رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ حلمي الجمل: قرأت أمام الرئيس السيسي مرتين.. ولا توجد لي طقوس خاصة

فيتو

  • 10 قراء هم المرشحون للقراءة أمام الرئيس.. بينهم شباب
  • الرئيس يفوض المختصين لاختيار أفضل القراء


الشيخ حلمي الجمل، القارئ بالإذاعة والتليفزيون، مفتش عام المقارئ والمحكم الدولي، من أهم الأصوات الرائدة التي ظهرت وانتشرت بعد جيل الرواد من قراء القرآن الكريم، يقول عن نفسه إن له طريقة خاصة في التلاوة، تتسم بما يصفه "الأداء الصوفي"، أو الروحاني، الذي ينفذ إلى أعماق قلوب المستمعين، يروي الشيخ الجمل عن رحلته مع دولة التلاوة، وكيف استمر طوال عقدين من الزمان يتلو القرآن في أمريكا، وفي كل ختام للقرآن مع نهاية شهر رمضان المبارك كان الكثيرون يشهرون إسلامهم، بعد سماع آي الذكر الحكيم منه.

يتطرق أيضًا، في حوار الذكريات مع "فيتو"، إلى تلاوته أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، وغيره من كبار القيادات، وعلاقته بهم، كما يكشف عن أسباب خلافاته مع نقيب القراء الشيخ محمد محمود الطبلاوي، وسر تنازله عن الدعوى القضائية التي رفعها ضد النقابة، وتمسكه بإجراء انتخابات على منصب النقيب وعضوية المجلس.

وإلى نص الحوار

بداية، كم مرة قرأت فيها أمام الرئيس؟
قرأت مرة في عيد العمال، وأخرى في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف المنقضي في العام الماضي، ومرات عديدة مع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، الذي تربطنا به علاقة محبة من أجل القرآن الكريم لا لأجل شيء آخر.

*هل لديك طقوس معينة قبل القراءة في المناسبات الكبيرة كالقراءة أمام الرؤساء؟
والله في هذه المسائل لا ألجأ إلا إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الإنسان مهما اجتهد ومهما كان في حالة نفسية وصحية تؤهله إلا أن الاستعانة بالله سبحانه وتعالى وحده هي التي تنزل عليه التجليات، وتفتح له باب القبول أمام المستمعين، ولذلك صدق الشاعر حينما قال: "إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى *** فأولُ ما يجني عليه اجتهادُهُ".. فلا توجد طقوس معينة، وإنما هو التوكل الخالص لله سبحانه وتعالى وطلب المعونة منه دون غيره، أما الجمع الكبير من الرئيس والعلماء والوزراء وأصحاب المكانة العليا، فمع احترامي لهم وتوقيرهم إلا أن السر الذي يأتيني في تلك الساعة هو طلب العون من الله، وليس في مخيلتي ولا في ذهني أنني لو أعطيتهم حقهم من المهابة والاحترام، ربما لا أستطيع القراءة، لكني أؤخر ذلك قليلا وأقدم توفيق الله.


*هل يختار الرئيس قراءه؟
لا أعتقد ذلك، وإنما يفوض من المختصين للاختيار لأنهم يتواصلون مع قيادات ماسبيرو، ولا سيما على مسعود، مدير عام التخطيط الديني بالإذاعة، لأن هذا الرجل يعرف الغث من السمين، ويعرف من يحيي المناسبات ومن الذي لا يحييها، حتى إنه في بعض الأحيان يرشح 10 من القراء الكبار ويقول لهم: هؤلاء أئمة القراءات، وأنا من ضمن القائمة، ومن بينهم شباب موجودون، وبعض القراء كانت الأنظار تتجه إليهم في هذا الشأن إلا أنهم الآن مثلهم مثل غيرهم والتنوع أصبح مطلوبًا..

*حدثني عن رحلاتك القرآنية خارج مصر؟
سافرت إلى السعودية لأعلم القراءات والكيمياء على مدى 5 سنوات، وكان ذلك بموجب تعاقد مع وزارة التربية والتعليم في ذلك الوقت، وشغلتني الأسفار في رمضان في عهد وزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق، إلى أمريكا، ومكثت فيها على مدى 20 عاما في مسجد واحد يسمى مسجد النور، ويتحملون كافة النفقات، وكانت الأوقاف لا تضن عليَّ ببدل السفر، وكانوا يعطوننا مكافأة 5 آلاف دولار نهاية كل شهر رمضان، وفي باكستان حملوا السيارة الخاصة بنا وكان برفقتي الشيخ الشحات أنور.


* هل مازالت الدولة المصرية تعتني وتهتم بالقرآن الكريم؟
- دولة التلاوة وحفظة القرآن الكريم، بعدما تولى الدكتور محمد مختار جمعة، وزارة الأوقاف، جعل منها خلية النحل، لأن الوزير يتحرك في كل اتجاه، وعلى جميع الأصعدة لخدمة أهل القرآن الكريم، ولا يترك مناسبة داخل أو خارج مصر لها اتصال بالدور التاريخي الديني إلا وشارك فيها، وهو أول وزير أوقاف مصري حضر بنفسه اجتماعًا شهريًّا عاديًّا لنقابة القراء في جامع الأزهر الشريف، وكنت وقتها نائب نقيب القراء، وناقش جدول الأعمال والمشكلات التي كانت تواجه النقابة.

*كيف أسلم على يديك بعض المستمعين في أمريكا بعد سماع القرآن؟
ليلة ختم القرآن لا تخلو من دخول أناس في دين الله بعد ختم القرآن والدعاء، وكانوا يأتون وكأننا في صدر الإسلام الأول، وكنت أطلب منهم أن يغتسلوا، ثم نلقنهم الشهادة بصوت عالٍ، وفي أول مرة كدت أن أقع من طولي والمسلمون في أمريكا يغدقون على من يدخل في الإسلام بالعطايا والأموال ويعينونهم إذا كانوا فقراء.

*من الذي كنت تفضل سماعة من القراء؟
والله كنت أحب سماع القرآن من القراء جميعا، وعندما انتبهت إلى سماع القرآن في الكبر لحقت الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البهتيمي والشيخ الحصري وأبو العينين شعيشع، وكنت استمع للجميع، وعندما اقرأ كنت أتلو بطريقة خاصة بي.

هل ما زلت تمرن نفسك على قراءة القرآن حتى الآن؟
نعم ما زلت أمرن نفسي في المنزل، وفي كل مكان وأقرأ أمام أولادي كأني في حفلة.. ومن شدة غرامي بتلاوة القرآن قد أصل إلى شيء فأسجلها وتصبح خاصة بي.. وأحمد الله أنه أعطاني طريقة متجددة دون خروج عن القراءة الصحيحة، بصوت حسن مقبول، وهذه الطريقة نقول عليها الأداء الصوفي للقرآن الكريم فهي تخاطب الروح والوجدان.


*هل سار بعض القراء على المدرسة الخاصة بالشيخ حلمي الجمل؟
نعم هناك الكثير ممن سار على نهج تلك المدرسة ويقتفون أثرها، ولكن ما أن يأخذ تسجيلًا ويقلده إلا ووجد تسجيلا آخر على غير ما سمع، لأن القارئ إذا لم يكن دائم الاطلاع والتجدد في طريقة الأداء ويمرن نفسه على ذلك لايستطيع أن يأتي بجواب الجواب ثم يعود بالقرار.


