رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تعذيب المعاقين في عام المعاقين (4)


نشرت "فيتو" قصته، التي قد تبدو قصة عادية، نصادف مثلها في اليوم الواحد العشرات، لكن حقيقة الأمر أن هذه القصة تكشف عن مدى الغبن والظلم الذي يواجهه متحدو الإعاقة وأهلهم في مصر.. هو محمد أنور، 28 عامًا، شاب مبتسم دائمًا لم تستطع إعاقته البصرية، أن تقف عائقًا أمامه، ليتخرج في كلية الآداب عام 2012، حاملًا ليسانس التاريخ، وليعمل في مدرسة النور للمكفوفين ببنها، والمأساة أنه يتقاضى 2 جنيه نظير الحصة الواحدة، في مشهد لا تراه في دولة متقدمة تقدر قيمة العلم والعمل.


بعد تخرجه في الجامعة اعتقد أن مكانه في مدرسته ليعلم طلابًا لهم نفس ظروف إعاقته البصرية، فصدمته مدرسته بأنه لا يوجد مكان له، وأن الأصحاء احتلوا كل الأماكن، فكان الحل أن يدرس بنظام الحصة هو وعدد من زملائه من خريجي التخصصات المختلفة في شكل حصص إضافية، تكون بعد نهاية اليوم الدراسي، منذ 6 سنوات، وحتى الآن، بل ولديه زملاء في المكان منذ أكثر من 10 سنوات، أيضا يحصلون مثله على 2 جنيه نظير الحصة الواحدة بمعنى أن دخلهم في الشهر 20 جنيهًا.

وقد سمع من المسئولين بالمدرسة أن هناك زيادة خلال الفترة المقبلة في أجر الحصة لتتراوح بين 8 و10 جنيهات، فأوضحت له الإدارة أنه في تلك الحالة سيتم تخفيض عدد الحصص لأن ميزانية المدرسة لا تسمح بل من الممكن طردهم نهائيا.. يقول أنور إنه لم يتعود على الشكوى، بل تعود على التأقلم مع الظروف المحيطة ولو كان الواقع مؤلمًا والاضطهاد المجتمعي لفئتهم أكبر من الوصف.

ويتساءل أنور عن حقوق ذوي الإعاقة التي كفلها لهم الدستور والقانون ونسبة الـ 5% التي تتيح لهم تقلد الوظائف الحكومية، متعجبا من عدم تطبيق هذا النص على أرض الواقع، حيث استولى الأصحاء على أماكن المعاقين.

يتساءل محمد أنور، وغيره ممن لهم مثل ظروفه، ألم يكن على الدولة أن توفر الدولة لنا وظائف لتعيننا على مواصلة الحياة؟! أليس لنا الحق في الزواج والاستقرار وتكوين أسرة؟!

أنور يحاول تنمية مواهبه الفنية بمجهوده الذاتي، من خلال التدريب على "العود" بدار الأوبرا المصرية، وهو مشروع آخر يسير فيه جنبًا إلى جنب مع التدريس، حيث رأى في الموسيقي عالمًا آخر ينقله من عالمه المؤلم إلى دنيا أكثر سعادة ورقيًّا ومشاعر تخترق الكيان، ولا تحتاج إلى مسئول أو مساعدة لتصل إليك.

أنور يكافح في هذا الاتجاه ليصبح عازفًا مشهورًا، ويذهب يوميًّا إلى دار الأوبرا بالمواصلات العامة ذهابًا وإيابًا، دون أي مرافق فيكيفه نور قلبه ليضيء له الطريق.

كارثة جديدة تعدها الحكومة لذوي الاحتياجات الخاصة خلال الشهور القادمة.. وهي إلغاء الإعفاء الجمركي للسيارات المستوردة المجهزة خصيصًا لهم.. والذي كان بمثابة ميزة وحيدة يتمتع بها المعاقون.. إلا أن الحكومة ارتأت أنهم لا يحق لهم التمتع بأي ميزة فقررت حرمانهم منها.. وللعلم فإن الميزة لا تتوافر لكل المعاقين، سوى الموسرين منهم.. وسيلة جديدة لتعذيب المعاقين في عام المعاقين!
Advertisements
الجريدة الرسمية