رئيس التحرير
عصام كامل

الأحزاب المصرية.. إلى أين؟


من المؤكد أن وجود معارضة حزبية قوية وبناءة داخل الدولة يعين كثيرا على التقدم والارتقاء، فضلا عن ضبط إيقاع مؤسسات الدولة من حيث كفاءة الأداء في كافة المجالات.. لذا يعتبر حرص رئيس الدولة المصرية على هذه القضية، من الأهمية بمكان، ويدل بشكل واضح على أن الرجل يسعى لتأكيد الديمقراطية..


لكن للأسف، نحن لدينا عدد هائل من الأحزاب، لا يسمع أحد عنها شيئا، إذ إن معظمها ليس له أي عمل أو نشاط أو تحرك، فضلا عن أن يكون مؤثرا وفاعلا في الحياة السياسية المصرية.. هي مجرد لافتات أو ملصقات، القليل منها مشهور، لكن الغالبية العظمى منها مغمور أو مقبور. 

مَنْ مِن رؤساء الأحزاب (أو حتى من ينوب عنهم) زار المحافظات والمدن والقرى والكفور والنجوع (وما أكثرها)، والتقى بأهل هذه المواقع والأماكن وسمع منهم مشكلاتهم وأوجاعهم ومعاناتهم؟ مَنْ مِن هؤلاء الرؤساء تناول منهاجه وخططه وبرامجه وشرح مشروعه لهؤلاء الناس؟ هل المسألة وجاهة اجتماعية، أم وسيلة لتحقيق مصالح شخصية، أم ماذا؟ هل لدى أفراد وشخصيات هذه الأحزاب قناعة بأحزابها من حيث تشكيلها وأدائها وقيمها ومبادئها وطريقة عملها؟ هل تمارس هذه الأحزاب الديمقراطية داخلها، أو هل لديها مؤسسات ديمقراطية حقيقية، ولجان نوعية، على المستويين المركزي واللامركزي؟ هل هناك ثمة تنسيق - ما - بين هذه الأحزاب وبعضها حول قضية - ما - بهدف حلها أو تقديم آليات ووسائل أو حتى أفكار ورؤى لمعالجتها؟ هل هذه الأحزاب قادرة على حل مشكلاتها ذاتها، وعلاج أوجه القصور لديها؛ سواء كانت كبيرة أو صغيرة.

أم أن هذه المشكلات والخلافات تكاد تقصم ظهورها، فضلا عن منعها وتكبيل قدراتها - أن كانت موجودة فعلا - للقيام بأي عمل أو نشاط نافع أو مفيد؟ هل تقدم واحد من هذه الأحزاب لأي مؤسسة في الدولة بتصور علمي منهجي لحل مشكلة الاقتصاد أو الثقافة أو التعليم أو الصحة أو الزراعة أو الصناعة أو النقل أو الإسكان، وغيرها؟

يجب أن تقف هذه الأحزاب أمام نفسها، وأن يكون لديها المصداقية والشفافية الواجبة لتقويم دورها في الحياة السياسية المصرية، وأن يتوافر لديها الشجاعة في اتخاذ القرار اللازم لاستمرارها أو عدم استمرارها.. لا أتجاوز إذا قلت إن الواقع يفرض على هذه الأحزاب أن تعيد النظر في كل ما أثرناه من تساؤلات.. وإذا كانت الإجابات بالسلب فلا سبيل أمامها إلا أن تحل نفسها.
الجريدة الرسمية