليهم في كل الأمور، بل أنه يتحدث أحيانًا في القضية الواحدة أكثر من مرة، ولا تفسير لذلك إلا أن الرئيس حريص على إقناع المواطن بكل قرار يتخذه لأنه يعلم أن الوسطاء بينه وبين الشعب ربما يشوهون القرارات التي تتخذها الحكومة، والوسيط الأبرز هو الإعلام.

فمن الواضح أن الرئيس تقاسم مع الشعب فقدان الثقة في أغلب من يظهرون على الشاشة ويحملون أمانة الكلمة؛ لذلك نراه دائم التنبيه على الإعلام بتحمل مسئولياته في عرض كل كلمة، ويدلل على استنتاجنا هذا اقتناع المواطن بما يقوله الرئيس، لا بما يطرحه الإعلام؛ لذلك كان حرص السيسي على التحدث في كل شيء بنفسه، غير معول على الإعلام.

أما الملحوظة الثانية فخاصة بمستحقي الدعم، فلا يمكن أن يتساوى من يعيشون على (تكافل وكرامة) بمن يتأففون من رؤية الفقراء، أو بمن نهشوا من خيرات الدولة في عهود سابقة ثم أعطوها ظهورهم، يجب ألا نساوي في الدعم بين من يعاني من سعر البنزين الذي يضعه في دراجته البخارية، ومن يمتلك أسطول سيارات لزوم (الفشخرة) لذلك كانت إعادة النظر في كشوف الدعم وتنقيحها من غير المستحقين ضرورة حتمية.

والملحوظة الثالثة تنصب على الإنتاج، سيظل المواطن في حاجة إلى الدعم إذا استمر حال الإنتاج بهذا الشكل، نعم.. وفرت الدولة من خلال مشروعاتها فرص عمل لثلاثة ملايين مواطن كما أكد الرئيس، لكن استمرار هذه العمالة بعد الانتهاء من المشروعات مرهون بفرص عمل أخرى، توفرها مصانع جديدة، وهنا يأتي دور رجال الأعمال الحقيقيين في إنشاء المصانع.

وعلى الدولة أن توفر لهم المناخ اللازم، على أن تضمن للعامل حقه، بعد أن لوحظ في الفترة الأخيرة تسريح مئات العمال من شركات يمتلكها رجال أعمال أبوا أن يقفوا مع الدولة ولم يتحملوا ظرفًا استثنائيًّا تعيشه مصر، هؤلاء هم من أصبحوا عبئًا على الدولة بتسريحهم للعمال، وبتقاعسهم عن دفع الضرائب، وأغلب الظن أنهم من هربوا أموالهم إلى الخارج أثناء أحداث يناير، ثم عادوا ليبدأوا من جديد في تكوين ثروات أخرى معتمدين على السمسرة وتجارة الأراضي، وليت الدولة تفرض على هؤلاء إنشاء مصانع لتوفير أكبر كم من فرص العمل، فالإنتاج هو السند الوحيد للدولة في خطتها لرفع بعض الدعم عن السلع.

Basher_hassan@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية