رئيس التحرير
عصام كامل

شكرا لأطباء مصر والسيخ والمنجل


كانت صور رأس الطفل الذي سقط على سيخ حديدي فاخترقها وسكنها بالكامل مروعة إلى أقصى حد، بفحصها للوهلة الأولى لم يكن يتخيل أكثر المتفائلين أن يكون صاحب هذه الرأس ما زال على قيد الحياة، لكن استطاع فريق من أمهر شباب الأطباء بطنطا في حضور عناية الله وفضله أن يعيدوه للحياة مرة أخرى بجراحة استمرت ست ساعات، حسب ما أكد عميد كلية طب طنطا والطفل الآن سليم معافى وعاد إلى حضن أبويه من جديد..


بعد أيام معدودة من هذه الواقعة ظهرت صور مروعة أكثر لمنجل اخترق رأس طفل آخر في دمياط، وحضرت عناية الله وفضله مرة أخرى داخل غرفة العمليات مع فريق طبي من أمهر أساتذة جراحة المخ والأعصاب فاستطاعوا نزع المنجل بسلام وعاد الطفل هو الآخر لحضن أبويه..

الوقوف عند هاتين المعجزتين كشف لنا المزيد من المعجزات ومنها ما جاء على لسان هؤلاء الأطباء، حيث أكدوا أن تلك الحالات ليست الأولى من نوعها وأنهم قبل ذلك استطاعوا زرع يد أحد العمال بعدما قطعها صاروخ بالكامل وجائهم وهي معلقة على الجلد فقط ووقتها رفضوا بتر يده، وفي جراحة استمرت إحدى عشر ساعة نجح فريق جراحة الأوعية الدموية في زراعتها والعامل الآن يحرك يده بشكل طبيعي..

الواقعتان وغيرهم كثير من الوقائع التي رووها بالمستندات يجعلوننا نجزم بما لا يدع مجالا للشك أن لدينا في مصر أفضل وأمهر أطباء ولا يقلون أهمية عن أطباء كثير يقطع لهم الأثرياء آلاف الأميال بالطيران ليتلقوا العلاج عندهم، ويجعلونا نجزم أيضًا أن المشكلة ليست في الأطباء عندنا بقدر ما هي في الإمكانيات وبقدر ما هي في المتاح والممكن، صحيح هناك أطباء فاشلين وتسببوا بفشلهم في ضياع حياة البعض لكن هذا لا يعني أنها القاعدة ولا يعني أبدًا أن هؤلاء الفشلة لا يوجد مثلهم في أوروبا والدول المتقدمة..

الطبيب المصري يقضي كل سنين شبابه تقريبًا في الدراسة والمذاكرة والعمل الدءوب وسط ضعف شديد في الإمكانيات وضعف أشد منه في العائد المادي وضعف أشد من هذا وذاك في تأمين حياته بحمايته من خطر العدوى وخطر اعتداء بدني معرض له في أي وقت، لا يلتقط أنفاسه ولا تستقر حياته "ماديًا فقط" إلا بعد سنين طوال وشقى وتعب بلا حدود، للمرافقة ظهرت منذ أيام صور لطبيب شاب "وشه متخرشم"، أبرحوه ضربًا أهل مريض جاءوا به للمستشفى في حالة خطرة ولم يجدوا مكانا في غرفة العناية المركزة له فطاحوا فيه..

واقع مأساوي نتمنى تغييره بنظرة تقدير واحترام أكثر لأطباء مصر الكرام، نشكرهم ونشكر السيخ والمنجل الذين أنصفوا من تعودنا على تعليق كل أسباب المشكلة على شماعتهم وتحميلهم أكثر مما يحتملون، نتمنى تعديل أوضاع الأطباء هنا للأفضل ولو قليلًا، نتمنى توفير المناخ اللازم ليعطونا كل ما في وسعهم من خدمات لا تقدر بثمن، نتمنى تقديرهم معنويا وإبراز مجهودهم وتناوله في الإعلام حتى يشعروا أننا على الأقل نقدر دورهم وهذا أضعف الإيمان..

نتمنى توفير الحماية الأمنية لهم داخل المستشفيات فلا يتجاوز أحد في حقهم لا قولًا ولا فعلًا وهذا أيضًا أضعف الإيمان، كل التحية والتقدير للدور العظيم الذي يقوم به أطباء مصر وكل الاعتذار لمن دفع منهم بالحسنة وقوبلت بالسيئة عن جهل أو عمد..
الجريدة الرسمية