رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

استاد للأهلي والزمالك بفلوسهم


أهم درس من الثرثرة التي شغلت جماهير الكرة فيما يتعلق بتمويل بعض أنشطة النادي الأهلي هي البحث عن بدائل واضحة وشفافة لتمويل الأندية بعيدا عن اللغو باسم عشق الفانلة والذي منه، والتحرش بمؤسسات رياضية عريقة بحيث يكون هناك فصل بين التبرعات ومكافآت اللاعبين، وبين أصول الإدارة المالية لصناعة الكرة والنجوم، ولن نعيد اختراع العجلة، وكل المطلوب هو التعرف على تجارب الأندية الكبرى في العالم لكي نطبقها بما يتلاءم مع ظروفنا الراهنة.


وقد يكون من المناسب الآن إعادة النظر في عودة الجماهير للمدرجات كإحدى وسائل التمويل، وفِي نفس الوقت التعامل بمهنية مع عقود الرعاة والبث التليفزيوني بما يكفل للأندية إيجاد موارد حقيقية وشرعية بعيدا عن العشم في بعض مدمني الشهرة ببضعة ملايين، وعلي رؤساء الأندية عدم الرهان على رجال اليوم بمعايير الماضي عندما كانوا يمولون صفقات وألعابا ونجوما بدون أن يعلم أحد عنهم وعن تمويلهم شيئا، ذلك لأنهم كانوا كبارا ولم يكن أحد منهم يريد غسل سمعته أو شراء نجومية ببضعة تويتات يخاطب بها جمهور الدرجة الثالثة بمنطق فيها لأخفيها.

وقد سمح قانون الرياضة الجديد بإدراج الأندية بالبورصة من خلال الأسهم من أجل تمويل وتطوير وتحديث تلك الأندية بما يخرجها من حالة الترهل، وسوف تستقطب تلك الخطوة استثمارات أجنبية بسبب شعبيتها الكبيرة والفرص المؤكدة لتحقيق الأرباح، بدلا من العك الراهن، أي أن هناك بدائل كثيرة جدا وأبواب مغلقة للتمويل الشرعي لم نفتحها بعد.

وفِي كل الأحوال فإن الشكر واجب لمن وحد جماهير الأهلي والزمالك والتي ارتقت ووئدت الفتنة، والرد البسيط المحترم لحالة الغضب من التغريدات إياها هو إقامة أكبر استاد في مصر بفلوس المصريين وخاصة بتبرعات الأهلاوية والزملكاوية وهم عشرات الملايين، وأعرف أن هناك من القادرين من الجانبين على استعداد للمساهمة بالملايين بنفس حماس جنيهات البسطاء من مشجعي الناديين..

وربما تكون هي اللحظة الفريدة لتطبيق مقولة أنا وابن عمي على الغريب، وأعرف أن الطبيعي والمنطقي أن يكون لكل ناد استاد وملعبه ولكن بالحوار والاتفاق يمكن حل بعض المشكلات التنظيمية لاستغلال الملاعب في التدريبات والمباريات، والفكرة ليست جديدة لأن المصريين أثبتوا دوما قدرتهم الفذة في الإبداع والعطاء عندما يكونون تحت ضغط وليس هناك ضغط أكثر من أن يضغط أحد على كرامتهم..

وفِي نفس الوقت فإن تجربة التبرعات في هذا الشهر الفضيل بمئات الملايين تؤكد أننا يمكن وبمنتهى السهولة إقامة هذا الاستاد وهناك كثير من المصانع التي يمكن أن تساهم بالأسمنت وأخري بالطوب وثالثة بالسيراميك ورابعة بالأثاث للغرف والملحقات، ويمكننا أن نستفيد بالدعوات السابقة كمشروع القرش الذي دعا إليه أحمد حسين ورفاقه في الثلاثينيات لإنشاء مصنع طرابيش بدلا من الذي كنا نستورده من النمسا..

وبالفعل تم إنشاء أول مصنع الطرابيش في منطقة العباسية، واستمر حتى ألغت حركة يوليو ارتداء الطرابيش، ولكن ظلت الفكرة في رمزيتها نحو تمصير الصناعة والاقتصاد الوطني، وقد كانت هذه الخطوة متزامنة مع الوعي الوطني دعما لأفكار طلعت حرب الداعي للنهضة الصناعية اعتمادا على أموال المصريين، وقد نجحت تلك الأفكار في إنشاء عشرات المصانع والشركات الوطنية لتمصير الاقتصاد الوطني..

وربما تكون حملات التبرع الرمضانية مؤشرا لبدء تنفيذ فكرة الإستاد الذي يؤاخي الناديين الكبيرين، وأظن أن مثل هذا الاستاد المملوك لجمهور الناديين سيجعلهم الأحرص عليه وعلى صيانته والحفاظ عليه من أي تخريب أو تهور، ثم إن مثل تلك الفكرة في حال تنفيذها ستكون الأولى من نوعها في العالم لجمع شمل جمهور الناديين المتنافسين والأكثر شهرة، وسيكون حافزا بأن العمل المؤسسي هو الأبقي لصيانة قوي وأسلحة مصر الناعمة من حماقات ولغو بعض المغامرين الذين يسيئون لأنفسهم ولأشقائهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
Advertisements
الجريدة الرسمية