حدثنا عن رحلة اعتمادك بالإذاعة والتليفزيون.. كيف كانت؟
كنت في قرية تسمى صهرجت الصغرى التابعة لمركز أجا محافظة الدقهلية، وكان منها الإذاعي المعروف إسماعيل الششتاوي، وحينما سمع صوتي وجد قارئًا يقرأ بطريقة لم يسمعها من قراء الإذاعة، خاصة أن تلك القرية كانت شغوفة بقراءتي، والرجل قال لي: عاوزك بعد ما تخلص التلاوة، ونزلت سلمت عليه وعرفته بنفسي، وكان وقتها يترأس الإذاعة المحلية، فتقدمت للإذاعة في وسط الدلتا ثم إلى القاهرة، واستمررت على مدى عام في وسط الدلتا وكنا وقتها في السبعينيات.. وبعد ذلك تقابلت معه فكتب لي طلبا بخط يده للإذاعة وكنت وقتها تعرفت على خاتمة قراء عصره شيخنا الشيخ رزق خليل حبة، وساقتني الأقدار لأقرأ في بلدته، فلما انتهيت من القراءة وهو جالس قال لهم: "اندهولي القارئ اللي خلص، فذهبت وسلمت عليه وسألوني هل تعرف الشيخ: قلت لهم لأ ما أعرفوش.. قالوا هذا الشيخ رزق خليل حبة شيخ عموم المقارئ المصرية ورئيس لجنة المصاحف، وقال لي: أنا معجب بتلاوتك وأدائك وأنت لم تخطئ في شيء، ثم قال لي: تعالى لتختبر في الإذاعة، وذهبت إلى اللجنة وكانت لجنة موقرة من كبار العلماء ومنهم الشيخ متعال عبد المنصور عرفة والإمام محمد سيد طنطاوي، وكانت لجنة عالية القدر، وعندما عرفوا أنني أتيت مع الشيخ رزق خليل حبة تراجعوا عن سؤالي.. وسألني الشيخ عبد المتعال 4 أسئلة، وجاء فيها بكل ما يطلق عليها "المعضلات" وكان السؤال الأول: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ"، وأثناء التلاوة يوقفني عند كل كلمة ويسألني في أحكام التلاوة وهل توجد بها قراءات من عدمه.

والسؤال الثاني كانت من سورة الأعراف: "وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ"، والثالث: وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ"، والرابع سألني: "إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ" من سورة المرسلات.. وأخذ يسألني في الرسم والقراءات، وقال لي بعد كل ذلك السؤال الأخير يا شيخ حلمي: "وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ"، وسألني دي في سورة إيه.. قلت له: سورة الزخرف، وكان الأستاذان أحمد صدقي ومحمود كامل من اللجنة الفنية في اللجنة التي عُقدت وأشادا بصوتي، وقالوا ده ولد كويس لو عاوزين تخلوه الليلة يقرأ لا يوجد أي مانع، فصوته جميل وأداؤه جيد فدخلت الإذاعة، وبعد ذلك دخلت التليفزيون بعد أن سألت اللجنة في كل شيء، وفي أول إذاعة على الهواء تلقيت رسائل ترحيب عديدة.



* لماذا تقدمت باستقالتك من نقابة القراء بعد تاريخك الطويل؟
- هناك أسباب كثيرة دفعتني لتقديم الاستقالة، وذكرتها تفصيلا في المذكرة التي تقدمت بها، خاصة أن العاملين بالنقابة لم يكونوا على دراية كاملة بالنواحي الإدارية، وقانون النقابة يشترط في أعضاء مجلس النقابة أن يكونوا قد عملوا في الجهاز الرسمي للدولة مدة لا تقل عن 10 سنوات، وبالنسبة لأعضاء مجلس الإدارة 3 سنوات، فوجدت العاملين بالنقابة وليس عندهم أي خبرة أو فن في النواحي الإدارية أو الفنية، وحينما رأيت بعض التجاوزات في هذه الأمور نأيت بنفسي، وكان أول تلك الأسباب أن النقابة تعد الآن لا شرعية لها، لأن مدة مجلس الإدارة 5 سنوات، وانتهت في شهر 5 من عام 2015، وكان من المفترض أن تدعى الجمعية العمومية، ويعلن عن انتخابات في الجريدة الرسمية على منصب النقيب وأعضاء مجلس الإدارة، وتركت نسخة مسببة من أسباب الاستقالة في مكتب وزير الأوقاف.

