رئيس التحرير
عصام كامل

هانى أبوالعلا يكتب: هدية البرلمان لعلماء الأمة

فيتو

لم يبرح السادة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية المطالبة بزيادة رواتبهم مرات ومرات، التي لم تعد تكفي لحد الكفاف من العيش، برواتب هزيلة عبارة عن مجموعة من البدلات التي تم إقرارها باللائحة المالية سنة ١٩٧٢، التي لا يمكن وصفها اليوم إلا في سياق الفكاهة، وأقرب ما يمكن تشبيهها به هو مسرحية الجوكر التي مثلها القدير محمد صبحي (عم أيوب)؛ حينما أعطى الخادمة ملاليم لتتسوق بها (وطمعت في الباقي هربت).


ولك يا سيدي القارئ أن تتخيل مكافآت وبدلات عالم أفنى حياته في البحث والتعليم، ليكون اليوم باحثا ومعلما ومفكرا وصانع عقول أجيال، لتجد بدل الساعة التدريسية لسيادته هي ٢٨٠ قرشًا واكتبها بالأحرف حتى يصدقها عقل القارئ (جنيهان وثمانون قرشًا).

لك يا سيدي أن تسرح ويجوب عقلك في طيات الخيال لتعرف كم يتقاضى عضو هيئة التدريس مقابل مناقشة رسالة ماجستير أو دكتوراه بعد مراجعتها لمدة شهر تقريبًا، لتنقيحها قبل أن تُجاز ضمن المخزون العلمي للدولة، وبعد أن يجول عقلك فيهبط سريعًا للأرض ليجدها لا تتعدى المائة جنيه نعم (١٠٠جنيه فقط لا غير).

وقد يقول البعض إنه من المؤكد أن العلماء يتقاضون مكافآت أخرى مجزية عن إشرافهم على رسائل الماجستير والدكتوراه ومراجعتها والعكوف على ذلك ليل نهار تاركين معظم الواجبات الاجتماعية المعهودة لغيرهم، لتهبط سريعًا محققا المفاجأة ألا وهي أن عضو هيئة التدريس أيا ما كان اسمه ومستواه وخبرته يتقاضى ما لا يزيد على١٨٠ جنيهًا مقابل الإشراف على رسالة علمية لمدة قد تزيد علي أربع سنوات. وماذا عن تصحيح أوراق الامتحانات؟ يتقاضى العالم جنيهًا واحدًا مقابل تصحيح كراسة امتحان أي مادة. وقد يتفتق لذهن أحد القراء فكرة، فيقول أعضاء هيئة التدريس يبيعون كتبًا للطلاب، والإجابة نعم يوجد قلة في بعض الكليات المعروفة، أما معظم الباقين من أعضاء هيئة التدريس فلا يبيعون كتابًا. وهل يُعقل أن يدفع الشرفاء فاتورة مشتريات غيرهم؟!.

وفي بارقة أمل فتح معالي الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي بابه لأعضاء هيئة التدريس ليدلوا بدلوهم ومقترحاتهم لحل المشكلة، ولكن ماذا يستطيع أن يفعل الوزير أو علماء مصر وهم لا يملكون مقاليد الخزانة؟.. بعدها تقدم العلماء بمقترحاتهم لمعالي الوزير، الذي نقلها بدوره وبكل أمانة لمجلس النواب ومن بيده مقاليد الموازنة العامة وتم إعلام السادة نواب الشعب (الذين نسى الكثير منهم أو تناسى أنه من فئة أساتذة الجامعات، حيث اختلف الوضع) بمعاناة علماء مصر. وكانت الوعود بنظرة قريبة لمكافآت ١٩٧٢ (طمعت في الباقي هربت) وكانت الوعود بالاهتمام بالعلم وعماده وهم العلماء، لكن تمخض الجمل فولد فأرًا!!

إذا بعلماء مصر يُزف إليهم خبر زيادة بدل الجودة نصف مليار جنيه لعدد ٢٠٠ ألف عضو هيئة تدريس أي ما يعادل ٢٠٠ جنيه لكل عضو هيئة تدريس شهريًا، في حين يتم إقرار زيادات لفئات أخرى بشكل مستفز، فنجد مثلًا زيادة ٣٠٠ مليون جنيه لموظفي البرلمان مثلًا، الذين عددهم ٣٠٠٠.

والسؤال يطرح نفسه هنا: هل يخفى حال ـأساتذة الجامعات على السادة المسئولين؟
وإن كان الحال معلوما فما السبب في غض البصر عنهم؟.. هل هناك من يريد أن يعبث بهذا الوطن مرة أخرى بإثارة الضغينة والفتنة في الجامعات؟ ألسنا ننشد الجودة التعليمية ونسعى إليها؟ هل هناك جودة بلا علماء؟ وماذا عن معيار الرضا الوظيفي؟ لماذا يهمله صانعو القرار والمسئولون في مصرنا.
Advertisements
الجريدة الرسمية