رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دبلوماسية منظومة «إس -٤٠٠»


منذ بداية ظهور الدور الروسي الكبير في الشرق الأوسط من البوابة السورية، خصوصا بعد النجاحات العسكرية الروسية منذ نهاية عام ٢٠١٥ وحتى الآن، سارعت العديد من الدول في الشرق الأوسط للتقرب من الدب الروسي على المستوى السياسي-الدبلوماسي والاقتصادي.


وبعد تطوير روسيا لأنظمة دفاعاتها الجوية وامتلاكها في الوقت الحالي لمنظومة الدفاع الجوي "إس-٥٠٠" أصبحت منظومة "إس-٤٠٠" غير مهمة للجيش الروسي وأضحى استخدام هذه المنظومة كرشوة لدول حليفة للولايات المتحدة ضرورة للسياسة الخارجية الروسية.

وأولى الدول التي تمت رشوتها بهذه المنظومة المتطورة هي تركيا. ومسألة بيع منظومة دفاع جوي روسية متطورة لدولة عضو في حلف الناتو ليست بسيطة، حيث إن هناك اعتراضات قوية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لتسليم هذه المنظومة حيث قال بومبيو: "إن شراء تركيا منظومات "إس-400" الروسية ليس في مصلحة حلف شمال الأطلسي، مضيفا: "يجب أن تواصل تركيا ذلك كونها عضوا في الناتو، لكن من الضروري أن تتطابق تصرفاتها مع الأهداف، التي يسعى الحلف إلى تحقيقها".

ومن المنتظر أن تعاقب واشنطن أنقرة بعدم تسليمها لمقاتلات "إف-٣٥". وهنا لا نفهم الغاية الحقيقية للجانب الروسي في عملية تسليم منظومة متطورة لدولة عضو في حلف الناتو، هل الغاية المال؟ أم كسب صديق داخل حلف الناتو؟ لكن الذي نفهمه ونؤمن به هو أن روسيا ستندم لا محالة على تسليم تركيا لهذه المنظومة الحديثة.

فلا ننسى أن تسليم منظومة" إس -٣٠٠" لليونان كان سببا مباشرا لعدم فاعلية منظومة هذه المنظومة في سوريا ضد إسرائيل. فالقوات الجوية الإسرائيلية تدربت على خداع هذه المنظومة خلال مناورات بحرية جمعتها باليونان منذ ٢٠١٥. وتركيا ستظل عضوا في حلف الناتو مهما حدث، مما سيجعلها في نهاية المطاف ترجح مصالحها مع حلف الناتو عن مصالحها مع روسيا.

الدولة الثانية في الشرق الأوسط التي تريد شراء منظومة " إس-٤٠٠" هي المملكة السعودية. والمملكة العربية السعودية هي خصم قديم للاتحاد السوفيتي وخصم أيضا للاتحاد الروسي، لكن مقابل تفاهمات روسية-سعودية على حجم إنتاج النفط اليومي ومقابل استثمارات سعودية في روسيا بقيمة ١٠ مليارات دولارات يمكن أن تقوم روسيا برشوة المملكة السعودية بتزويد المملكة بمنظومة دفاع جوى تساعدها في التصدي لأى تهديد صاروخي إيراني.

الدولة الثالثة التي تريد امتلاك هذه المنظومة الحديثة هي قطر. والحديث عن تزويد قطر بهذه المنظومة مقابل إستثمارات قطرية تصل لـ ١٣ مليار دولار في روسيا يثير بأي حال من الأحوال الدولة الأكبر في الخليج. والاعتراض السعودي ظهر سريعا من خلال تهديد المملكة السعودية باللجوء للحل العسكري إذا ما تم تسليم قطر هذه المنظومة، مما سيدفع روسيا أن تختار ما بين السعودية وقطر.

اختيار روسيا استخدام "إس-٤٠٠" كذراع دبلوماسي يجعلها تخسر علاقاتها مع دول على حساب دول أخرى خصوصا وأن هذه الدول في منطقة الشرق الأوسط، وهذه المنطقة لها حسابات معقدة.

أما بيع هذه المنظومة للصين والهند، فهذا أمر مرتبط بمصالح روسيا مع دول أعضاء في مجموعة البريكس، وعملية تسليم المنظومة لا يثير مشكلات كما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط.
Advertisements
الجريدة الرسمية