رئيس التحرير
عصام كامل

«الدنيا لسه بخير» محل أحذية يخصص ركنا مجانيا لغير القادرين (صور)

فيتو

في الطابق الثالث بأحد المراكز التجارية بحي المعادي، اصطحبت سيدة أربعينية ابنتها لشراء حذاء جديد استعدادا لاستقبال عيد الفطر المبارك، تَجولتا في أرجاء المول بحثا عن السعر المناسب وكذلك الخامة، فقادتهما أقدامهما نحو أحد محال الطابق ذاته، وما إن دخلتا المربع الصغير المكتظ بالأحذية الجلدية والبلاستيكية الخاصة بالأطفال، تسمرت الصغيرة في موقعها لا تتحرك، هالها عبارة قرأتها على ورقة معلقة بأحد الأرفف الموجودة بمنتصف المحل، "مجانا لمن لا يستطيع".


منذ نحو ستة أشهر، قرر "نهاد أحمد" الذي خصصت له إدارة المول مساحة بأحد طوابقها، ليفتح محله الخاص ببيع أحذية الأطفال عام 2000، أن يخصص ركنا ثابتا تعلوه لافتة بيضاء مكتوب عليها: "مجانا لمن لا يستطيع"، يداوم على إحضار البضاعة من المخزن الملحق بالمحل، ويكلف أحد الصبية العاملين معه، بترتيبها فوق الأرفف الخاصة بـ"ستاند" أحذية المحتاجين".  

لاقت الفكرة استحسانا كبيرا من رواد المحل خاصة من السيدات، اللاتي لجأ بعضهن لتخصيص مبلغ من المال لمساعدة نهاد في تطوير المشروع. يقول نهاد: "فيه ست من نحو أسبوع جت ومعها 100 جنيه وقالتلي جميل مشروعك وأنا هساعد بالمبلغ البسيط ده على تكبيره لو قدرت كل فترة".

يضيف: لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورها في الترويج لفكرة صاحب المحل، الذي جاءته الفكرة حينما كان في أحد المطاعم ولمح العبارة ذاتها مكتوبة في أحد أركانه، فقرر أن يقتدي بصاحب هذا المطعم، وبدروها نجحت سيدة منذ بضعة أيام أن تنقل الفكرة إلى رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، يقول نهاد: "الناس معرفتش أكتر عن المشروع إلا من خلال البوست اللي نشرته زبونة عندي من كام يوم".  

ومع مضي الوقت بات نهاد، يعرف الزبون الذي أتى بغرض الحصول على حذاء مجاني، يقول إن خطواته تكون مترددة ويمشط أنحاء المحل، وكلماته تستعصي على الإفصاح، "أنا بلاقي الزبونة أو الزبون داخلين بأبنائهم مترددين، وفي مرة سمعت واحدة جاية مع قريبتها بتقول لها هو هيدينا الحاجة دي مجانا ولا هيعمل إيه، لقيني بجيب شنطة وباخد منها الكوتشي أحطه فيها وقولت لها توكلي على الله!".  

من قال عبارة "الدنيا لسه بخير" لم يخطئ ظنه أن جانبا كبيرا من هذا الخير اختص به المصريون دون غيرهم، فالدافع نحو فعل الخير ما زال يحرك شيئا ما في نفوس زبائن نهاد من وقت لآخر، يدفعهم لدفع المشروع الصغير للمضي قدما، "من نحو شهر زبونة جت ومعها صندل بناتي صغير، قالت لي خذه حطه في الستاند المجاني هو لسه بكرتونته، وناس كثيرة عرضوا مساعدات ليس فقط بالأموال، لكن أيضا بشراء البضاعة وإحضارها لهنا، وإحنا كمان مش بنخرج بضاعة بايرة أو تالفة هي من ضمن اللي ببيعه وكله بيكون خارج من كرتونته".  

يوسف الصبي الأسمر صاحب الـ14 عاما، الذي عمل بمحل الأحذية منذ بضعة أشهر، دأب على الاعتناء بهذا الركن بداية من تنظيفه وترتيب الأحذية ومتابعة الزبائن، "كل ما ألاقي الستاند فضي بنظفه وأحضر المزيد من البضاعة في الداخل"، عينا يوسف الصغيرتان أصبحتا لا تخطئها المحتاج منذ اللحظة الأولى من دخوله، يعرف ما يحتاجه يسأله عن المقاس الذي يريده، إذا لم يكن متوافر فوق الرف، يحاول إحضار بدائل عنه، "المهم الزبون يخرج مبسوط".  
الجريدة الرسمية