رئيس التحرير
عصام كامل

مستشفى 57357 خط أحمر!!


كان مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال حلما وتحقق، وهو ليس مجرد مستشفى، ولكنه يجسد معنى حب المصريين للعمل الخيري والتطوعي، ولهذا يجب أن نتذكر دائما الراحلة علا غبور، والتي أسهمت بشكل كبير في تأسيس المستشفى، وكرست حياتها لمحاربة الأورام..


لقد أثبتت هذه المؤسسة الطبية الكبيرة التي تداوى الأطفال حتى سن 18 عامًا نجاح فكرة الاعتماد على التبرعات، من أجل بناء منشأة خدمية لعلاج البسطاء مجانًا، المستشفى ظل لسنوات طويلة مثل الصندوق الأسود يصعب معرفة ما بداخله، قد يكون ذلك بسبب رعاية السيدة سوزان مبارك له، وكذلك د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق، وقد يكون بسبب حب المصريين لهذا العمل الخيري الضخم الذي شيدوه بأموالهم..

ولكن في الأيام الأخيرة المستشفى تعرض للهجوم والنقد في بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد تكون هذه الحملة عن حق، وقد يكون خلفها أعداء النجاح، ولكن المسئولين عن المستشفى ساهموا في ذلك بسبب الدعاية الإعلانية الفجة التي أثارت استياء الجميع.

أنا شخصيا نصحت الوزير المحترم عمرو سلامة رئيس مجلس أمناء المستشفى بتخفيف هذه الحملة، لأن آثارها سوف تكون سلبية على هذا الصرح الإنساني العظيم، وسوف تفتح أبوابا يصعب إغلاقها، وهو وعد بمناقشة نصيحتي في الاجتماع القادم لمجلس الأمناء..

إدارة المستشفى تقدمت ببلاغ للنائب العام للتحقيق في الاتهامات الموجهة إليها، وحسنا أنهم فعلوا ذلك، فسوف يدافعون عن أنفسهم ويثبتون بالأدلة سلامة موقفهم فيما يتعلق بإنفاق أموال التبرعات في غير موضعها، وجمع مليار ومائتي وثلاثين مليون جنيه تبرعات لا ينفق منها سوى 160 مليونا فقط على العلاج، والباقي على الأجور والمرتبات والدعاية الإعلانية ومصاريف إدارية، وأنها تتبرع بأموال التبرعات لأغراض غير علاجية، وتنتقي مرضاها، قد تكون هذه افتراءات يثبت المستشفى عدم صحتها أمام جهات التحقيق..


مستشفى 57357 خط أحمر لأنه قصة نجاح عظيمة، ونحن بلد قصص النجاح فيها قليلة، ورجاء للذين ينتقدونه أن يفرقوا بينه وبين إدارته..

فالمستشفى خط أحمر ولكن إدارته ليست كذلك، فهي تخضع للرقابة والحساب، وإذا كانت هناك انحرافات يحاسب المسئول عنها دون تشويه لسمعة المستشفى، فالنقد البناء مطلوب لعلاج السلبيات والأخطاء، وكما يقول الرئيس السيسي دائما إنه لا أحد فوق القانون، ولدينا حاليا جهاز الرقابة الإدارية يؤدي دوره باحترافية ودون ظلم لأحد، لذلك يجب على الدولة سرعة التدخل حتى لا تتصاعد الأزمة، وتؤثر على المستشفى وتنتهي قصة النجاح ويضيع الحلم..

أما قضية التبرعات نفسها فإنها تحتاج وقفة حازمة من الدولة لضبطها، لأن الدعاية الإعلانية لجمع التبرعات كلها إهانة لمصر وشعبها، وآثارها السلبية كارثية على السياحة والاستثمار، وسمعة البلد، وتظهرنا وكأننا شعب كله مريض بالسرطان والكبد والقلب والحروق، ويشرب مياها ملوثة ويعيش في المجاري ويتسول غذاءه وعلاجه وملبسه ومسكنه، وهذا على غير الحقيقة..

كما أن هناك مؤسسات تجمع مئات الملايين وتعالج عشرات المرضى ولكنها وبسبب الدعاية الإعلانية الجبارة سحبت التبرعات من المستشفيات الحكومية التي تعالج ملايين المرضى ويموت الآلاف منهم بسبب نقص الإمكانيات..

يجب على الدولة ضبط قضية التبرعات، ولا تسمح لكل من هب ودب أن يؤسس جمعية أو مستشفى ثم يجمع عليها تبرعات بشكل مهين دون مراعاة لمصلحة الدولة وسمعتها، كما يجب أن تكون هناك رقابة على أوجه التمويل والإنفاق للقضاء على منافذ الانحراف والفساد.

egypt1967@yahoo.com

الجريدة الرسمية