*هل تم التحقيق في تلك الأسباب التي ذكرتها؟
الوزير أحال المذكرة التي تقدمت بها إلى الشئون القانونية بالوزارة ولم يصدر بشأنها أي رد حتى تاريخه.

*ماذا عن دور وزير الأوقاف حيال تلك المخالفات في النقابة؟
صراحة لم أقف لذلك على سبب، علما بأن هذا الكلام ليس بعيدا عنه وليس خفيا عليه، لأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة، لكن إلى الآن لم تجرَ انتخابات بالنقابة التي لا شرعية لها، وما يتخذ فيها من قرارات الآن هي والعدم سواء.

*حدثني عن علاقتك بالشيخ محمد محمود الطبلاوي نقيب القراء؟
العلاقة الشخصية متوقفة، لأن الشيخ محمد محمود الطبلاوي نقيب القراء قال في بعض الجرائد إن الشيخ حلمي الجمل بـ"يعمل من تحت الطبلية" فرددت عليه وقتها بالنظر إلى أسباب الاستقالة التي وردت في استقالتي المسببة، وأنت تعرف من الذي يعمل من "تحت الطبلية"، فالعمل النقابي الذي كنت أقوم به كان معلنا أمام الجميع سواء من الأموال أو التبرعات التي كنت أجمعها من أهل الخير والوقوف أمام الانحرافات وإحالة بعض الموضوعات إلى التحقيق، فليس عندي ما أخفيه، أما هم فالله مطلع عليهم.

*ما الخطوات التي تراها مطلوبة من الجمعية العمومية بنقابة القراء؟
على القائمين في النقابة أن يدعوا لجمعية عمومية طارئة، وإن كانت الجمعية على ثقة من النقابة الحالية ستعيد انتخابها، أما إذا دخل في الترشح شيوخ آخرون فربما ينسحب البساط من تحت أرجل القائمين عليها لقناعة الجمعية العمومية بأن من يدير النقابة ربما يكونون من خارجها.

*هل هناك خوف من إجراء انتخابات داخل النقابة؟
بكل تأكيد هم يخشون ذلك، لأن ما يؤرق الجميع أنه إذا أجريت الانتخابات وطبقت الشروط القانونية التي جاءت بقانون النقابة، ربما لا تأتي الانتخابات بأحد منهم، ومن أجل ذلك نأيت بنفسي عن النقابة في تلك الأثناء وتركتهم يديرونها كيفما شاءوا، ولكن سيأتي الوقت الذي يعاد مجلس النقابة والعاملين عليها، وربما تأتي الانتخابات بأُناس آخرين لديهم الحرص على مصلحة نقابة القراء.



لماذا برأيك؟
ربما يكون قد أفهمه البعض أن ذلك من أجل التجهيز للانتخابات القادمة، لأنه طبقا لقانون 93 لسنة 1983 لا يجوز الجمع بين العمل النقابي وصرف المعاش،فإذا تخليت عن صرف المعاش، ودفعت قيمة الاشتراك السنوي، فهذا معناه أنني أعد نفسي للترشح سواء أمام فضيلة الشيخ الطبلاوي أو غيره.


هل النقابة تخدم القراء خلال الفترة الحالية؟
هي تؤدي دورها ولكن لا أدري على أي وجه معبرا عن ذلك بقوله: "أهي ماشية اجتماعات شهرية وطارئة بتتم".. ولكني بعيد كل البعد عن هذا لأني لست عضوا فيها، وما دامت القرارات هي والعدم سواء ومن يطعن على أي قرار للنقابة من مايو 2015 حتى الآن ينقضي كل ذلك.

*هل حاولت أن تطعن على قرارات النقابة من قبل؟
نعم فعلت ذلك.

لماذا؟
عندما خرج بعض الناس وتكلموا علينا بما لا يليق في بعض الجرائد رفعت قضية وتنازلت عنها قبل الحكم فيها، بعد ضغوط عديدة من جانب شخصيات من داخل النقابة والمستشار القانوني الذي قال لي أنتم أهل قرآن ولا تنسوا الفضل بينكم.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية