رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أحد أبطال العاشر من رمضان يكشف تفاصيل الدقائق الأخيرة قبل اندلاع الحرب

العميد محمد عبد القادر
العميد محمد عبد القادر أحد أبطال أكتوبر

يروي العميد محمد عبد القادر أحد أبطال أكتوبر الدقائق الأخيرة قبل العبور المحفورة في ذاكرته حتى الآن بمناسبة ذكرى العاشر من رمضان.


وقال عبد القادر لـ"فيتو": "بزغ فجر السادس من أكتوبر استيقظت مع أول خيوط الفجر، توجهت إلى شاطئ القناة - الذي يبعد عن مكان تمركز الكتيبة بنحو خمسمائة متر- لألاحظ أي شيء غير عادي فلم أجد، ومن ثم شرعت في العودة إلى المعسكر، لكنني شاهدت خلف الساتر الترابي مجموعات من أفراد المهندسين العسكريين يقومون بنفخ القوارب الكاوتشوك، التي كانت مخزنة خلف الساتر الترابي ومموهة بصورة لم تكن تسمح أبدا بكشفها".

وأضاف:" هنا أيقنت أن اليوم هم اليوم الموعود.. أسرعت إلى قائد الكتيبة الرائد محمد جميل عبد السلام، وأبلغته بما رأيت، وكنا حتى هذه اللحظة لم نخطر رسميا بتوقيت العبور – لدواعي السرية والأمن وازدادت الحركة على الطريق الموازي للقناة".

ساعة الصفر
وقال: "وفي الثانية عشرة والنصف جاءتني ورقة صغيرة مدون بها ساعة التحرك أنا وكتيبتي.. أولا قوات الجيش ستبدأ التمهيد بجميع أنواع المدفعية والطائرات مدته ثلاثة وثلاثين دقيقة، أي إن أول طلقة مدفعية سوف تخرج في الساعة الواحدة واثنين وثلاثين دقيقة بعدها نتحرك نحن لصعود الساتر".

التحضير للهجوم
وتابع: "وبعد وصول ساعة التنفيذ جمعت أفراد مركز ملاحظتي بصفتي قائد السرية الأولى من الكتيبة 803 مدفعية ميدان متوسطة العيار، 155مم، وتوجهنا إلى المعبر المحدد لنا مسبقا وكان المعبر رقم 23 وهو جنوب كوبري الفردان شمال الإسماعيلية".

وقال: "الغريب أنه قد يتعجب الكثيرون من الدقة المتناهية في التخطيط عندما يعرف أن القوارب كانت مرقمة وكل مجموعة تعلم مسبقا رقم القارب، بل كنا قد حددنا كشوفًا بأسماء مستقلي كل قارب.. إلى هذا الحد وصلت دقة التخطيط".

وقال: "تحدد لي مركز ملاحظتي العبور ضمن الموجة الثانية أي بعد خمسة عشر دقيقة من عبور الموجة الأولى، بالضبط في الساعة الثانية والثلث فقد كان أمامنا وقت كاف لكي نقطع المسافة من مكان تمركز الكتيبة إلى مكان المعبر وهي نحو 1 كم سيرا على الأقدام مرتدين سترة العبور".

محتويات سترة العبور
وقال: "تزن السترة بمحتوياتها ما يربو على الثلاثين كيلو جراما، فهي تحتوي على عدد كبير من الجيوب يتسع لحمل: تعيينات قتال/ ذخيرة للأسلحة الصغيرة/ كشاف (طورش) / أقراص من الوقود الجاف/ معلبات من الخضراوات المحفوظة/ مهمات الوقاية من أسلحة التدمير الشامل، يضاف إلى ذلك أدوات الحفر والسلاح الشخصي لكل منا طبقا لوظيفته فيحمل الجنود البندقية الآلية، بينما يحمل الضباط المسدس 9 مم".

وأشار إلى أن السترة تشمل أيضا المعدات التخصصية لكل فرد، فمنهم من يحمل جهازا لاسلكيا يزيد وزنه على الثلاثين كيلو جراما، وآخر يحمل له بطاريات الجهاز الاحتياطية، وثالث يحمل أجهزة الاستطلاع والمراقبة (الدايركتور-الاستريوسكوب- النظارات الميدانية / آلة تقدير المسافة)، بالإضافة إلى الخوذة وعنصر الحر الشديد في نهار ذلك اليوم، وقال: "سرنا مسافة الكيلو مترين بهذه الحمولة الثقيلة، لكن الروح المعنوية العالية التي لم أشاهدها من قبل كانت مسيطرة على الجميع وجعلت كل ذلك شيئا لا قيمة له".

الخداع الإستراتيجي
وقال عبد القادر: "وصلنا إلى حيث المعبر المخصص لنا وجلسنا أسفل التبة الصناعية وخلفها، وكان ما زال العمل بها جاريا بصورة خداعية حيث يصعد البلدوزر فارغا وكأنه يحمل رمالا ويعود للنزول ثم الصعود من جديد بما يشعر المراقب من الضفة الشرقية للقناة أن العمل ما زال جاريا، وبالتالي فليس هناك تغير في البرنامج اليومي".

وأضاف: "في مياه القناة كان بعض من الجنود يستحم كما جرت العادة خلال السنوات الست السابقة، كما كان البعض الآخر جالسا يمازح بعضه البعض يقذفون بعضهم بقشر البرتقال، بل إن أحدا منا لم يرتد الخوذة حتى لا يثير تساؤلات الجنود الإسرائيليين على الضفة الشرقية في صورة خداعية لم يسبق لها مثيل، ولو كان التاريخ منصفا فسيكتب عن ذلك الكثير".

وتابع: "جلست مع جنودي أسفل التبة نتحدث عن العبور واقتحام الشاطئ الشرقي وصعود الساتر وتنفيذ المهام الموكولة إلينا، ومع كل دقيقة كنت أنظر إلى الساعة وأحسب الوقت الباقي لخروج أول طلقة مدفعية".

لحظة الانطلاق
وقال: "وما إن اقترب الوقت المنتظر حتى خلعت علامات الكتف لرتبتي( النقيب) والطاقية ودفنتهما في الرمال تحتي، ولم أكد أنتهي من ذلك حتى دوت أول طلقة مدفعية، وبعدها انقلبت الجبهة إلى جحيم من النيران، تصبه المدفعية المصرية على الشاطئ الشرقي للقناة وفي عمق سيناء".

وأضاف: "لقد كان صوتها كصوت الرعد أو أقوى، ومع كل قذيفة كنت تسمع صيحات الله أكبر تدوي في جميع أرجاء الجبهة حتى كان صياح الجنود وتهليلهم يعلو على صوت المدافع.. هذه اللحظات لا يمكن أن تمحى من الذاكرة".
Advertisements
الجريدة الرسمية