رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«ابن النكتة» شايل طاجن سته


«المصري ابن نكتة» شعار رفعه المصري,ن كبطاقة تعريف وهوية لهم على مدار آلاف السنين، وظل المصريون رغم تعاقب الأزمات والعصور عليهم محتفظين بتلك الروح من الدعابة، ولكن كما يبدو فإن «دوام الحال من المحال»، اختفت الضحكة وحل محلها «ضيق الخلق» وأصبحت الدعابة بمثابة مزحة ثقيلة لم نعد نتحملها.


وخلال كل ما تعرض له المصريون من أزمات كانت روح الفكاهة والدعابة هي السائدة والحافز لتجاوز تلك الأزمة، ففي عز ما كانت ثورة 25 يناير على أشدها والصدام محتدم بين نظام مبارك وثوار التحرير، وسقوط الجرحي والمصابين وكذلك القتلى، كانت روح الدعابة هي الأبرز على الساحة، من خلال التعليقات المكتوبة أو الصور المطبوعة.

السؤال الذي بات ملحا خلال التغيرات التي طرأت على الطبيعة المصرية والروح المرحة لهم، ماذا حدث للمصريين؟! وكيف تحول المصري من «ابن نكتة» ليتحول المصطلح والتعريف لـ«نكدي- باحث عن العكننة– شايل طاجن سته»، كلها مصطلحات باتت بديلا للنكتة والفكاهة التي تميز بها المصري في أوقات الأزمة قبل الانفراجة.

فهذا ما أفرزته الدراما التليفزيونية خلال الماراثون الرمضاني لعام 2018، فبمجرد عرض الحلقات الأولى لأكثر من عمل درامي حتى انهالت البلاغات والدعاوى القضائية المقامة ضد المسلسلات والقائمين عليها.

كان آخر تلك الأعمال الدرامية الرمضانية التي أحدثت أزمة لدى الجمهور، ووجدوا الدعابة بها «دمها تقيل» وإهانة، مسلسل «سك على إخواتك» لنجم مسرح مصر الفنان على ربيع، حيث عبر عدد من أهالي محافظة بني سويف، عن استيائهم من المسلسل، بسبب مشهد قيام مدرس بتعليم بطل المسلسل «سويلم»، الذي يؤدي دوره الفنان على ربيع، الحروف الهجائية، مطالبه بالترديد خلفه: «حرف الألف أرنب، الباء بطة، التاء تفاحة»، ليرد «سويلم»: «عارف البطة والتفاحة، أنا عايش معاكم على الأرض هو أنا جاي من بني سويف ولا المريخ»..

وكأنها كانت فرصة لكل أن يدلي بدلوه، حيث أعلن النائب محمود عزت أبو عزوز، عضو مجلس النواب عن محافظة بني سويف، عن تقديم شكوى للمجلس الأعلى للإعلام وكافة الجهات المعنية، مرفقا بها كافة ما يثبت التناول المسئ لأهالي بني سويف، بالإضافة إلى تقدمه بطلب إحاطة لمجلس النواب ومناقشة ما تعرض له أهالي المحافظة من إساءة بلجنة الإعلام في أقرب وقت ممكن.

ومن الدعابة غير المقبولة للتشويه المتعمد، وهدم القيم المجتمعية للمحافظة وأهلها، جاء مسلسل «كلبش 2»، الذي يقوم ببطولته النجم أمير كرارة، وأثار جدلا واسعا وأزمة مع أهالي الفيوم، كان نتيجته دعاوى قضائية ضد القائمين على المسلسل؛ لإظهار محافظة الفيوم كبؤرة إرهابية في أولى حلقات العمل، في حين أكد السيناريست باهر دويدار مؤلف «كلبش2» أنه لم يقصد أي إساءة لأهالي محافظة الفيوم، وأنه تفاجأ بالهجوم عليه هو وفريق عمل المسلسل.

هل إلى هذا الحد وصل بنا الحال إلى الضيق ونفاد الصبر حتى من الدعابة أو من العمل الدرامي، الذي نعلم جمعينا أنه لا يقدم ولا يؤخر في شيء ولا ينال أو يضيف إلى تاريخ فئة أو محافظة بعينها، ففي استطلاع مصغر أجريته قبل كتابة تلك السطور عبر صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، مفاداه هل البلاغات المُقدمة ضد المسلسلات من أهالي المحافظات.. فراغ وحب للشهرة أم حق وإساءة ؟!، لتأتي النتيجة بعد أقل من 24 ساعة بنسبة 88% لصالح الاختيار الأول و12% فقط رأوا أن البلاغات حق لمقدميها.

ليس هذا المهم بل هناك أزمة لزم علينا الالتفات إليها، من أوصلنا لتلك الحالة من الضيق وفراغة العقل والتفكير، في أن نمسك بـ«إفيه» أو مزحة أو حتى عمل درامي، لنفرغ له طاقتنا ووقتنا، ونحرر المحاضر ويتفرغ الموظفون لاتخاذ اللازم بشأن تلك البلاغات، فأي مضيعة للوقت, وأي حب للظهور هذا, وأي كآبة تلك التي أوصلت الشعب صاحب وأصل النكتة إلي عدم قبول المزحة، وهل يحتاج الشعب لطبيب نفسي يعيد إليه بسمته وسعة صدره أم يريد إصدار تشريع يعاقب كل من يستغل الدعاوى القضائية في غير ما يستحقه الأمر.. فإن كان هذا أو ذاك فكلاهما مر، تمنيت كثيرا ألا نلجأ إليه.
Advertisements
الجريدة الرسمية