رئيس التحرير
عصام كامل

المقاهي ترفع شعار «إذا بليتم فاستتروا» في نهار رمضان

فيتو

قبل نحو سبع سنوات من الآن، كان مقهى الأخوين محمد ومحمود الملاصقة لمحطة مترو محمد نجيب بمنطقة عابدين في القاهرة، تغلق أبوابها طوال ساعات النهار خلال شهر رمضان المبارك، فما إن تبرز الطلة الأولى لهلال الشهر الفضيل، يشرع الإخوان في اتخاذ ما يلزم من إجراءات بشأن زيادة الدخل بالتزامن مع تقليل ساعات العمل، فيلجأون لمضاعفة ساعات عمل المساء لتمتد حتى الثالثة صباحًا، تعويضًا لما فقداه من مكسب خلال النهار، ولكن مع ركود "سوق القهاوي" وفقًا لمحمد، لجأ البعض لمزاولة عمله منذ بداية اليوم، كما اعتاد طوال العام، رافعين شعار "إذا بُليتم فاستتروا".  


"القهوة دي من السبعينات كانت ملك لأبويا وورثناها عنه، من يوم ما كبرنا ووعينا وأبونا اصطحبنا معاه للعمل في القهوة، مكنش فيه حاجة اسمها شغل في نهار رمضان كانت القهوة مقفولة ضبة ومفتاح، ممنوع دخولها"، يتحدث المالك الأكبر لمقهى عابدين، مؤكدًا فتح أبواب المقهى -أخيرًا- أمام الزبائن خلال ساعات النهار، فالعمل قائم كما هو الصبي يقف خلف الحاجز الخشبي يعد القهوة والشيشة ويلبي طلبات الزبائن، "معظم زباينا في النهار بيكونوا موظفين تعبوا من المشاوير بيريحوا ويتسامروا لحد وقت الفطار وأغلبهم من السكان، مش زي باقي السنة المعظم بيكون من برة وسط البلد".  

وجود بعض المفطرين من رواد المقهى، دفع محمد لإحاطة أبواب المقهى من الجهات الثلاث، بأقمشة زرقاء داكنة، تخفي معالم المنطقة من الداخل، مع إدخال كل المقاعد التي تتراص حول المداخل، "بنخلي الشغل على الضيق كدة كام كرسي جوة وبنقفل الباب، أصل ده أكل عيشنا ومش معقول هييجي زبون في نهار رمضان يقول لي عايز كوباية شاي هقوله لا وروح صوم".

لم يكن مقهى عابدين هو الوحيدة الذي اتبع سياسة "إذا بُليتم فاستتروا" خلال ساعات نهار رمضان، ولكن معظم مقاهي منطقة وسط القاهرة، بعد الارتفاع المطرد في الأسعار وعزوف الزبائن عن التردد على المقاهي، لجأت للحيلة ذاتها، وهي مزاولة العمل خلال الساعات الأولى من اليوم الرمضاني، مع وضع ستار في مدخل المقهى وبكل منافذه، حتى تبدو للوهلة الأولى مغلقة "لسه فيه حياء في البلد إحنا عارفين إن يمكن مينفعش قهوة تفتح في نهار رمضان لكن ده شغلنا وأكل عيشنا، في زبون قبطي ممكن يجيي، حد عايز يريح من مشواره والدنيا حر، وكمان بتيجي زباين تناقش شغلها هنا وتروح على الفطار"، يتحدث صاحب إحدى مقاهي شارع الفلكي بوسط القاهرة، رافضًا ذكر اسمه، مشيرًا إلى أن إيهام المارة باتباع المقهى سياستها القديمة بتوقف العمل خلال نهار رمضان، كما اعتاد أصحاب المقهى الأصليين قديمًا، هو المهرب الوحيد لهم من المساءلة والتعليقات الساخرة التي يتعرضون لها طوال الوقت.  

أما "علي ياسين" أحد زبائن المقهى منذ عدة سنوات، فقد اعتاد أن يمر على المقهى ذاته كل يوم بعد انتهاء يوم العمل، حتى خلال شهر رمضان، فيرى أن ظاهرة استمرار العمل في المقاهي خلال نهار رمضان، حديث العهد بمقاهي وسط القاهرة، مرجعًا الأمر لقلة عدد رواد الإفطار التي لا تمكن العاملين من تحقيق الربح المرجو، "الناس دي مينفعش تقفل طول اليوم، هنلاقي المحصلة في النهاية خمس ساعات بالكثير عمل، لكن هما بيعوضوا ده بتقليل نسبة الشغل وعدد الصبيان، بالليل بيكون الزباين بالعشرات وبيعمل نحو خمسة، لكن طول النهار هو شخص واحد بيخدم على الكام زبون".

ياسين أيضًا يؤكد اختلاف زبائن مقهاه المفضل في نهار رمضان مقارنة بالأيام العادية، فطوال العام يتردد على المقهى الموظفون الساكنون في محيط المقهى، بعد يوم عمل شاق يلجأون لها باعتباره متنفسًا أفضل وأوفر، أما هذه الأيام فالمفطرون هم النسبة الأكبر بين الحضور، يتحدث علي مشيرًا إلى أشخاص تجمعوا بالقرب منه  يشربون الشاي والشيشة، "الزباين دلوقتي معظمهم المفطرون، الناس هنا مسمية القهاوي اللي بتشتغل خلال نهار رمضان بقهاوي الكفار؛ لذلك أصحابهم بيلجأوا للستائر دي تداري الموضوع".
الجريدة الرسمية